رجالٌ صنعوا تاريخاً لمنظمة الإيسيسكو، تحية تقدير لجهود الدكتور عبد العزيز التويجري | صحيفة السفير

رجالٌ صنعوا تاريخاً لمنظمة الإيسيسكو، تحية تقدير لجهود الدكتور عبد العزيز التويجري

خميس, 24/06/2021 - 13:42

 يشعر الكثير منا بالفخر والاعتزاز عندما نسمع بمؤسسات تقود الوعي والفكر والثقافة في مجتمعاتنا، التي هي اليوم أحوج ما تكون إلى التوجيه التربوي والثقافي والعلمي الأصيل المرتبط بالعصر. ومن أهم المؤسسات التي قادت هذا الوعي في تاريخنا المعاصر: المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة  التي أصبحت تُسمى اليوم منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة . وليس هناك من شك بأن هذه المنظمة قادها مجموعة من الشخصيات المقتدرة التي أسهمت في تأسيسها وتطويرها وتجويد أدائها خلال مايزيد عن ثلث قرن.
 وفي هذه الكلمات المعدودات أسجّل شهادةً بحقّ الدكتور عبد العزيز التويجري المدير العام السابق للإيسيسكو الذي قاد هذه المنظمة في فترة تاريخية مهمة، ونقلها بإقتدار ومهنية إلى أن أصبحت صرحاً ذا سمعة دولية مؤثّرة داخلياً وخارجياً. 
أتحدث عن الدكتور عبدالعزيز التويجري بشكل خاص لأنني عرفته وعايشت فترة من إدارته للمنظمة عندما كنت نائبا لمدير الجامعة الإسلامية العالمية ماليزيا في الفترة 2011-2018م. وكنت من قبل قد عرفته من خلال مؤلفاته ومحاضراته.
  وأول ما يسترعي الإنتباه في مؤلفات الدكتور عبدالعزيز التويجري هو أنه ليس كاتبا هاوياً أو ممتهناً للكتابة من أجل التأليف، ولكنه مثقف ومفكّر يحمل وعيا حضارياً عميقاً. يشعرك بأنّه صاحب قضية يريد أن يوطّنها في الوعي والثقافة والتربية والفكر العربي الإسلامي المعاصر. ليس هذا فقط، ولكن كذلك حضوره المتميّز عالميا بأفكاره وأطروحاته بحكم اتصاله بالمجتمع الدولي من خلال منظمة الأيسيسكو، ومن خلال عضويته في عدة منتديات ومؤسسات دولية، وكانت له مواقف مشرفة جدا في قضايا التربية والثقافة والعلوم وحوار الأديان والحوار الحضاري والتراث الإسلامي، والإسلاموفوبيا والإرهاب.. وقضايا المسلمين الكبرى وفي طليعتها: القضية الفلسطينية.
  هذا المدخل يقودنا إلى الحديث عن الدكتور عبدالعزيز التويجري في إدارته وقيادته لمنظمة الإيسيسكو لفترة بلغت سبعة وعشرين عاما تمكن خلالها من تعميق دور هذه المنظمة وأثرها في تطوير التربية والعلوم والثقافة في العالم الإسلامي. 
ومن أهم ما لاحظته في الفترة التي تعاملت فيها مع الدكتور عبدالعزيز التويجري بشكل مباشر حرصه على تشجيع المبادرات التربوية والثقافية والعلمية التي تقدمها الجامعات والمؤسسات المعنية. 
ولا أذكر أنني قدمت مشروعا أو طلبا لنشاط أو دعم ولم يُستجب له. بل كان على العكس يشجّع ويطلب من المؤسسات أن تقدّم مشاريعها وبرامجها وخبراتها، وكان حريصاً على الانخراط والتعامل المباشر مع الجامعات ومن يديرونها.
 إنّه نموذجٌ للقيادة الأخلاقية المتفاعلة والمنخرطة في شؤون إدارة التربية والتعليم والثقافة في العالم الإسلامي.
  وأمر آخر ينبغي أن نشير إليه هنا، ألا وهو روح خدمة الأمّة والإنسانية التي يتمتع بها الدكتور عبد العزيز التويجري. لقد رأيناه في المجالس الرسمية والعامة يشجّع على تبني قضايا الأمة والقضايا الإنسانية ومعالجتها بما يشيع أجواء الحوار والتفاهم والتعايش والتعاون ، محاولا بذلك أن يعطي دورا للثقافة والتربية والعلوم يتجاوز دائرة الدولة القومية إلى دائرة العالم الإسلامي، ومنها إلى دائرة العالم والإنسانية كافة. 
وهذا ما يميّز رؤية الدكتور عبدالعزيز التويجري وإدارته وقيادته للإيسيسكو.
 لقد كنا نشعر بالقيمة الكبيرة، والدور الحيوي الكبير لهذه المنظمة في واقع التربية والثقافة والعلوم الهادف إلى التطوير  الذي يفسح المجال لمؤسساتنا التربوية والثقافية والعلمية لتؤدي دورا حيوياً في العالم اليوم. وبحكم تخصصه في التربية، وخبرته بالاختلافات الثقافية، والسياقات المتعددة والمتشابكة لعمل المنظمة، كان حريصاً على الوحدة والتكامل، والتنسيق بين مؤسسات التربية والثقافة والعلوم في مختلف بلدان العالم الإسلامي لأداء أدوارها الحيوية. وهذه قدرة وملكة أخرى يتقنها الدكتور عبدالعزيز التويجري، وكانت من أسباب نجاحه في إدارة هذه المنظمة وتجويد أدائها عبر السنين. 
  ولا يسعني في هذه الكلمة المختصرة إلا أن أجدًد شكري وتقديري لجهود هذا الرجل الكبير صاحب الرسالة الحضارية والوعي المنفتح، الذي قام بمهمة التوجيه التربوي والثقافي والعلمي للعالم الإسلامي من خلال منظمة الإيسيسكو في فترة مهمّة جدا، وقدّم لنا نموذجاً حيّاً للقيادي الواعي، وللمثقف الملتزم، وللتربوي المتوازن الذي يستشرف مستقبل العالم الإسلامي ويعمل على تشييد بنائه الحضاري .

الأستاذ الدكتور عبد العزيز برغوت 
نائب مدير الجامعة الإسلامية العالمية (سابقا)