"لا تشيلون هم" بهذه الكلمة من بو خالد استشعر العالم برمته بإيجابية كبيرة دبلوماسية الإمارات الصحية، وعلى درب وثيقة الأخوة الإنسانية، فعّلت هذه العبارة دبلوماسية المساعدات الإنسانية قصد تحويل دولة الإمارات الشقيقة إلى فاعل في السياسة الدولية، موازاة مع استعدادها لتنظيم معرض «إكسبو» الدولي، وجعل من تحديات وباء كورونا فرصة سانحة لتحقيق الصعود العربي في المستقبل، انسجاماً مع شعار 2020 "عام الاستعداد للخمسـين".
منذ اليوم الأوّل لجائحة كورونا بالعالم، ثار في صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، شعور الأخوة الإنسانية.. ذلك الإرث المتوارث، على درب إرث والده زايد آل نهيان، تشكل بفضله جسر الأمل للعالم، وتدفقت بسببه على آسيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية وإفريقيا، مساعدات إنسانية جمة لدحر فيروس كوفيد 19 ومحاصرته والقضاء عليه، ومنذ ذلك الحين حاولتُ جاهداً البحث في مصطلحات العلوم الاجتماعية عن لقب لشكر"بو خالد" لا يكون متداوَلاً من كثرة ما أُسبغ عليه من ألقاب تقر له الجميل وتعترف له بأن أباه رمز العرب في الوحدة الوطنية وبصمة فارقة في «الإتحاد والتضامن الإنساني». لأكتب لكم عن دبلوماسية الإمارات الصحية، اليوم، وبأنّه هو «مجد العرب»، بخطى ثابتة على نهج والده، الأوّل في سياسة الإجماع والإتحاد على الصعيد العربي، لجعل الخليج العربي بل وعالمنا برمته مكانا أفضل. وهنا يقول سموه محمد بن زايد: "إنما يميز هذه المساعدات أنها جاءت لترسخ المعاني النبيلة للقيم الإنسانية التي غرسها فينا المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - طيب الله ثراه- وخاصة أن دولة الإمارات كانت من أوائل الدول التي مدت يد العون لإيطاليا وغيرها من بلدان العالم للمساهمة في مكافحة «كورونا»". بخلاف ما عجزت عن فعله دول عظمى، معذورين تحت وطأة عدوان الفيروس كوفيد 19 الذي هزّ العرش القِيادي لدولهم في جوهره الإنساني العميق، لينبثق مع مفترق هذا المسار طريق رسمته دبلوماسية الإمارات الصحية كصمام أمان للعالم ضد الفيروس وصوناً ﻟلقيم والاعتبارات اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ والإﻧﺴﺎﻧﻴﺔ. وهو ما ستُترجمه هذه الدبلوماسية لاحقاً بإذن الله إلى مكاسب جيواستراتيجية، فضلاً أن هذه المساعدات الإنسانية القادمة من عند الإمارات مسألة بالغة الأهمية في بلاد مثل بلادنا موريتانيا، إذ تعد الحلقة الأضعف في مواجهة جائحة كورونا.
قد يصعب على بعض الدول ممَن يمتلكون موهبة التحريض على الهوس وجذب الإتباع، تقديم مصلحة الأخوة الإنسانية والأهلية والتسامح كأسلوب حياة في بساط الأرض وكتدابير ضرورية لإصلاح البيت الداخلي والحفاظ على روح الإتحاد.. والتجارب على ذلك عديدة، دل عليها نكوص بعضهم عن التوقيع ثم انسلاخهم من الإتحاد، خلافاً للإمارات.. فعلى القيم الوطنية تربى جيل أبناء زايد، وعليها تربت نفوس شعوبهم وتهذبت شخصياتهم، ولا بدّ أن أعترف لكم بأنّني أرى في "بو خالد "،شخصيةً متجدّدة تجبّ ما قبلها من خلافات وتفرقة تم إثارتها لتهديد اللُحمة الوطنية والنسيج الاجتماعي العربي، تضيف مناعة سياسية للمنطقة العربية ضد بقعة الخربة التي تعيش فيها الهوام والجراثيم، سواء كانت تلك البقعة بلدان مردوا على التحريض أو أناس يتخبطهم الفيروس من المس.. فإنك يا بو خالد "كفو"، وفعلاً "ثارنا ما يبات".
إذن بدأ مجد العرب، بتكوين عهدته الاستمرارية، تكتيكياً واستراتيجياً، ممسكاً بالأخوة الإنسانية مع الآخر دون التفريط في معاييره الراسخة والوازنة، كبوصلةَ تمنع تحويل مسار التسامح والسلام عن مساره الصحيح. ولا شك بأن هذا العهد الذي يطبعه كلما مرّ عليه الزمن، بحاجة ماسة إلى صلابة هادئة من سمو الأمير محمد بن زايد لا يكون بمقدور أحد من الكبار أو من صبية السياسة مجاراتها، وحاجة كذلك إلى جيل أكثر وعيًا وانفتاحًا وتحضرًا وإتحاداً.
وفي عام الاستعداد للخمسـين، والانتصارات الدبلوماسية، التي تجنح بالإمارات إلى الموهبة والابتكار انطلاقاً من الدبلوماسية العلمية بتوحيد شعوب العالم للصلاة والدعاء من أجل الإنسانية وصولاً إلى الدبلوماسية الصحية بتوزيع المساعدات الإنسانية على العالم، فليعلم أهل التحريض والإرهاب أن الخبر المحرض والمضلل ليس هو البديل عن الحقيقة، وأننا معشر العرب والإسلام لن نتوانى عن حماية عالمنا العربي والإسلامي منهم بإشعار ورقة «بو خالد» في وجههم، فلا يفتهم قطار الاتحاد مرة أخرى، ومادامت دبلوماسية النمط العلمي والعملي الإنساني ترتكز إلى روح الوطنية ونشر التسامح والتعايش.