نظرا لأهميته الاستراتيجية البالغة يحظى قطاع التربية في كل الدول بالأولوية الكبرى، ولذلك تحرص الإيسيسكوعلى تعزيز الأدوار الطلائعية لهذا القطاع في تطوير السياسات التعليمية وتنسيق العمل التربوي الإسلامي المشترك ، فوضعت له خططُا ومشاريع من أجل معالجة التحديات التربوية القائمة في دول العالم الإسلامي.
في الرؤية المبتكرة التي أتى بها الدكتور سالم بن محمد المالك ،المدير العام للإيسيسكو ، تم التركيز بشكل كبير على أن تكون الإيسيسكو سَنداً مرجعياً لوزارات التربية والتعليم في دول العالم الإسلامي، من خلال دعم جهودها، وطنيا وإقليميا ودوليا، في تناغم مع التزامات وخطط المجموعة الدولية؛ وتقديم الخبرات والاستشارات لصانعي القرار التربوي في الدول الأعضاء من أجل اتخاذ قراراتٍ تعديليةٍ صائبة وتحسين السياسات؛ والاستجابة لاحتياجات الدول الأعضاء في مواجهة تحديات الجودة والمنافسة .
ومنذ ظهور أزمة كوفيد 19 ، أطلقت الإيسيسكو مبادرة بعنوان “بيت الإيسيسكو الرقمي” مساهمة منها في الحد من انعكاسات الإغلاق المستمرّ للمدارس والجامعات ومؤسسات التكوين،بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد ، حيث حظي التعليم عن بعد بعناية كبرى ، وانتقلت أغلب الحكومات من نظام التعليم الحضوري إلى الاعتماد الكلّي للطلاب والتربويين على وسائل التعلم الإلكتروني والتلفزي في المنازل. وشملت خطة عمل الإيسيسكو في مجال التربية عن بعد المبادرات التالية :
1- أدوات التعلم عن بعد
من أجل تمكين الدول الأعضاء من ضمان استمرارية الدراسة وتيسير التعلم عن بعد، أعدت الإيسيسكو باقة من روابط التطبيقات التربوية المجانية والمفتوحة المصدر بالعديد من اللغات. ويتعلق الأمر بعدد من برمجيات تحريرالفيديو لمنتجي المحتوى التعليمي ، وأنظمة إدارة التعلم ، والمحتوى التعليمي الموجه ذاتيا وأنظمة للخدمات التعليمية مصممة خصيصًا للهواتف المحمولة.كما تشمل هذه المبادرة :
- البرنامجُ التعليمي الرقميّ “تَعلَّم اللغةَ العربية، كُنْ ماهراً بها في بيتك” الذي أطلقه مركز الإيسيسكو لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، بالتعاون مع مركز الإيسيسكو للمعلومات والتوثيق والنشر ومؤسسة غرناطة للنشر والخدمات التربوية .
- برنامج " العربية على الأنترنيت " للجامعة السعودية الإلكترونية ، وهو برنامج تعليمي إلكتروني متكامل لتعليم العربية للناطقين بغيرها.
- عدة الإيسيسكو لواضعي المحتويات التربوية ، حيث تم تزويد الدول الأعضاء المحتاجة والأكثر ضررا، بدعم لوجستي عاجل مكنها من توفير الأجهزة الرقمية والسمعية البصرية اللازمة، وإحداث وحدات تقنية لإعداد وتسجيل المواد التعليمية، وإتاحتها لطلاب مختلف مراحل التعليم. معدات فيديو متنقلة ومعدات سمعية بصرية للاجتماع عن بعد.
- تقديم تجارب دول العالم الإسلامي ومن خارجه التي طبقتها من أجل استمرارية عمليتي التربية والتعلم عن بعد في ظل انتشار فيروس كورونا .
2- محاضرات الإيسيسكو التربوية” التعلم عن بعد في زمن كوفيد-19"
نظمت الإيسيسكو هذه المحاضرات لتعزيز دور التعلم عبر الإنترنت واستعمال الموارد والخدمات الرقمية المفتوحة من أجل ضمان استمرارية العملية التعليمية والتعلمية. وتم بث هذه المحاضرات من خلال فيديوهات تربوية، مدّة كلٍّ منها خمس دقائق كحد أقصى، لمداخلاتِ خبراءَ من تخصّصات تربوية متنوّعة ودول مختلفة، حول الاستخدامات الأنجع لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات للمساهمة في استمرارية العملية التربوية والتعليمية وتحسين جودتها.
