إن موضوع التشاور من المواضيع التي حظيت باهتمام العديد من المفكرين والسياسيين والباحثين في الوقت الراهن، نظرا لأهميته في التقريب بين وجهات النظر المتباينة، وتحقيق التعايش السلمي والعيش المشترك على أُسُس من الاحترام المتبادل والحرص على المصالح المشتركة.
وتتجلى أهمية التشاور في علاج العديد من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فهو ضرورة واقعية تُمليها ظُروف العصر.
ومن الواضح أن بلادنا تستعد في هذه الايام الاجراء تشاور وطني ،ستشارك فيه الاغلبية والمعارضة، وهذ مايدفعني إلى توضيح بعض المسائل لتكون حاضرة فى الأذهان :
بلادنا – تتشكل من أثنيات مختلفة بألوان وعادات ولهجات شتى وهذه الاختلافات هي مصدر قوتنا،وهذ ما يفرض علينا احترام هذا الاختلاف والإقرار به من أجل حماية بلادنا من الإنزلاقات التىي لا تحمد عقباها. و المتتبع لتاريخ بلادنا لن يجد جذور تاريخية، دينية ولا إقتصادية للخلافات المفتعلة بعد تأسيس الدولة الحدية ومصدر ذالك الخلاف هو صراع نخب سياسية على مصالح وامتيازات إدارية (التعينات ، الحصول على صفقات ........).ومن أجل الوصول إلى تلك الامتيازات يستغلون أببرياء لتحريضهم على الفتنة وزعزعة روح الأخوة بين هذ الشعب المطحون ،
إنها الحقيقة، كما قال أحد المثقفين الموريتانيون أن القوميون العرب في موريتانيا، قفزوا من تقوقعهم القبلي الضّيق إلى القومية العربية الواسعة دون المرور بمرحلةِ الوطنية الموريتانية.
والشرائحيون، قادتهم أنانيتهم من الإنحسار الذاتي حول أنفسهم إلى محطة شريحة كذا وشريحة كذا...
-أما الإسلاميون فقفزوا على أُمَمِيَة الدّعوة الإسلامية إلى درجة أن فقير غزة أحوج عندهم من فقير موريتانيا...
-أما الكادحين (الحركة الوطنية الديمقراطية) فهدفهم التحكم في الأنظمة و السيطرة عليها ، وعندما لم يحقق لهم نظام مطالبهم يشككون في شرعيته ويراهنون على سقوطه.
وهكذ ضاع الولاء للوطن...وهذ ما يجب أن يكون حاضرا فى أذهان الجميع.
و للأسف هذ هو واقعنا والعالم يتجه إلى عولمة ربما لايكون فيها مكانا للدولة التقليدية. ، فضلا عن نخبها المهزومة التي تريد أن تحافظ على خصوصياتها، بسبب التطورات التي يشهدها العالم، في عالمي الاتصال والعلاقات التجارية والإقتصادية المفتوحة.
ونتمني أن يسفر هذ التشاور عن وضع أسس سليمة وقوية ينبني عليها تلاحم اجتماعي حقيقي يذيب الفوارق والاختلافات ويؤسس لمجتمع راقي.