عندما ترشحت القاضية التونسية كلثوم كنو للانتخابات الرئاسية التونسية عام 2014، كتبت بعض الصحف دون تدقيق أنها أول امرأة عربية تترشح للرئاسيات في الوطن العربي. أما الصحف التي دققت في الأمر ذكرت أنها المرة الثانية، حيث سبقتها زعيمة حزب العمال الجزائرية لويزا حنون عندما ترشحت في الانتخابات الرئاسية الجزائرية التي جرت عام 2009.
لكن في الحقيقة لم تكن الجزائرية لويزا حنون أول أمرأة تترشح للرئاسيات في الوطن العربي. بل كانت سيدة الأعمال الموريتانية عائشة بنت جدان التي خاضت السباق الرئاسي عام 2003 أمام الرئيس الموريتاني الأسبق معاوية ولد الطايع.
وتكرر هذا الأمر عندما ترشحت السيدة مريم بنت مولاي ادريس عام 2014 الذي شهد ترشح ثلاثة سيدات عربيات. فبالاضافة إلى السيدة بنت ادريس ترشحت القاضية التونسية كلثوم كنو وترشحت الجزائرية لويزا حنون للمرة الثانية في بلادها. ولعل عدم معرفة كثيرين بهذا الأمر، يعود إلى جهلهم بهذه الجمهورية الإسلامية الشّبه منعزلة والمتصوفة في أقصى شمال غرب القارة الأفريقية!
وهو أمر وإن كان صورياً ولم يشهد منافسة حقيقية، لكنه لا شك أنه إشارة إلى وضع المرأة الجيد في هذه البلاد بالنسبة لدول عربية أخرى، تبوئت فيها المرأة منصب وزارة الخارجية أيضاً لأول مرة في الوطن العربي عندما عينت السيدة الناهة بنت المكناس لرئاسة الدبلوماسية الموريتانية عام 2009 في حكومة رئيس الوزراء مولاي ولد محمد الأغظف وهي بالكاد تتجاوز الأربعين ربيعاً والسيدة الناهة ابنة وزير الخارجية الموريتاني الأسبق حمدي ولد المكناس. وقد تركت منصبها في الخارجية بعد عامين إثر ما أسمته الصحافة الموريتانية" فضيحة الدبلوماسية الناعمة" عندما تغزل فيها الشعراء السودانيين إبّان زيارة رسمية للخرطوم. وتولت بعد ذلك وزارات التجارة والسياحة والمياه بالإضافة لرئاستها حزب الاتحاد من أجل الديمقراطية، أحد أبرز الأحزاب في موريتانيا.
إذاً فالحضور الواضح للمرأة الموريتانية في الحياة السياسية هو أبرز ما يلفت النظر في موريتانيا. فبالإضافة إلى ما سبق، تحتل المرأة الموريتانية حالياً خمس مقاعد في البرلمان الموريتاني والمجالس الجهوية بكوتة مخصصة لها حسب الدستور الموريتاني. وسيطرت في نهاية عهد الرئيس السابق ولد عبدالعزيز على ثلث الحقائب الوزارية وهي وزارة التجارة والصناعة والسياحة ووزارة الزراعة ووزارة الشباب والرياضة ووزارة التكوين المهني ووزارة المياه ووزارة الشؤون الاجتماعية والأمانة العامة للحكومة ومفوضة الأمن الغذائي. وهو عدد كبير جداً لم تصل اليه دولة عربية أخرى سوى دولة الإمارات .
كما أن عدد من الاحزاب السياسية في موريتانيا تترأسها امرأة كحزب الاتحاد من أجل الديمقراطية الذي تترأسه الوزيرة بنت مكناس. تترأس السيدة لالة بنت أشريف حزب الحراك الشبابي والسيدة سهلة بنت أحمد زايد رئيسة الحزب الوطني للإنماء" حواء" الموريتاني .
ثقافياً أنجبت بلد المليون شاعر كما يطلق عليها حيث يقال " في موريتانيا ان مات شاعر يولد شاعر" العديد من الشاعرات لعل أهمهم الشاعرة الراحلة خديجة بنت عبد الحي التي رحلت عن عالمنا عام 2004 وهي لم تتجاوز الأربعين ربيعا وهي صاحبة القصيدة الشهيرة "أنشودة الصحراء" وتعد الشاعرة والكاتبة الرائعة مريم منت درويش التي تكتب بالفرنسية علي خطي الرئيس السنغال الأسبق سيدار سنغور وشاعرها ومؤلف نشيدها الوطني " الأسد الأحمر " أبرز الشاعرات في الوقت الحالي ومن أبرز روائعها قصيدة " تطَلَّعْ إليَّ ..! ".
وفي مجال النسويات وحقوق المرأة يوجد العديد من الناشطات المدافعات عن حقوق المرأة التي تتطلع الي مزيد من الامتيازات من أبرزهم السيدة مكفولة منت ابراهيم الحاصلة مؤخرا علي جائزة حقوق الانسان ودولة القانون التي تمنحها كل من ألمانيا وفرنسا.
اجتماعياً تتمسك المرأة الموريتانية بالتقاليد العربية والاسلامية. فترتدي المرأة الزي الموريتاني التقليدي المناسب للمناطق الصحراوية ويتسم بالفضفاضة. مصنوع من أثواب خفيفة ذات ألوان زاهية تناسب المناخ الحار وترتدي المرأة الموريتانية ما يطلق عليه هناك "الملحفة" يسترها من رأسها حتى قدميها. وهو أشبه بما يطلق عليه في مصر الملاية السوداء التي ترتديها الفلاحة المصرية ولكن يتميز عنها بألوانها الزاهية.
ومن العادات الغريبة في المجتمع الموريتاني احتفال المرأة بالطلاق كما الزواج! ويعد مقياس جمال المرأة هناك البدانة كما كان الحال في مصر الفرعونية!
يوحنا أنور داود.. كاتب مصري متخصص في الشأن الإفريقي