نصت المادة (20 جديدة /ف 3) من القانون رقم 2018-031 المتضمن تعديل بعض أحكام القانون رقم 2012-024 الصادر بتاريخ 28 فبراير 2012 المعدل لبعض أحكام الأمر القانوني رقم 91-024 الصادر بتاريخ 25 يوليو 1991، المعدل، المتعلق بالأحزاب السياسية على :" يتم بقوة القانون حل كل حزب سياسي قدم مرشحين لاقتراعين بلديين اثنين وحصل على أقل من 1% من الأصوات المعبر عنها في كل اقتراع. أو الذي لم يشارك في اقتراعين بلديين اثنين متواليين. ...
يلاحظ هذا الحل بمقرر من الوزير المكلف بالداخلية على ضوء النتائج النهائية للانتخابات البلدية. "
على ذلك يعتبر التأريخ الفعلي لحل الأحزاب طبقا لهذه المقتضيات هو لحظة صدور نتائج الشوط الأول من الانتخابات البلدية نهائية محصنة بعدم الطعن. أو بعد البت فيه وفق الآجال المحددة في (المادة 22) من القانون النظامي رقم 2012-027 الصادر بتاريخ 12 ابريل 2012 المتعلق بإنشاء اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات التي نصت على :"...يبت المجلس الدستوري أو المحكمة العليا، حسب الحالة، نهائيا في أجل أقصاه 15 يوما اعتبارا من تاريخ تعهده بالطعن...".
ليس من الوارد، والحالة هذه، أن تتصدى المحكمة العليا للطعون المثارة بمناسبة صدور مقرر وزير الداخلية بحل الأحزاب السياسية التي وقعت تحت طائلة مقتضيات الفقرة الثالثة من المادة 20، سالفة الذكر، لاعتبارات عديدة منها :
1- أن الحل المبرر للطعن هو الذي بوبت عليه المادة 26 من الأمر القانوني 024-91 بتاريخ 25 يوليو المتعلق بالأحزاب السياسية، المعدل، التي قضت أن :" يتم الحل بواسطة مرسوم صادر عن مجلس الوزراء بناءا على تقرير من الوزير المكلف بالداخلية.
ويجب أن يكون المرسوم مسببا.
ويمكن أن يكون محلا للطعن أمام المحكمة العليا التي يجب أن تبت في ظرف الشهر التالي لتسلمها لعريضة الطعن."
2- أنه خلافا لذلك يتعلق الأمر هنا بمقرر كاشف لما أسفرت عنه النتائج، وليس أكثر من ذلك، فليس له من تسبيب ولم يداول من جهة إصداره؛ بل هو انفاذ لحل بقوة القانون مؤسس على إعلان النتائج النهائية للشوط الأول من الانتخابات.
3- أن تلك الأحزاب إما انها استنفذت طعنها أمام المحكمة العليا نفسها، أو أنها فرطت في حقها فيه؛ بعدم مراعاة آجال الطعن. وفى كلتا الحالتين يرتب ذلك نهائية النتيجة التي تعد الحيثية الوحيدة لمقرر ملاحظة الحل الذي يحمله مقرر وزير الداخلية.
4- وفق ما تقدم لا يبقى من مجال لتصدى المحكمة العليا للطعن في مقرر الحل خارج حالة الخطإ المادي؛ كاعتماد نتيجة تدخل حزبا أو تخرج آخر قائمة المشمولة بالحل من الأحزاب وهو ليس بحسب نتائجه النهائية المثبتة كذلك.
5- أن ما يثار حول صعوبة احتساب نتيجة كل حزب على حدة في ظل التكتلات الحزبية في الانتخابات غير مبررة؛ باعتبار الخبرة المتحصلة من الشق المتعلق بتمويل الأحزاب المنظم بالمادة 20 نفسها في فقرتها الأولى :"...يمكن للأحزاب أو تجمعات الأحزاب السياسية المعترف بها قانونا والحاصلة على نسبة 1% على الأقل من مجموع الأصوات المعبر عنها على المستوى الوطني إبان الشوط الأول من آخر انتخابات بلدية عامة، أن تستفيد من مساعدة مالية من الدولة يدرج مبلغها في قانون المالية..."