3- عقد مؤتمر افتراضي استثنائي لوزراء التربية للدول الأعضاء
تم تنظيم المؤتمر الافتراضي الاستثنائي لوزراء التربية في الدول الأعضاء في الإيسيسكو يوم 14 مايو الجاري، تحت عنوان "المنظومات التربوية في مواجهة الأزمات وحالات الطوارئ – كوفيد-19” بالتعاون مع وزارة التعليم بالمملكة العربية السعودية. وتم خلال هذا المؤتمر مناقشة دور تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تطوير المنظومات التربوية، لضمان استمرارية آمنة للعملية التعليمية، وتقديم التجارب الناجحة لبعض الدول الأعضاء والتحديات الميدانية التي واجهتها خلال جائحة كورونا، لتبادل الخبرات فيما بينهم وتأكيد الحفاظ على الحق في التعليم، وبحث سبل معالجة إشكالية الفاقد التعليمي الذي تفاقم بسبب الإغلاق المدرسي،واستعدادات الدول الأعضاء لتأمين العودة المدرسية في حال استمرار جائحة كورونا . كما تم التعريف بمبادرة “التحالف الإنساني الشامل”، التي أطلقتها الإيسيسكو لإرساء مقاربة إنسانية عالمية في مواجهة الأزمات والأوضاع الطارئة، ومساعدة دول العالم الإسلامي على مواجهة آثار الجائحة . وقد شارك في المؤتمر 43 دولة من بينهم 38 وزيرًا ، وشاركت أيضاً 13 منظمة دولية من بينها 10 رؤساء ومدراء عامين. وفي إعلان المؤتمر جدد المشاركون التزامهم بالعمل على أن تبلغ دولهم بحلول عام 2030 الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة، والمتمثل في ضمان التعليم الجيد والمنصف والشامل وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع. وأكدوا دعمهم لرؤية الإيسيسكو القائمة على ضمان الحق في التعليم باعتباره حقا جوهريا من حقوق الإنسان، وعلى ضمان الكرامة والعدالة الاجتماعية والمساواة بين المتعلمين. كما تم الترحيب بالدليل التوجيهي الذي أعدته الإيسيسكو لضبط الإجراءات والتدابير التي يمكن الاسترشاد بها لضمان عودة مدرسية آمنة، في حال استمرار تفشي جائحة كورونا أو وقوع موجة ثانية تزامنا مع العودة المدرسية. كما رحبوا بالتقرير المتعلق بأدوار الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، في تطوير المنظومات التربوية من جهة، وفي تكريس مبادئ الجودة والإنصاف والمساواة والشمول إبان حالات الطوارئ والأزمات من جهة أخرى، وأكدوا الالتزام بتسخير الإمكانات المادية والفنية اللازمة للاستفادة قدر الإمكان من المزايا التي توفرها هذه التطبيقات الذكية في مجالات التربية والتعليم. وتعهد المشاركون في المؤتمر باتخاذ إجراءات سريعة وإطلاق مبادرات عملية ناجعة في مواجهة الفاقد التعليمي، المرتفع أصلا في العالم الإسلامي، والمتفاقم نتيجة تفشي جائحة (كوفيد-19)، بما يهدد جودة التعليم ومبادئ الإنصاف والشمول والمساواة. وأكدوا ضرورة مواكبة الملامح الجديدة للمنظومات التربوية وحاجاتها البشرية والفنية، والعمل على دعم القدرات من خلال السياسات التكوينية والبرامج التأهيلية والأدلة التوجيهية والدورات التدريبية لفائدة جميع مكونات الأسرة التربوية. وأكد المشاركون في المؤتمر دعمهم لمبادرة “التحالف الإنساني الشامل” التي أطلقتها الإيسيسكو من أجل الحد من انعكاسات جائحة (كوفيد-19) على الدول الأعضاء، وأهابوا بالدول وبالمنظمات الحكومية وغير الحكومية وبالهيئات المانحة وبالقطاع الخاص لإنجاح التحالف من خلال العمل على دعم أنشطته ومبادراته.
بقلم : م. الوادنوني / الرباط