الثاني من كانون الثاني 2020، تاريخ لن تنساه الأمتين العربية والاسلامية. هو نقطة تحول في صراع محور المقاومة، مع محور واشنطن، وليس اي تحول، خاصة أن الشخصية التي استُهدفت تُعد بالنسبة للشعوب العربية المضطهدة من قرارات الغرب الامريكي والاسرائيلي، المُنقذ الاول لها من الإرهاب الغربي.
الشهيد قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني، فقد سعت القوات الامريكية مراراً وتكراراً إلى كشف مسار عمليات سليماني، وقد ساعدها في ذلك سيطرتها على المجال الجوي العراقي، بالإضافة إلى الدعم المُقدم للجماعات الإرهابية بالأسلحة والعتاد عبر طائراتها.
واشنطن كانت تعلم اهمية الجنرال سليماني في تحقيق الانتصار على داعش في العراق وسوريا، فقد قاد جميع العمليات البرية ضد الإرهابيين. ففي 2014 نشرت مجلة “نيوزويك” صورة كبيرة وقالت: “قاتل أمريكا أولا والآن سحق داعش”، ناهيك عن مواقفه الداعمة للفصائل الفلسطينية في غزة، والتي كانت تستفيد من توجيهاته العسكرية في حربهم ضد الكيان الإسرائيلي. وعليه كانت الخطط الامريكية للسيطرة على العراق ثم في البداية عبر تفكيكه منذ احتلاله، والانتقال الى مرحلة اخرى هي تعزيز الوجود تحت مسمى الاتفاقية الامنية، بعد ظهور تنظيم داعش” الأمريكي”، ومع تسارع خطوات القضاء على داعش عبر الحشد الشعبي بمساعدة إيران، وتحديداً قائد فيلق القدس، بذلت الولايات المتحدة جهوداً كبيرة منذ تولي ترامب الرئاسة لإضعاف إيران في المنطقة، وذلك عبر التضييق عليها في كثير من الملفات، حيث اعتقدت واشنطن أن الضربات المتكررة على الحشد الشعبي سيثنيها عن الالتفاف وراء الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وبالتالي ستضعف حكماً، ولكن ذلك لم يؤتي ثماره لتفكيك رأس المحور المقاوم، فكان اغتيال الشهيد قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، ترجمة حقيقة للتوجهات الأمريكية، سواء في العراق، أو في عموم المنطقة.
بدأت المرحلة الثانية للحماقة الأمريكية، عبر التعنت حيال تصريحات الإدارة الأمريكية، وآخرها ما صرح به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لجهة فرض عقوبات على بغداد بعدما طالب البرلمان العراقي القوات الأمريكية بمغادرة البلاد. مبيناً أنه إذا غادرت قواته فسيتعين على بغداد أن تدفع لواشنطن تكلفة قاعدة جوية هناك.
**تداعيات جريمة الاغتيال
هي معركة صمود وتحدي اعلنتها قوى المقاومة بعد حادثة الاغتيال ، فرئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي صرح قائلا: “كنت على موعد مع قاسم سليماني مساء يوم اغتياله ليسلمني رسالة من السلطات الإيرانية”، وكان قائد الثورة الإسلامية في إيران الإمام السيد علي الخامنئي توعد برد قاس على جريمة اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الفريق قاسم سليماني، إثر العدوان الجوي للقوات الأمريكية في بغداد.
تداعيات كثيرة تبعت عملية الاغتيال، حيث ألغى المنتخب الاميركي لكرة القدم، معسكراً تدريبياً مقرراً في اكاديمية “اسباير” بالدوحة، وذلك بعد واقعة استشهاد سليماني، وقد أصبح الوجود الامريكي في المنطقة العربية معرضاً لضربات حتميّة من القوات المسلحة الإيرانية. فالحماقة الترامبية ستأخذ الولايات المتحدة إلى منحى مغاير تماماً لما تتوقعه من حساباتها الخاطئة.
فمحور المقاومة سيبقى على نهجه، وما حدث سيزيده اصراراً على متابعة نضاله ومقاومته للقوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي، وهذا ما اكد عليه الرئيس السوري بشار الاسد في رسالته إلى قائد الثورة الإسلامية المرشد الأعلى علي الخامنئي، حيث قال” إننا على ثقة بأن هذه الجريمة ستزيد محور المقاومة عزماً على مواصلة الوقوف في وجه السياسة الأميركية التخريبية في المنطقة وفي وجه كل قوى الظلم والعدوان في العالم”.
لا شك لدينا أبداً أن نهج الشهيد سليماني ورفاقه سيزداد رسوخاً في عقول الشباب المقاوم بعد استشهاده، كما سيزداد هذا الشباب تصميماً وعزيمة على مواصلة النهج الذي بدأه الشهيد ورفاقه والبناء عليه لتعزيز قوة ومنعة المقاومة في وجه أعداء منطقتنا، ولإحقاق الحق وإرساء حكم إرادة الشعوب في العالم برمته.
فترقبوا الرد المزلزل ولو بعد حين.