إن تلك التكتلات قد ارتضت اقتسام النتيجة ومن العدل أن تعامل وفق ذلك، فتقسم الأصوات بينها ويضاف نصيبها في الدوائر المشتركة لما تحصلت عليه منفردة مقاسا إلى العدد الكلي للمصوتين، ثم (لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ)
أكثر من ذلك فإن مقرر الحل يسري بأثر رجعي من لحظة إعلان النتيجة النهائية للشوط الأول، وتعتبر كل التصرفات التي أقدمت عليها الأحزاب المشمولة بالحل من ذلك التاريخ بلا أثر قانوني، أو هي من قبيل العمل المادي ليس أكثر.
ويمكن أن يتعرض من باشروا إدارة وقيادة تلك الأحزاب للعقوبات المقررة وفقا (للمادة 27) من الأمر القانوني 91-024 بتاريخ 25 يوليو 1991 المتعلق بالأحزاب السياسية، المعدل،
ذلك الظاهر من مجمل النصوص الناظمة لحالة حل الأحزاب تلك، لكن في إطار فلسفة النص يظل السجال مفتوحا بين من يبررون اعتماد الحل في حق الأحزاب التي تعجز عن تأمين نسبة واحد في المائة من الأصوات المعبر عنها في الشوط الأول. أو الممتنعة عن المشاركة فيها لاستحقاقين بلدين متتالين، وبين من يرون في ذلك ممارسة غير لبرالية :
يرى أنصار اعتماد وإعمال هذه المقتضيات أن : -
-أن ترشيد الحياة الحزبية والنأي بها عن العبث يبرر اخراج العاجزين عن تأمين نسبة واحد في المائة من الناخبين في اقتراع غير سياسي لصيق بالمواطنين هو البلديات ولمرتين متتاليتين، من الحياة الحزبية.
-أن مقاطعة الاستحقاقات البلدية لمرتين متتاليتين أو عدم الحصول على نسبة تساوى واحدا في المائة يعنى كذلك مقاطعة أو عجزا عن مجرد خوض انتخابات مجلس الشيوخ -يوم كان شيوخ-وحتى الاستحقاقات الرئاسية على اعتبار انتخاب المستشارين البلديين للشيوخ يوم كان شيوخ ومجلسهم. والحاجة لتزكية المستشارين والعمد للترشح للرئاسة "لا يقبل الترشح لرئاسة الجمهورية إلا بعد الحصول على تزكية مائة مستشار بلدي على الأقل من بينهم خمسة (5) عمد ويجب أن يكون هؤلاء المستشارون ينتمون لأكثرية الولايات. كما لا يمكن لأي منتخب أن يزكي أكثر من ترشح واحد " (المادة 5 / جديدة) من القانون النظامي 2009-021 بتاريخ 2 إبريل 2009 المعدل لبعض أحكام الأمر القانوني 91-027 بتاريخ 7اكتوبر 1991 المتضمن القانون النظامي المتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية
ما يعنى فعليا مقاطعة الحزب للحياة السياسية وخروجه منها عمليا بإرادته.
أما الذين يعتبرون في الحل لتلك الاعتبارات حجرا غير مبرر على الحرية الحزبية فيرون :
-أن القانون وهو يحدد المطلوب لتأسيس حزب سياسي اكتفى بمجرد عشرين شخصا (المادة 7) من الأمر القانوني 91-024، فكيف يحل الحزب بمناسبة حصوله على عدد أكبر من ذلك حتى ولو لم يصل لنسبة واحد في المائة من المصوتين !
-من مشتملات حرية الاقتراع تأتى بداهة حرية الامتناع عن المشاركة في الاقتراع "المقاطعة".
- الامتناع عن المشاركة هو كذلك وسيلة لحجب الشرعية التي هي حق وأداة للأحزاب تناور بها، وتجريدها منها يكون لمصلحة طرف اجحافا بالآخرين.
واضح أن فلسفة النص تحتمل النقاش. أما الطعن في الحل بعد صدور مقرر وزير الداخلية فهو خلاف ذلك :
* طعن في غير محله : لأن المقرر ليسا منشئا بل كاشفا للحل،
* وهو كذلك طعن خارج الأجل : لأنه جاء بعد تحلية النتائج بالنهائية.
* إضافة لهذا وذاك هو طعن قد يعرض صاحبه للمساءلة القانونية : متى عد تصرف القائم أو القائمين به مواصلة لدور ريادي في حزب قرر القانون حله (المادة 27 /ف2) من القانون 91-024 المتعلق بالأحزاب السياسية.