هانت الامة العربية على حكام الكيانات السياسية التي استولد الاستعمار “دولها” في الغالب الاعم، بأفضال النفط والغاز، غالبا، والطائفية والمذهبية، احياناً..
هكذا استولد الكيان اللبناني من رحم سوريا الطبيعية، بذرائع طائفية، واستولد الكيان الاردني من رحم سوريا ايضاً تمهيداً لزرع الكيان الاسرائيلي في قلب الوطن العربي، وأعيدت صياغة الكيان العراقي وزرعت فيه اسباب الفتنة الطائفية بأفضال الاسرة الهاشمية.
أما شبه الجزيرة العربية، ومعها اقطار الخليج، فقد تحكم النفط اساساً، ومن ثم الغاز في ابتداع دولها (الكويت، الامارات العربية المتحدة، ثم قطر..) ومكنَّها، في ما بعد، من التحكم بالقرار العربي بفضل ذهبها الاسود والابيض، وقد اورثت نفسها ـ بالسيف ـ ارض الاسلام ورسالة النبي محمد (صلى).
هل يتطلب اقامة الكيان الاسرائيلي، بقوة القهر، على ارض فلسطين العربية اكثر من هذه “التسهيلات”، قبل الحديث عن عصابات الهاغاه وشتيرن التي اضيف اليها الضباط والجنود اليهود الذين كانوا في جيوش “الحلفاء” في الحرب العالمية الثانية، وتوافدوا إلى فلسطين في اعقابها، ليكونوا مع العصابات اليهودية فيها”جيش الدفاع”! (الاسرائيلي.)
بعد اقامة الكيان الاسرائيلي فوق جثة الحلم العربي بالوحدة، وتقطيع اوصال الوطن العربي بالكيانات التي لا مبرر لها لا في التاريخ ولا في الجغرافيا، ولا تتوفر لأهلها امكانات العيش البسيط، كان منطقيا أن تكون هذه الدولة المزروعة بقوة “المجتمع الدولي” بغربه وشرقه، اقوى من مجموع دول المشرق العربي، ومعها مصر الملكية التي يفصلها عن فلسطين فاصل جغرافي (وبالتالي) هو صحراء سيناء.
ها نحن بعد قرن كامل من تمزيق المشرق العربي في دول شتى، متنازعة على النفوذ بعضها بقوة الثورة مع الدويلات التي صارت اقوى بالثورة، بحيث يذل اغنياء المصادفات اشقاءهم بفقرهم، ويلتحقون بالاميركان وحتى بالعدو الاسرائيلي، ويدفعون كلفة ادامة هذه التبعية بذريعة حمايتهم من اشقائهم الفقراء، وليس من العدو الاسرائيلي، لا سمح الله، الذي بدأوا يفتحون له الابواب مع النوافذ ويستدعونه لنجدتهم في مواجهة اطماع الاخوة ـ الاعداء، من العرب!
لا شيء يثير الاستغراب، اذن، إذا ما اعتبرت دولة العدو الاسرائيلي انها، اليوم، وبعد 72 سنة من اقامتها بالقوة على ارض فلسطين العربية انها اقوى من العرب مجتمعين (علما انهم لم يجتمعوا يوماً على قتالها وتحرير فلسطين).
فالكيانات التي تقوم على قاعدة طائفية اقوى بما لا يقاس من فكرة “الوطن”، فكيف إذا كان “الكيان الطائفي” معززاً بالرعاية الاميركية التي تسقط العداء للكيان الاسرائيلي وتجعل من رعايا الكيانات حلفاء بالضرورة لعدوهم القومي الذي يرونه الاولى بالمواجهة.. وبعدين منحك!
هل نريد ادلة اقوى على فشل “الاستقلال” الذي منح لهذه الكيانات في حمايتها من الكيان الاسرائيلي الاقوى منها مجتمعة، وبالتأسيس، بينما هي ما تزال، حتى اللحظة، تدافع عن شرعية “استقلالها” عن الاخوة الذين صيروا اعداء.. فالقاعدة المعتمدة الآن هي على: الشقيق الفقير. أن يتبع الشقيق الغني، والمعبر الاجباري واشنطن، والطريق منه تأخذ إلى العدو الاسرائيلي حتما وحكماً..
ويا فلسطين جينالك.. جينالك لنشيل احمالك
امة عربية واحدة، ذات رسالة خالده،
لكن الغد لنا. لهذه الامة العريقة والعظيمة،
وها أن الارض العربية تستولد الانتفاضات والشعوب العربية تنهض الى استرداد حقوقها في ارضها وخيراتها وفي دولها وقراراتها الحرة. من الجزائر (بعد تونس) إلى السودان، إلى لبنان الانتفاضة فإلى العراق الجريح الذي يحاول انقاذ شعبه من سرطان الطائفية بالثورة التي تجمع الناس على محاولة فذة لإعادة استيلاد وحدتها تمهيداً لتحقيق احلامها في الوحدة والحرية والكفاية مع العدل.