نشرت صحيفة الواشنطن بوست مقالا موسعا عن غسيل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وعائلته.
لأول وهلة يبدو الامر وكأنه نكتة او سخرية مقصودة. ولكنه كعادة اتهامات الفساد الخاصة بنتانياهو كان صحيحا.
من كان يفكر ان هناك رئيس حكومة بالعالم، تقوم زوجته بتجميع عبوات الزجاج والبلاستيك وتبيعها لعملية التدوير؟
كنت اتخيل سارة نتانياهو مستيقظة في الصباح الباكر وقبل ان يستيقظ العمال في بيت رئيس الحكومة لتنكش في النفايات وتخبئ العبوات بعيدا عن متناولهم، ثم تعطيهم فيما بعد لموظف اخر بأكياس منفصلة ليضعها في صندوق سيارات الحكومة الخلفية ويذهب بها ربما الى مركز التدوير بالقدس عند مصف سيارات شارع نابلس مقابل محطة الباصات بالقدس.
لوهلة أولى يفكر المرء بالعقلية التي تتربع بعائلة نتانياهو. ويتساءل ان كان بيبي يشارك زوجته في مغامراتها المنزلية الصغيرة. هل كانت توقظه ليجمع معها، او كانت تضع الاكياس على المدخل ويعطي هو الأوامر لمرافقيه؟
صعب تخيل هكذا أفعال ببيت رئيس حكومة. من جهة لا يمكن الا تخيل سارة بصورة المرأة العجوز البخيلة او المقتصدة للغاية التي تتحكم بكل قرش يتم صرفه بالبيت وتوفر دوما لليوم الأسود ولديها مخابئ للأموال الصغيرة بالفرشات وتحت الوسادات وبين الكتب المليئة الغبار وفي علب الأحذية الفارغة. لو كانت عائلة نتانياهو عادية – غير حكومة- لكانت ربما العائلة التي تمتلك سوق النفايات ومراكز التدوير. لكان ابناءهم يسرحون صباحا للملمة العبوات وتصنيفها. لكان نتانياهو جالسا على باب مكتب مليء بالقاذورات ببقايا سيجار وقنينة نبيذ فاسد يراقب عمال السخرة لديه من محاولة سرقة عبوة ما، وسارة بالداخل وراء مكتب تم الحصول عليه من امام حاوية نفايات ما، تصر الأموال لتخبئها!
ولكن لعائلة نتانياهو وجه اخر اقطاعي الطابع، فلسارة ماضي صاخب بإساءة المعاملة للعاملات بالمنزل. طبعا، يمكن ان تكون سيء الطباع وشديد البخل ولديك عمال نظافة.. بالنهاية الاقطاعية لا تتسم بسخاء أصحابها. ولكن سارة ابنة كيبوتس، وهنا تتضارب الاقطاعية بالاشتراكية لتنتج خليط متخصص لعائلة نتانياهو.
ومن عبوات التدوير الى الهدايا التي تم تقديرها بمئتي ألف دولار من علب السيجار والشمبانيا التي حصل عليها نتانياهو خلال فترة رئاسته للحكومة.
بأول الليل يشربون الشمبانيا على حساب رجال الاعمال وباخره تجمع سارة العبوات لتبيعها صباحا.
شاقة حياة عائلة رئيس الحكومة الإسرائيلية في عملية ستر نفسها للأيام السود.
ويبدو ان الأفعال التي تحيكها العائلة للحصول على أموال جانبية من الدولة لا تتوقف، فطال الامر قبل سنوات الغسيل، حيث تم اتهام نتانياهو بإرسال غسيله على حساب الحكومة، واستطاع نتانياهو ان يخفي الفواتير.
وبما ان الحكومة الإسرائيلية تتربص لعائلة نتانياهو وتقف امام محاولاتها بالحصول على “بقشيش” خدماتها فوق الرواتب المستحقة، استطاعت سارة ان تطور اساليبها وصارت تأخذ معها الغسيل في اسفارها وزوجها الى الخارج في رحلاتهم الرسمية. لا اعرف ربما كانت ترسل معه الغسيل بدون ان ترافقه.
ما يقال ان حقائب من الغسيل الوسخ ترافق نتانياهو في اسفاره وترجع نظيفة. ففي سفرة يوم واحد الى الى البرتغال كان معه ١١ حقيبة غسيل!!
ومع تكرار الامر، وعلى حسب ما جاء في المقال، ” مع السنوات، طور الزعيم الإسرائيلي سمعة وسط فريق بيت ضيافة الرئيس الأمريكي بجلبه لشحن خاص في رحلاته لواشنطن: أكياس وحقائب مليئة بالغسيل الوسخ” مما جعل المسؤولين الأمريكيين يصرحون ” عائلة نتانياهو هي الوحيدة التي تجلب معها حقائب من الغسيل الوسخ لننظفها… فبعد عدة زيارات، صار من الواضح ان الامر متعمدا. خرج عن صمته وعبر عن استيائه. فصار غسيل نتانياهو موضع الحديث على الرغم من الحدث “التاريخي” بانتصارات نتانياهو واتفاقات التطبيع العربي.
هذه المرة، بينما كان نتانياهو يعيش في ذروة انتصاره محتفلا مع ترامب وزمرة المحتفلين، كانت سارة ترسل حقائب الغسيل تباعا لغسلها وتنشيفها قبل ان يعودا الى بيتهم.
للمفارقة، لدى عودة نتانياهو هذه المرة، تمت مشاركة صورة له وهو نائم على أرضية الطائرة، لأن الحكومة لم تعطه طائرة خاصة. وكأن هناك ازدحام اضطر الرجل من خلالها ان يترك كرسيه لآخرين ليناموا. ولكن يبدو ان حقائبه التي تصل الى أكثر من عشرة من الغسيل تفسر حاجة نتانياهو الى طائرة!
نتانياهو وإساءة استخدامه لأموال الدولة خرج الى مستوى اخر، وصار على مستوى الدول الأخرى.
مكتب الخارجية التابع لحكومة نتانياهو- سفارته بواشنطن اضطر للرد على هذه الاتهامات موضحا: بهذه الزيارة، على سبيل المثال، لم يكن هناك غسيل، فقط زوجين من القمصان للزيارات العامة، وبدلة رئيس الوزراء وتم كي فستان السيدة نتانياهو للاجتماع العام، وصحيح.. هناك بيجامتين ارتداهما رئيس الوزراء خلال رحلة ١٢ ساعة على الطائرة من إسرائيل الى واشنطن
من الواضح ان عائلة نتانياهو تعاني من متلازمة ما، لأنه لا يمكن ايقافها.
ولكن… بينما أفكر بغسيل نتانياهو الوسخ الذي تضطره وزوجته السفر به حول العالم في محاولة لتنظيفه مجانا على حساب الحكومات الأخرى، بالإضافة الى الاتهامات التي تطاله من فساد تتمحور حول هكذا اساءات للمال العام، بحال الفساد في بلادنا…. فلو كان نتانياهو فلسطينيا لاشترى قصورا في مونت كارلو واشترى قوارب تفوق قوارب ال سعود ثمنا وطائرة وهيلوكوبتر واسطول سيارات وملأ حسابات سرية في سويسرا لولد الولد.