التصفيق لجو بايدن يزعج الكثير من الأمريكيين..!
لا يبدو دونالد ترامب رئيساً وممثلا للحزب الجمهوري فقط، بل هو بطل قومي لدى فئات متنفذة في أمريكا، كما أنه لازال يلقى دعما قوياً من الشارع الأمريكي، فقد وصل ترامب إلى كرسي الرئاسة بطريقة شعبوية وبدعم شعبي كبير، ويمثل شعاره "جعل أمريكا عظيمة مجددًا" طموح ومطلب العديد من أمريكيي الطبقة الوسطى عموماً والبيض الأمريكيين الذين يودون أن تكون أمريكا أولاً بالنسبة لساستها، ولم يكن ترامب طارئا على القيادة في أمريكا كما يصوره البعض، بل هو من أهم قادتها الاقتصاديين الفاعلين طوال عمره، وتبلغ ثروته أكثر من ثلاثة مليارات ونصف المليار دولار أمريكي..!
الأمريكيون، شأنهم شأن الإيطاليين والروس والأتراك والإيرانيين والمصريين والليبيين، يريدون أن تهتم حكومتهم ورئيسهم بشئونهم الداخلية، بشكل يسهم في بناء وتطوير اقتصاد الدولة وينهي ضغوط أزماتها ومشاكل الفقر والبطالة، فقد سئم الأمريكيون قيادة العالم وتحمل نفقات وتبعات هذه المهمة الملقاة على كاهل أمريكا فقط، وسئموا كثيراً من تحمل عناء تحالفات وهمية مع دول ودويلات اعتادت العيش تحت مظلة أمريكا ونعمت بالأمن والاستقرار بفضل القوة الأمريكية وتحت بنادق أبناء أمريكا، فهنالك قادة رأي ومفكرون وفلاسفة وأساتذة جامعيون وصحفيون أمريكيون يدعون ساسة أمريكا وقادتها لوقف البحث عن الوحوش وتدميرها في الخارج، والالتفات لداخل الولايات الأمريكية ومعالجة مشاكل حياة الأمريكيين، ويؤكدون أن سياسات مطاردة وحوش العالم وتدميرها ستضعف أمريكا وتحملها على تدمير قوتها بذاتها.
العالم يعيش على تراث الفكر اليوناني وينام قادة دوله القوية والضعيفة في مخادعهم هانئين بفضل الحماية الأمريكية، فجيوش أمريكا البالغ عدد أفرادها "2.141" مليون جندي وأساطيلها السبعة وإحدى عشرة حاملة طائرات تجوب الأرض ليس لحماية المصالح الأمريكية فقط، بل لحماية مصالح حلفاء أمريكا الكبار والصغار، وكذلك المتطفلين على موائد البيت الأبيض، فالأمريكيين ظلوا يرعون هيبة أوروبا ووجودها منذ الحرب العالمية الثانية، فلولا أبناء أمريكا لوطئت أقدام النازيين قصر بكنغهام وسلبت تاج الملك جورج السادس من على رأسه، ولولا قرار الرئيس هاري ترومان لاستمر اليابانيون في الحرب وزادوا تكاليفها البشرية والمادية وغيروا مسارها..!
شعوب العالم تنظر لأمريكا بعين السخط، ومواطنو كل دول العالم يتمنون حمل الجنسية الأمريكية والوقوف لتحية العلم الأمريكي وهم أمريكيون تجنساً، رغم شيطنتهم لأمريكا ورغم فتات الأحاديث التي يلوكونها عن الاستعمار والهيمنة والعنجهية الأمريكية، فالعالم بأسره دولاً وأفرادا يحيون حالة شيزوفرينيا رهيبة ومريبة حيال أمريكا..!
أمريكا التي نحب ونشتهي هي الدولار المزين بصور رؤساء أمريكا وعلمائها، هي البوينغ والسيسنا واللوكهيد والهونيويل، وهي سيارات الفورد والجيب والشيفروليه والدودج والجي أم سي، وهي الجوجل والفيس بوك والتويتر، وهي الأبل والماكنتوش ومايكروسوفت، وأمريكا ماكدونالدز وكنتاكي، وكذلك آرنست هيمنجواي ومارك توين وإدغار آلان بو ويوجين أونيل وويل ديورانت، وأيضاَ أمريكا هوليوود انطونيو كوين ونيكولاس كيج وليوناردو دي كابريو وويل سميث وميل غيبسون وصامويل جاكسون وبروس ويليس وجورج كلوني وتوم كروز وبراد بيت، وهي أيضا ماريلين مونرو وأنجلينا جولي وجوليا روبرتس وساندرا بولوك وجينيفر آنيستون ونيكول كيدمان وسكارليت جوهانسون، وكذلك مايكل جاكسون وماريا كاري ومادونا وغارث بروكس وإمينيم وبيونسيه وليدي غاغا وبريتني سبيرز، وهي كرتون والت ديزني توم وجيري ودونالد دك وميكي ماوس وباباي وعائلة سمبسون وتوم سوير.
أرى أن من حق الأمريكيين أن يختاروا من يشاؤون رئيساً لبلدهم، فلسنا نحب الخير لأمريكا حقيقة، وليس لتعاطفنا وشفقتنا علي الشعب الأمريكي أي معنى، فحضارتهم الحالية ووعيهم وثقافتهم ومستواهم المدني والمعيشي أفضل وأرقى وأحدث مما لدينا، ومفكروهم ومنظروهم وساستهم أشد حنكة وقدرة ودراية مما لدينا من أشباه الساسة وأشباه المفكرين وفئات الكلامولوجيين الذين يقتاتون على الصحف والبرامج الأمريكية، ويعيدون تدوير مادتها وسكبها على رؤوسنا لإقناعنا بما لا يقنع، ويصيحون على منابر إعلام دويلاتنا العاجزة عن سد جوعها وصناعة ألعاب لأطفالها، ليشغلوا أفكارنا وأوقاتنا بقضايا لا ناقة لنا فيها ولا بعير.
الأجدر.. أن نقلع عن تأمركنا الذي أدمناه طائعين، ونعمل أذهاننا وقدراتنا وفطحلتنا في أمور حياتنا، ونعالج قضايانا ونستثمر إمكاناتنا وأوقاتنا وكلامولوجيتنا في شئوننا وليس في شئون سوانا، فوصول بايدن أو بقاء ترامب لن يغير من حياتنا البائسة شيئاً..!