تابعت -وأنا خارج الوطن- كغيري فصول ومشاهد الحراك الحالي فإذا هو حراك بثوب السياسة لا غير".
لا بد لأي حراك يراد له أن يكون سياسيا أن يكون ذا جذور: فكرية (سياسية، اقتصادية أو اجتماعية)، أو جذور وظيفية (ناتجة عن خلل في وظائف أحد أو بعض الأنظمة يحدث اضطراباً أوتغيراً في المجتمع) أو جذور إنتخاببة (ديناميكية الإنتخابات).
ومن هذا، يتبين لنا أننا أمام حراك من نوع آخر. حراك لا علاقة له بالسياسة. بل هو "حراك إنتقال السلطة" وهو -بالمناسبة- قد يكون كلاسيكيا أو نمطيا كما قد يكون جبريا بفعل ظروف و/أو اكراهات ما كانت في الحسبان -كما في حالتنا- هدفه اكتساب أدوات ممارسة السلطة ومن ثم التمكن منها وتطويعها وتنظيم آليات عملها بهدف بناء أسس ودعائم نظام الحكم.
نعم في الدول العريقة يجري مثل هذا الحراك بشكل انسيابي غير ملفت للإنتباه وعلى مستوى السلط والمؤسسات عند تغير هرم السلطة.
أما في الدول حديثة العهد بالتناوب السلمي أو شبه السلمى فإن الأمر يكون أكثر تعقيدا، حيث السلط منقوصة الصلاحيات والمؤسسات هشة والطبقة السياسية -في جلها- لم تترخص للإحتراف السياسي مما يجعل الأمر صعبا وشاقا في آن معا.
إنها عملية في الحقيقة تتطلب الكثير من الدراية ومن الحكمة ومن الصبر ومن الأناة. وأتمنى:
1. على زملائي من سياسيين ومن برلمانيين في فسطاط الموالاة أن يتركوا تسيير اللحظة ووتيرتها لصاحب الأمر حتى لا يضروه من حيث لا يعلمون وحتى لا يخسروا من حيث لا ينتظرون؛
فالأمر أشبه ما يكون بإعادة تأهيل طبي لا يحتمل الإكراه ولا القسر. وهذا لا يخفى على الكثير منهم
2. على زملائي من سياسيين ومن برلمانيين في فسطاط المعارضة أن لا يغالوا وأن لا يدخلوا الأمر في خانة تسجيل النقاط ولا حسابات السياسة ولا حتى تدوير التموقع. فالبلد يحتاج فسطاطهم بمن فيه : صمام أمان كما يحتاجهم هم كما هم لا كما غيرهم ولعلهم أدرى مني بذلك
3. على إخوانى من ممتهني الاعلام ورواد شبكات التواصل الاجتماعي أن يبتعدوا عن كل ما عليهم أن يبتعدوا عنه في هذه الظرفية وهم بدورهم أدرى بما هنالك.
حفظ الله موريتانيا بما حفظ به الذكر الحكيم