على خطى الرّئيس الأمريكيّ دونالد ترامب وبنفس نهجه، نجح مرشّح اليمين جاير بولسونارو في الإنتخابات الرّئاسية البرازيلية الّتي أقيمت مؤخّراً في البلاد بعد انتصاره علي مرشح اليسار فرناندو حداد بحصوله على ما يقارب 55% من الأصوات مقابل 45% لحداد. الذي ترشّح بديلاً للرّئيس البرازيلي الأسبق لولا دي سيلفا الّذي يقضي فترة عقوبة بالسّجن لاتّهامات فساد.
وقد قال إنّها مكيدة دبّرت له من قبل القوى الإمبريالية والرأسمالية ليودع اليسار البلاد الذي حكمها منذ خمسة عشر عاماً. منذ تولّي الرّئيس سيلفا الحكم عام 2002 وصعوده بها إلى أحد أكبر عشر اقتصاديات في العالم!
ربما كان سقوط اليسار في البرازيل وصعود اليمين مفاجأة بالنسبة لغير المتابعين. لكن جميع المؤشرات واستطلاعات الرأي في البرازيل كانت توحي بانتصار بولسونارو المرشح اليميني الذي يلقبه كثيرين بترامب الاستوائي.
لا شك أن الفساد الذي أطاح بالرئيسة السابقة ديلما زوسيما، الذي عادة ما يصاحب الأنظمة اليسارية والمركزية. كان له دور كبير في نجاح المرشح اليميني وتنحي اليسار جانباً على الاقل لأربع أو ثماني سنوات قادمة .
كذلك كان لمداعبة مشاعر الناخبين الدينية من قبل المرشح اليميني ذي الخلفية العسكرية دور في جلب نسبة لا بأس بها من أصوات الناخبين فقد صرح أكثر من مرة أنه سوف يحكم البرازيل بالكتاب المقدس!
فهذا النوع الرخيص والعنصري من الدعاية الإنتخابية موجود في العالم كله حتى أعتى الديمقراطيات في العالم مثل الولايات المتحدة الأمريكية. فالأمر لا يقتصر علينا في الوطن العربي وإن كان تأثيره محدوداً فالرئيس البرازيلي الجديد مثلاً، لم يحصل إلا على 55% من أصوات الناخبين .
أما في مصر مثلا في الانتخابات البرلمانية النزيهة الوحيدة التي أجريت في البلاد عقب ثورة يناير مباشرة، فقد حصلت الأحزاب التي ترفع شعارات دينية وعنصرية على ما يقارب 77% من أصوات الناخبين وغالبية ال23% الباقية كانت من أصوات الأقليات !
وهذا نفس ما حدث في الجزائر في أوائل تسعينيات القرن الماضي.
وهذا ما سيحدث في غالبية الدول العربية أيضاً بما فيها موريتانيا لو أجريت أنتخابات نزيهة حيث سيحصل حزب التواصل الإسلامي على نصيب الأسد. فالبيئة في الوطن العربي لأسباب كثيرة مهيأة تماماً لمثل هؤلاء.
بالعودة لأكبر دول أمريكا الجنوبية وخامس أكبر دولة في العالم من حيث المساحة، فإنّ نجاح اليمين بها هو في اعتقادي دليل على نجاح سابق لليسار والرئيس لولا دي سيلفا بها ! فقد نجح سيلفا بفضل سياسته الإشتراكية السديدة في إخراج أكبر عدد من البرازيلين من خط الفقر بوتيرة لم تعرفها أي دولة في العالم من قبل سوى الصين ويحقق معدل نمو أقتصادي غير مسبوق عالميا وضع البرازيل أحد أكبر أقتصاديات العالم .
وهؤلاء الذين خرجوا من خط الفقر ليسوا بحاجة الان لنفس هذه السياسات الإشتراكية التي تحدهم وتحجم طموحاتهم في الثراء السريع.فأغلب التجارب أثبتت أن الدول عادة لن تبنى إلا باليسار وغالباً لن تتقدم الا باليمين !
فربما بالفعل تشهد البرازيل في عهد الرئيس اليميني الجديد انطلاقة اقتصادية ثانية كبرى لكن بالطبع سوف يكون ضحيتها من ما زال يعاني في خط الفقر أو تحته!