كانت البطالة دائما هي الثابت الوحيد فى هذه الأرض؛توفر المخزون الجماهيري للمهرجانات السياسية، وتُضفى على الخطاب السياسي مسحة صدق للتغيير المنشود، ورغم استحداث عشرات المؤسسات المهتمة بتخفيف نسب البطالة لم يتغير شيئ .
عاصر عميد العاطلين عن العمل؛عصر حنفيات الخريجين، ولم يحصل على حنفية، وحين ازدهرت ثقافة دور المطالعة تحمس لتسيير دار كتاب فى حي "الزعتر" ، لكن كانت تنقصه الكاريزما الكافية كعاطل؛ إذ اكتشف مسؤول الأشخاص فى تشغيل الشباب وميض أمل فى عينيه، وجده غريبا على شاب يُفترض فيه أنه عاطل فحرمه، وأعطى وظيفة العمر لشاب غر هاجر إلى أمريكا بسبب الملل فى الدار البعيدة.
كانت سنوات التكوين المهني الأخيرة،فرصة عميد العاطلين الوحيدة للبحث عن أمان وظيفي مفقود، ومع تقدمه فى السن ودخوله فى أزمة منتصف العمر حاول صاحبنا أن يحصل على تكوين، لكن الوقت قد تأخر على كل تكوينات الدنيا.
تقدم العميد بإقتراح للوزارة الوصية؛ فى التعاقد معه بصفته مدرب حياة،وناج بأعجوبة من قنابل البطالة الانشطارية ؛طيلة العقود الثلاثة الأخيرة من عمره، وينص مقترح اتفاقه على تكوين الشباب الموريتاني على آليات تحمل الضغوط النفسية الناجمة عن البطالة، وطرق صناعة مزاج قابل للتعامل مع ارتدادات البطالة والتصحر الجيبي ,
لكن مقترح التعاقد، لم يصل الوزير، وعثر عليه العميد مضمخا بقطرات مرق ساندويتش أشتراه قبل ايام، عند تقاطع "العيادة المجمعة "حين كان يُضمد جراح حذائه العجيب.