ثعلبة زمن الغولمة.. | صحيفة السفير

ثعلبة زمن الغولمة..

جمعة, 27/09/2019 - 13:15
الحسـن عبد الرحمن بنموساتـــي. باريس/فرنسا

بعد عمر طويل، حط الرحيل .. بعد أن تحقق حلمه وجادت عليه السماء بما كان يلهث وراءه من المال ويعشق من الغلمان. أهدى كوخـه لسنمار دربه. وتبرع بعولته على الأشعب جاره.

أحرق جميع أغطيته. وتصدق بمالبسه البالية على فقيه حارته نوح.. لم يتـرك غيـر قميص عمه "حمو"

و سرواال روميا ورثه عن شقيقه المقيم في "كاتالونيا" وحذاء فريدا أهداه إياه جده "محند" الملقب بـ"الغوتي"، الذي مات حسرة على حاله، وهو ذاك الزعيم الأندوشيني.
كانت الفرحة تفوق التصور.

الواقع الجديد أجل وأعظم من أحالم كبيرة، راودته قبل سنين طويلة، ظل فيها ملتصقا بالكراسي الخشبية حتى اهترأت مؤخرته. كان يردد دائما بعد ختم كل دعاء، رغم قلة نيته وفساد عقيدته، اللهم أغثنا بكرمك وجودك.
فكان له ما كان من شأن تلوكه ألسنة األعداء قبل األصدقاء. لم يمهل الزمن برهة للمكاشفة... بسرعة البرق، قص شنبه الكثيف المنتفض.

وتخلص من شكله القديم وزوجته "شامة"، وتبرأ من والدته المعتوهة. وأعدم ماضيه وكل جميل في ذاكرته ،رغم أن اللقطاء، كما كانت تردد دائما جارتنا " اعويشة "، هم الوحيدون الذين يحق لهم أن يتنكروا لماضيهم، ألنهم، أصال، ال ماضي لهم ...لكن، لهم اهلل حسب مدونة الأسرة، كما هو لنا جميعا.
آثار نعمة العهد الجديد بادية على تقاسيم جغرافية وجهه الأجوف الطويل.. لا يدخل
المسجد إلا مرغما لقضاء الحاجة، أو منافقا لأداء صلاة بعض رجال السلطة... لقد عرف الله هذا العفريت النفريت مرتين: الأولى حينما كان معدما يقتات بما عافه صاحبه
نوح، فقيه المسجد الذي ضاجع جميع نساء الحارة. والثانية حينما فعل "حزب الله" فعلته في جنود "المارينز".
وقتذاك، التمس من الفقيه "نوح" أن يحدد له موعدا مع (...) ليعرض عليه طلبه للانضمام إلى حزبه. فشتمه الفقيه وهجاه وقبح فصيلته. وطلب من الله أن ينزل عليه لعنته وغضبه، ويمسخه ليستحيل قردا أجرب. والقرد في مخيلة جدتي، رحمها الله، أصله إنسان، لكن الله مسخه لأنه توضأ (باللبن). !.

بات يبحث عن المكانة الالئقة بـ"الشخشية" الجديدة، ويرغب في أن يكون "شياشيا" كبيرا بمنطق بعيد عن حسابات الايدولوجيا... وتيقن أن ذلك لن يتأتي إلا بالرحيل.. الرحيل إلى مكان جديد .
وقبل أن يرحل ـ ذات مساء يوم بارد ـ سألتــه عن السياســة، فأجابني: هي كثـرة الكلام وتفنــن "التمقليع" وأشياء أخــرى.. وما هي هــذه الاشياء الاخــرى؟... هي الغمـوض
والاعوجاج وتوزيع الوعود والإكثار من موائد الدجاج.. قلت له ماذا ينقصك؟ قال:
بعضا مــن البــرلمان وشيئا من الاوسمـــة وكثيرا من "التقار".