واجه بعض كتابنا و أصحاب الرأي فينا قرار الدبلوماسية الموريتانية القاضي بقطع العلاقات مع دولة قطر الشقيقة، واجهوه بحملة انتقادات لاذعة، تقمص خلالها بعضهم دور الفقيه في العلاقات الدولية، و لم يتردد آخرون في الكلام وكأنهم تقاعدوا من السلك الدبلوماسي.
المشكلة الكبرى في كتابة الشهادات أو في كتابة المذكرات الشخصية هو تفرغها للأحداث والتفاصيل والمعاينات، وعدم القدرة على تمكنها من أدب ولغة فخمة يستحقها الذين نكتب عنهم علينا وعلى الوطن، وهذه مشكلة حقيقية أواجهها في محاولتي للكتابة أو الحديث عن الراحل الشهيد اسويدات ولد وداد رحمه الله، ومن البداية ليعذرنا الشهيد إن لم نقدر أن نوفيه من الكلام حقه.
لم تعدم المنطقة العربية يوما أزمة من الأزمات فمنذ زرع الكيان الصهيوني في خاصرة الأمة الاسلامية وهي تشهد الكثير من التجاذبات والأزمات والتي تحولت في بعض الأحيان إلى صراعات وحروب تأخذ تارة طابعا استراتيجيا وتارة طائفيا وتتعدد الأسباب بتعدد الظروف والحيثيات.
نتحدث في هذه الخواطر عن تداعيات هذه الأزمة على الوحدة العربية، و مواقف مؤسسات العمل العربي المشترك منها، و البيانات الصادرة عن بعض الحكومات العربية، و تناول بعض وسائل الإعلام العربية لها بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي.
التداعيات:
مزيد من الانشقاق و التمزق في الصف العربي، الأمر الذي يصب في مصلحة أعداء العرب.
لا يحتاج العرب وقد استبد بهم اليأس وقهرهم التخاذل معالجةً لمحنهم ونكساتهم المتجددة عبر حث الخطى في طريق جربوا أنه لا يوصل إلا إلى مزيد من التدابر والخلاف اللذينِ يمدهم الماضي القريب بذخيرة لا تنتهي ويشحنهم الحاضر المستنفر المتيقظ بوعي سياسي شقي بما يكرر الرهان على لعبة شد الحبال المميتة و حسابات فات أوانها لم تعد تصلح إلا للتسميم الذاتي وتدمير ما بقي
رحل إلى جنة الخلد بإذن الله علمنا وعالمنا أحمد بن باباه المعروف "بأحمد ولد بتار" ثمرة أعلام العلماء والأدباء، شيخنا وابن عمنا الكبير العالم الجليل والشاعر الشهيرصاحب المحامد والمأثر الجمة وحامي حمى الديار والأب الحنون :
أخ وأب لي ثم أمّ شفيقة ... تفرّق في الأحباب ما هو جامعه
سلوت به عن كلّ من كان قبله ... وأذهلني عن كائن هو تابعه
بصرف النظر عن خلفيات الأزمة القائمة بين دولة قطر وبعض الدول العربية، فإنّ إغلاق الحدود البرية والجوية والبحرية بين قطر والدول التي قطعت علاقاتها بها، لا يساعد على حل المشكلات العالقة عن طريق الحوار والتفاهم (وهو الوضع الطبيعي)، وليس من مصلحة أيّ طرف، بل إنّ ضررَه يُعَد أكبرَ من نفعه...
يبدو أن العواصف والزلازل، التي بدأت تعصف بالمنطقة العربية- منذ أن أحرق البوعزيزي نفسه- وظلت تحكمها آلية الفعل والفعل المضاد، قد ولدت مآسي وحروبا أحرقت الأخضر واليابس في بعض البلدان العربية.. ونسفت ما تبقى من مظاهر الدولة في مناطق أخرى، وهيأت بلدانا أخرى للتصنيف ضمن الدول الفاشلة.