محمد ولد عبد العزيز الزناتي اتهِزم يا رجالة! إلى حدِّ الآن لم تتضِح كلّ أبعاد اللعبة بسبب مخابراتيّة المشهَد السياسي وضعف الصحافة المحليّة وعدم قدرتِها على مفهمة الأشياء. يبدو أنّ ولد عبد العزيز حاول الانقلاب على النظام الدستوري والسياسي من خلال امتلاك الحزب الحاكِم، وبالتالي السلطة التشريعيّة ووضعِها في جيبَه. ففي فترة سياحتِه الباذِخة في أوروبا شعَر عزيز بالخطَر متمثّلاً في تقارُبٍ متسارِع بين المعارَضة وخلَفِه الجنرال غزواني، إضافة إلى أنّه كان قد اقترَح في أواخِر أيامِ رئاستِه أنْ يكون شريكاً سياسياً بعد انتخاب غزواني. كان غزواني قد أظهَر في سياستِه ما بعد العزيزيّة تذبذُباً ما بين "النهج" والخروج عليه. حاوَل الجنرال عزيز من الخارِج طرح نفسِه مهندِساً لنظام غزواني من خلال اقتراح نفسِه زعيماً للحِزب الحاكِم. في المقابِل رفضَ غزواني هذا من خلال طلب نفسِه مرجِعيّة للحزب الحاكِم. عادَ الجنرال عزيز بسرعة ودخَل المدينة على حين غفلة من أهلِها وسيطَر ليومٍ ويزيد على مقاليد الأمور من خلال الزئير على أرانِب الحِزب الحاكم وإرهابِهم. ولكنّ ما سُمي بـ"السلطات العُليا" سمَحت بثورة مُضادة في الحزب على الجنرال عزيز أدّت إلى انتزاع النُوّاب البرلمانيين منه بنسبة كبيرة. فشل مشروع حجب الثقة لسبب بديهي هو غياب جيشٍ وراءه.
في كلّ المعمعة حافَظ غزواني على واجِهة بارِدة. رفض استخدام لغة عدوانيّة، وإنْ أصرّ أنّه هو "مرجعيّة" الحزب. في المقابل اقترَح صداقة وتثميناً لتاريخ الجنرال عزيز، دون السماح له بتقاسُم السلطة. في المقابِل كانت المعارضة سريعة في دعمِ غزواني من خلال المطالبة بمحاكمة عزيز والاقتراح عن طريق fake news بالعفو عن بوعماتو والشافعي، الخصمان اللدودان للجنرال عزيز. أما عندما حاول الحزب الحاكِم تقديم خدمة شبيهة من خلال التصعيد ضدّ عزيز فإنّ "السلطات العليا" نصحت بعدم التصعيد في اللهجة، ولكنّها سمَحت، وربّما عبّأت، للتواقيع والشهادات الرافِضة لاستمرارية سيادة عزيز السياسيّة.
هذه المرحلة من المواجِهة انتهَت سريعاً لأنّ الجنرال عزيز، للمفارقة، لا يمتلِكُ دبّابة. لقد أحرَج نفسَه وأذلّها. وفوق كلّ ذلك أعطى مصداقيّة للأنباء التي تمّ تداوُلُها والتحليل بها (من كاتب هذه الأسطُر وغيره) أنّه قد تخلّى عن المأمورية الثالثة مُكرَهاً لا بطلاً. أيضاً ظهَر، إلى حدِّ الآن، أنّه لا يمتلِك خطّة "باء"، وأنّه كان نبيراً، أكثَر مما كان حيواناً سياسياً. ماذا عن مستقبلِه؟ سيُعطيه غزواني ما يحفظ به ماء وجهِه: توشيحاً أو مهمّة شرفية. لكنّه لن يكون آمِناً في موريتانيا ينهزِمُ فيه سياسياً ويعودُ إليها فيه خصومه. صحيحٌ أنّ غزواني ما زال يحميه، بل يحمي مصالِحَه ولوبياتَه؛ ولكن هذا رهنٌ بتهذّبُه وسِترة لوبياتِه. في المقابِل قد تكون له فرصة في المستقبَل إذا فشل غزواني وارتبطَ بنقمة شعبيّة. في تلك الحالة سيكون عزيز نقيضَه، كما كان هيدالة نقيض ولد الطايِع في انتخابات 2003. أمّا ما يحدُث الآن فهو أنّ الجنرال عزيز يُصبِحُ جُثّة سياسيّة. وإكرام الميِّت دفنَه. رحمَه الله. كان ما أغناه عن هذا.
