يعاني العمل السياسي في موريتانيا من فقر شديد في وضوح الطرح القائم على مبادئ ومفاهيم الأخلاق السياسية، التي تنهض بأي دور يقوم به الساسة، خاصة إذا تعلق الشأن بالمناحي الحقوقية التي تستهدف المجتمع العام، وتركب - في آن معا - مطية الدفاع والمناضلة عن الفقراء والمحرومين.
لقد تابعت المقابلة - الغريبة - التي أجراها بيرام الداه اعبيدي مع إحدى القنوات والتي جاءت فقرات منها اعترافا صريحا بما كان يقوم به من افتراس - غير متصور - لأصحاب النيات الطيبة من سائر شرائح المجتمع الموريتاني الطيب.
لقد أقر بيرام ضمنيا من خلال حديثه بأنه كان - كما كان مظنة لذلك - يتلاعب بمشاعر الطبقة المسحوقة من المجتمع، بغية أن يعيش حياة مترفة في لياليه الحمراء داخل الفنادق الفاخرة وهلم جرا، لقد تحصل على ذلك نتاج ما كان يجمع باسم الفقراء من أبناء الشريحة الذين استعبدهم خداما، بعد أن كان يدعي تحريرهم!!
لقد باع الرجل نضال هؤلاء وتضحياتهم في قضيتهم الشريفة ليجمع من وراء ذلك أموالا ضخمة من كبار التجار والمسؤولين.
إنه من العار حقا أن يعترف بيرام - بوقاحة - ببيعه نضالات من صدقوا دعايته الكاذبة يوما ما!
لقد تنكر بيرام لمن اعترف بأنهم أعطوه مئات الملايين التي استحوذ عليها قبل أن تصل إلى مستحقيها من الفقراء الذين استنزف جيوبهم من القليل الذي كانوا يقتاتون به من عرق جُبنهم.
إنه اليوم - وفي حلقة من مسلسل خداعه - يحاول ابتزاز النظام الحالي بالحديث عن شروط يمليها، ومن أين لمثله أن يملي الشروط، ويكتب مآلات التعاقد؟
من الغريب المعيب أن يظهر بيرام بعد انكشاف أمره يكيل التهم، وينسب المكائد لرجل الأعمال المتميز محمد ولد بوعماتو الذي لم يساوم على قناعاته رغم مصالحه الضخمة مع ابن عمه الذي أخذ منه بيرام ومن غيره!!
لقد انكشف زيف الكذبة الضخمة التي تتحدث عن نضال كاذب كان سببا لتجميع المال ورعاية المصالح الشخصية!!!
إنه في ظل روح التفاهم والهدوء السياسي الذي عرفت البلاد في السنة المنصرمة من حكم السيد الرئيس محمد ولد الغزواني، وما شاع من العافية والتوافق والبرامج الجادة التي تستهدف الطبقات المغبونة، لم يعد لمثل هذه الشخصيات أي مكان تبتز به أو تراوغ طلبا لمصالحها الضيقة، وعلى الطبقة السياسية والمسؤولين أن يعوا هذه الحقائق، ويتجاوزوا مثل هذه الشخصيات الوهمية.