إذا أردت أن يهوي عقلك في الجنون فأهلا بك في الوطن العربي. وإن سألوك عن الطّريق إلى الهلاك، فلا تتردّد في إخبارهم أنّه هناك وإن كان هناك وطن عك فليس غيره.
شهدت العاصمة الفرنسيّة منذ أيّام لقاء وصفه الرّئيس الفرنسيّ الشّاب إيمانويل ماكرون بالتّاريخيّ، حول الأزمة اللّيبيّة بحضور أهم أربع شخصيّات ليبية. وهي شخصيّات لا يعترف بعضها ببعض! وهم فايز السّراج رئيس حكومة الوفاق الوطني وخالد الشّمري رئيس مجلس الدّولة الّذي أعلن صراحة في السّابق أنّه من الإخوان المسلمين، وأنّه لن يعترف بحفتر. ومن جهة أخرى المشير خليفة حفتر ورئيس مجلس النّواب عقيلة صالح الّذي قال إنّ حفتر خط أحمر وحكومة السّراج مرفوضة!
الفرقاء اكتفوا بإعلان مبادئ من ثمان نقاط تخلص إلى إقامة إنتخابات نهاية العام الحالي، يتقبّل نتائجها جميع الأطراف دون أن يوقّعوا على وثيقة ملزمة بالاتفاق! وكأنّهم يحتاجون ألا يوقعوا ليتهربوا من اتّفاقهم! فالشّيء الوحيد الّذي يتفق عليه العرب كما تتندّر عليهم شعوبهم هو ألّا يتفقوا !
بمجرّد عودة هذه الأطراف إلى ليبيا بعد نزهة الإليزيه، أعلن خالد المشري أنّ خليفة حفتر مطلوب من قبل النّائب العام اللّيبي بتهمة الانقلاب. وهكذا أخبر الرّئيس ماكرون وأنّ جلوسه معه بسبب قوّة الأمر الواقع وليس له أي شرعيّة! فيما أعلن مصدر في الجيش اللّيبي الّذي يسيطر عليه المشير خليفة حفتر أنّ الجلوس مع الفرقاء لا يعني أنّهم اتّفقوا!
البلد الغارق في الفوضي منذ سقوط نظام الرّئيس السابق معمر القذافي فبراير 2011، يذهب قادته بمختلف مسمياتهم للتّنزه في الإليزيه. ويعودون إلى وطنهم ينثرون شظايا الفتنة، وليس من يدفع الثّمن سوى الشّعب اللّيبي الذي يعوم وطنه في بحر من الثّروات، ويعاني جراء هذه الانقسامات بين قادته الّذين يحتمون داخل أحزمتهم الخضراء!
حكاية الوطن الليبي هي قصة نظرائه في الوطن العربي المكررة صراع علي السلطة بين زعمائه وجماعاته فيما يعاني الشعب البلاء والغلاء, حكاية زعماء يرفعون دائما شعار أنا أو الفوضي ويذهب الوطن للجحيم!