يوم في مخفر الشرطة : في الصباح الباكرايقظنا ذلك السيد (السيد) وطلب منا أن نلحق به في الدكان فوجدناه قد هيأ الشاي وشرائح لحم مشوية ومذيق بارد وبعد أن أكملنا فطورنا اصطحبنا إلى الشارع وبقي معنا حتي ركبنا وتحدث مع السائق كي يوصلنا مقصدنا ثم ودعنا متمنيا لنا السلامة دون أن يبوح لنا بشئ سوى أنه من سكان مدينة كرو في الوسط الموريتاني .
لم تكن المسافة الفاصلة مدينة (بولا) والعاصمة (بيساو) تبلغ أكثر من ستين كيلومترا والطريق كان معبدا، لذلك وصلنا مبكرا ، لذلك وصلنا مبكرا فطلبنا من السائق أن ينزلنا في السوق لعلنا نجد أحدا يمكننا التواصل معه ويدلنا على مكان وجود مكتب البوليساريو ، لكن كل الذين التقيناهم يبدو ان لا علم لهم بوجود أي شئ سوى ما هم فيه من بيع وشراء فقررنا أن نبحث عن السفارة الليبية لعلمنا أن ليبيا يومها تعد من أهم الداعمين للبوليساريو وربما لأن بعضنا يعتنق "النظرية العالمية الثالثة" و ليبيا بالنسبة له مفتاح الفرج لكل التائهين .
في الطريق وأعيننا في الأعلى بحثا عن راية خصراء قابلتنا بوابة معسكر يحرسها جندي فارتأى أحدنا أن ذلك الجندي هو من سيدلنا على الطريق وليت الذي ارتأى منا الرأي ما ارتأى فحين سألناه أشار لنا بأن ننتظر ثم سد البوابة ودخل وكنا نعتقد أنه ذهب ليحضر من سيرافقنا ، لكنه لم يعد حتي كانت سيارة لاندروفير تقف أمامنا وينزل منها جنود ويأمروننا بالصعود ومع أن الأمر جاء مفاجئا وصادما إلا أننا لم نرتبك وصعدنا بهدوء ثم صعد الجنود معنا باسلحتهم ثم انطلقت السيارة وبعد عدة دورات دخلوا بنا من باب خلفي لمخفر للشرطة وأمرونا بالنزول ثم ساقونا إلى الداخل لنجد في استقبالنا من بدا أنه آمر المخفر وكان لحسن الحظ يتكلم الفرنسية وحين بدأ متحدثنا (أمان ولد الخالص) يروي له قصتنا وقبل أن يوضح له أي شئ رن هاتف مكتبه فرد على المتصل وخرج مسرعا بعد أن أمر شرطيا بحراستنا وأن يسد الباب .
مرت عدة ساعات ونحن في وضع لا أعتقد أن أحدا يحسدنا عليه ، نحن مخفر للشرطة وشرطي يقف فوق رؤوسنا ولا نعرف سبب إقافنا ، آمر المخفر ذهب ولم يعد ، الشرطي الذي يحرسنا رفض السماح لأي منا بالخروج من أجل شراء السجائر التي نفدت منا ويومها كان ثلاثة منا من كبار آكليها حتى لا أقول من مدخنيها وذلك موقف لا يقدره إلا المدخنون ، وأمام هذا الوضع القاتم لم تبق فكرة سوداء يمكن أن تخطر على البال إلا وفكرت فيها فبدأت ، غير أنه من حسن الطالع أن صوت ذلك الآمر قطع حبل أفكاري السوداء وهو يدخل علينا معتذرا عن التعطل كل هذا الوقت بسبب ما قال إنه استدعاء للاشراف على حادث مرور وقع بالتزامن مع دخولنا عليه .
بدأ الاستماع إلينا من جديد وبعد أن شرحنا له سبب وجودنا رفع سماعة الهاتف واجرى مكالمة بعدها بدقائق قليلة كانت سيارة تابعة لمكتب البوليساريو تقف أمام الباب ونزل منها شخصان ، أحدهما ولد ابنيجارة وهو مسؤول المكتب بينما لم يكن الشخص الثاني سوى (فريد) أو أحمد سلامه ابريك الذي فر بالسيارة من الحدود وتركنا نواجه المشاق مدعيا أننا تأخرنا واعتقد أنه "قبض" علينا ، ولم نكن يومها نعرف أنه سيأتي اليوم الذي ستدمي فيه سوطه أجسادنا دونما شفقة ودونما ذنب اقترفناه .
يتواصل ................