تجنبت كثيرا الحديث عن لجنة التحقيق البرلمانية لأنني مقتنع بأهميتها وضرورتها وخائف أن لا تستطيع أداء مهمتها، ولأنني في مقابلة صحفية منذ يومين أجبت عن سؤال يتعلق بها لم أستطع تجاهله فإنني أعود لموضوعها هنا بشيء من التفصيل :
1 - لاشك أن التحقيق البرلماني في النظم الديمقراطية مسار مهم من مسارات كشف الفساد ووضع لبنات الإصلاح، وهو أفضل الطرق لفتح الملفات ودراسة جوانب الإخلال بالقوانين والمصالح في تسيير الشأن العام، وهكذا كان ارتياح الناس كبيرا مع الإعلان عن تشكيل اللجنة البرلمانية الحالية التي تحقق في عدد من المواضيع المهمة.
2 - تكثر المؤشرات والمعطيات على انحرافات كبيرة في العشرية الماضية طالت قطاعات حساسة وبأحجام تبدو كبيرة، ومن حق الناس أن يعرفوا فيحصل اليقين فيما تعددت عنه المعطيات والمؤشرات أو يتضح أن الأمر ليس على النحو المصور، ومعروف أن فكرة التجاوز والأمن من الملاحقة تشكل خطرا على مصائر الشعوب ومصالحها وتشجع استمراء الجرأة على المال العام.
3 - لم يكن التحول الذي شهدته البلاد منذ الرئاسيات الماضية تحولا ثوريا وهو الذي يتيح عادة فتح الملفات بلا تحفظ ومحسبة السابقين دون تردد، من هنا يصعب توقع ما توقعه كثيرون من لجنة التحقيق البرلمانية بل قد لايكون من العدل معها رفع سقف التوقعات إلى درجة لا تسمح بها ظروفها والظروف العامة من حولها مع أن تشكيلها ومباشرة عملها وتحقيقها بعض المتوقع منها خطوة مهمة للمستقبل وفتح لباب يخدم الشفافية والرقابة والديمقراطية.