-----------------------
محمد ولد عبد العزيز الزناتي اتهِزم يا رجالة! إلى حدِّ الآن لم تتضِح كلّ أبعاد اللعبة بسبب مخابراتيّة المشهَد السياسي وضعف الصحافة المحليّة وعدم قدرتِها على مفهمة الأشياء. يبدو أنّ ولد عبد العزيز حاول الانقلاب على النظام الدستوري والسياسي من خلال امتلاك الحزب الحاكِم، وبالتالي السلطة التشريعيّة ووضعِها في جيبَه. ففي فترة سياحتِه الباذِخة في أوروبا شعَر عزيز بالخطَر متمثّلاً في تقارُبٍ متسارِع بين المعارَضة وخلَفِه الجنرال غزواني، إضافة إلى أنّه كان قد اقترَح في أواخِر أيامِ رئاستِه أنْ يكون شريكاً سياسياً بعد انتخاب غزواني. كان غزواني قد أظهَر في سياستِه ما بعد العزيزيّة تذبذُباً ما بين "النهج" والخروج عليه. حاوَل الجنرال عزيز من الخارِج طرح نفسِه مهندِساً لنظام غزواني من خلال اقتراح نفسِه زعيماً للحِزب الحاكِم. في المقابِل رفضَ غزواني هذا من خلال طلب نفسِه مرجِعيّة للحزب الحاكِم. عادَ الجنرال عزيز بسرعة ودخَل المدينة على حين غفلة من أهلِها وسيطَر ليومٍ ويزيد على مقاليد الأمور من خلال الزئير على أرانِب الحِزب الحاكم وإرهابِهم. ولكنّ ما سُمي بـ"السلطات العُليا" سمَحت بثورة مُضادة في الحزب على الجنرال عزيز أدّت إلى انتزاع النُوّاب البرلمانيين منه بنسبة كبيرة. فشل مشروع حجب الثقة لسبب بديهي هو غياب جيشٍ وراءه.
في كلّ المعمعة حافَظ غزواني على واجِهة بارِدة. رفض استخدام لغة عدوانيّة، وإنْ أصرّ أنّه هو "مرجعيّة" الحزب. في المقابل اقترَح صداقة وتثميناً لتاريخ الجنرال عزيز، دون السماح له بتقاسُم السلطة. في المقابِل كانت المعارضة سريعة في دعمِ غزواني من خلال المطالبة بمحاكمة عزيز والاقتراح عن طريق fake news بالعفو عن بوعماتو والشافعي، الخصمان اللدودان للجنرال عزيز. أما عندما حاول الحزب الحاكِم تقديم خدمة شبيهة من خلال التصعيد ضدّ عزيز فإنّ "السلطات العليا" نصحت بعدم التصعيد في اللهجة، ولكنّها سمَحت، وربّما عبّأت، للتواقيع والشهادات الرافِضة لاستمرارية سيادة عزيز السياسيّة.
هذه المرحلة من المواجِهة انتهَت سريعاً لأنّ الجنرال عزيز، للمفارقة، لا يمتلِكُ دبّابة. لقد أحرَج نفسَه وأذلّها. وفوق كلّ ذلك أعطى مصداقيّة للأنباء التي تمّ تداوُلُها والتحليل بها (من كاتب هذه الأسطُر وغيره) أنّه قد تخلّى عن المأمورية الثالثة مُكرَهاً لا بطلاً. أيضاً ظهَر، إلى حدِّ الآن، أنّه لا يمتلِك خطّة "باء"، وأنّه كان نبيراً، أكثَر مما كان حيواناً سياسياً. ماذا عن مستقبلِه؟ سيُعطيه غزواني ما يحفظ به ماء وجهِه: توشيحاً أو مهمّة شرفية. لكنّه لن يكون آمِناً في موريتانيا ينهزِمُ فيه سياسياً ويعودُ إليها فيه خصومه. صحيحٌ أنّ غزواني ما زال يحميه، بل يحمي مصالِحَه ولوبياتَه؛ ولكن هذا رهنٌ بتهذّبُه وسِترة لوبياتِه. في المقابِل قد تكون له فرصة في المستقبَل إذا فشل غزواني وارتبطَ بنقمة شعبيّة. في تلك الحالة سيكون عزيز نقيضَه، كما كان هيدالة نقيض ولد الطايِع في انتخابات 2003. أمّا ما يحدُث الآن فهو أنّ الجنرال عزيز يُصبِحُ جُثّة سياسيّة. وإكرام الميِّت دفنَه. رحمَه الله. كان ما أغناه عن هذا.