صدر ضمن منشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ـ إيسيسكو- كتاب جديد بعنوان ) قراءات في وثيقة مكة المكرمة). ويتضمن الكتاب الذي يقع في 55 صفحة ، تقديما للدكتور سالم بن محمد المالك ، المدير العام للإيسيسكو ،ومقالات تحليلية لمضامين وثيقة مكة المكرمة ، أعدها عدد من المسؤولين والخبراء في الإيسيسكو.
كما تضمن الكتاب ملحقا خصص لنشر النص الكامل لهذه الوثيقة التي اعتمدها عدد كبير من العلماء والمفكرين من مختلف المذاهب والطوائف، المشاركين في المؤتمر الإسلامي الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة خلال الفترة من 27 إلى29 مايو 2019 حـول (قيم الوسطية والاعتدال في نصوص القرآن والسنة)، تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود.
وقال المدير العام للإيسيسكو، في تقديمه للكتاب: “ لقد جاءت وثيقة مكة المكرمة في اللحظة التاريخية المناسبة التي تتزايد فيها الحاجة وتشتد إلى التجديد في صياغة الأحكام الشرعية ، والمبادئ الإنسانية ، والقيم الأخلاقية التي جاء بها الإسلام ،وفق أحدث طرق المعالجة القانونية للمواثيق الدولية التي تؤسس للأنظمة القانونية ذات البعد الدولي نحو بناء السلام العالمي ، وصون حقوق الإنسان على أساس من قيم العدالة والإنصاف والمساواة " وأكد المدير العام للإيسيسكو أن الوثيقة أرست الدعائم لمنظومة من المبلادئ التي يقوم على أساسها النظام العالمي الجديد الذي تتطلع الإنسانية إلى أن يكون القاعدة الراسخة للعلاقات الدولية .وأوضح أن الوثيقة لسيت وثيقة دينية فحسن ، ولكنها وثقية مدنية ، وقانونية ، وحقوقية ، وإنسانية ، تهدف إلى ايجاد الوسائل العملية لإقرار الوئام بين البشر ، ولتعزيز التفاهم والتعايش والحوار ..
يذكر أن وثيقة مكة المكرمة دعت إلى التصدي لممارسات الظلم والصدام الحضاري وسلبيات الكراهية، والتنديد بدعاوى الاستعلاء البغيضة. وشددت على أن التنوع الديني والثقافي في المجتمعات الإنسانية لا يُبرر الصراع والصدام، بل يستدعي إقامة شراكة حضارية إيجابية ، كما دعت إلى الحوار الحضاري بصفته أفضل السبل إلى التفاهم السوي مع الآخر، والتعرف على المشتركات معه، وتجاوز معوقات التعايش، والتغلب على المشكلات ذات الصلة. وطالبت الوثيقة، بسن التشريعات الرادعة لمروجي الكراهية، والمحرضين على العنف والإرهاب والصدام الحضاري، كما دعت إلى مكافحة الإرهاب والظلم والقهر، ورفض استغلال مقدرات الشعوب وانتهاك حقوق الإنسان.واعتبرت الوثيقة أطروحة الصراع الحضاري والدعوة للصدام والتخويف من الآخر؛ مظهرا من مظاهر العزلة، والاستعلاء المتولد عن النزعة العنصرية، والهيمنة الثقافية السلبية. والانغلاق على الذات. وحذرت من أن ظاهرة “الإسلاموفوبيا” وليدة عدم المعرفة بحقيقة الإسلام وإبداعه الحضاري وغاياته السامية. كما أكدت على ترسيخ القيم الأخلاقية النبيلة، ودعت إلى تحصين المجتمعات المسلمة، والأخذ بها نحو مفاهيم الوسطية والاعتدال، واحترام المواطنة الشاملة . وأقرت “وثيقة مكة المكرمة” مبادئ التمكين المشروع للمرأة ورفض تهميش دورها، أو امتهان كرامتها، ودعت إلى العناية بالطفل صحياً وتربوياً وتعليمياً، وتعزيز هوية الشباب المسلم وحمايته من أفكار الصدام الحضاري والتعبئة السلبية ضد المخالف، والتطرف الفكري بتشدده أو عنفه أو إرهابه، وتسليحه بقيم التسامح والتعايش بسلام ووئام. وأوصت الوثيقة بأهميةَ إيجادِ منتدىً عالميٍّ (بمبادرة إسلامية) يعنى بشؤون الشباب بعامة، يعتمد ضمن برامجه التواصل بالحوار الشبابي البناء مع الجميع في الداخل الإسلامي وخارجه؛ تلافياً لغيابٍ مضى أحدث فراغاً، وعاد بنتائجَ سالبةٍ.
ودعت الوثيقة إلى تجاوز المقررات والمبادرات والبرامج كافةً طَرْحَها النظـري، وبخاصة ما يتعلق بإرساء السلم والأمن الدوليين، وإدانة أساليب الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي، والتهجير القسري، والاتجار بالبشر، والإجهاض غير المشروع. وأكدت الوثيقة أن لا يُبْرِم شــأن الأمة الإسلامية، ويتحدَّث باسمها في أمرها الدينيّ، وكل ذي صلة به إلا علماؤها الراسخون في جمع كجمع مؤتمر هذه الوثيقة، وما امتازت به من بركة رحاب قبلتهم الجامعة.