لو نطقت جبال الأرز في لبنان ما قالت سوى جملة واحدة "لولا الآخرين لكنا بخير"
فلولا وجود وسلوك بعض الفصائل الفلسطينية على الأراضي اللبنانية ما اشتعل فتيل الحرب الأهلية هناك في الربع الأخير من القرن الماضي التي أسفرت عن مقتل أكثر من مائة ألف شخص ونزوح ما يقارب المليون مواطن ! ولولا وجود حزب الله ذراع إيران في المنطقة في الجنوب اللبناني كدولة داخل الدولة يأخذ قرارات منفردة تخص اللبنانيين ككل وتؤثر عليهم، لما دكت إسرائيل الأراضي اللبنانية بالقنابل والصواريخ مراراً وتكراراً، وتورطت الدولة اللبنانية في حرب لا ناقة لها ولا جمل فيها مخلفة وراءها بنية تحتية منهارة واقتصاد على حافة الهاوية!
ولولا وجود إسرائيل أصلاً وأطماعها المستمرة في المنطقة لما كان هناك شرعية لوجود حزب الله كممثل للمقاومة ودولة داخل الدولة بل أقوى من الدولة الشرعية نفسها ! بالإضافة إلى أنه لولا تدخل بعض الأطراف الإقليمية في الشأن الداخلي اللبناني لما كان كل هذا الاستقطاب الحادث!
إن لبنان هو ضحية الاستقطاب الدولي واحتدام الصراع الإقليمي حيث أن كل طائفة فيه تحسب نفسها على دولة بعينها! دافعاً ثمن وجوده في منطقة، محصوراً فيها بين اسرائيل وسوريا وفلسطين والبحر الأبيض المتوسط .
لكن كل هذا لا يمنع مسؤولية الطبقة السياسية في البلاد فيما وصلت إليه الأمور في البلاد فقد صاروا لا هم لهم سوى كيفية توزيع السلطات فيما بينهم تاركين الفساد ينخر في عروق الوطن والشعب يستجدي لقمة عيش كريمة !
كأن المنطقة قد ضنت على نفسها وجود بقعة جميلة فيها يطلق عليها سويسرا الشرق وسط ظلامها الحالك وأحداثها المتشابكة. فالشعب اللبناني يتمتع بدرجة كبيرة من حب الحياة والرفاهية حتى في أصعب الظروف لا يتمتع بها غيره من شعوب المنطقة وهذا وضح جلي أثناء الحراك الأخير الذي بدأ منذ عدة أشهر من خلال المهرجانات والفلكلور الشعبي الذي صاحب هذه الاحتجاجات .
ولبنان كان دائماً مركزاً للإشعاع الثقافي والحضاري في المنطقة. وكان له دور كبير مع سوريا في إثراء الحياة الثقافية بفروعها الأدبية والسينمائية والمسرحية في مصر التي تمثل بدورها وحدها أكثر من نصف الإنتاج الثقافي في الوطن العربي. فيكفي أن لبنان بلد فيروز وجبران خليل جبران ومي زيادة وميخائيل نعيمة وايليا ابو ماضي التي تشهد أعمالهم إلى هذا الوقت على عظمة هذا البلد وثرائه.
فيا ليت الدول الإقليمية ترفع أيديها عن هذا البلد الجميل. ويا ليت الساسة في لبنان يعون قيمة وطن وشعب لم يجد من يحنو عليه!