على ضوء ما يجري على الأرض، يجد بعض ذوي الخبرة والإطلاع الكافي في مجال الإعجاز الفيزيائي بالقرآن الكريم أن قوله تعالى: ﴿مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ…﴾ [النور: 35]، نواة للثورة الصناعية التي شهدها العصر الحديث، وما رافقها من استحواذ الإنسان على المواد الخام كركيزة من ركائز الثورة الصناعية، فقد لاحظ الفيزيائيون بالاحتكام إلى هذا المنطق التنزيلي انكسار شعاع النور، والآيات في الاستدلال على ذلك عديدة من مثل: ﴿يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ﴾ [البقرة: 20]، وغيرها من الآيات، بما أثارانفتاح الفكر في مجال البحث عن الطاقة، إلى أن تم اكتشاف التقنيات الجيوفيزيائية وهي تقنيات استشعار فيزيائية مختلفة، منها ما يعتمد على تحديد القطب الشمالي والقطب الجنوبي كمعمل الطريقة المغناطيسية، حيث يتم تحديد النفاذية المغناطيسية (µ) لاستكشاف المعادن والمياه الجوفية، ومنها ما يعتمد على المسح السيزمي الانعكاسي الذي يستخدم لاستكشاف النفط والغاز…
هذا الكوكب الدري (la Source)، تحدث عنه القرآن واكتشفه ابن الهيثم فقدم للباحثين نظرية انكسار شعاع الضوء التي استخدمها هو في اختراع عدسات النظارة، ولا شك بأنها النظرية نفسها التي طورها الفيزيائي توماس إديسون ونجح من خلالها في ابتكاراته كالفونوغراف، وكاميرا الصور المتحركة، والمصباح الكهربائي العملي طويل الأمد وكذلك المصباح المتوهج. ومن اليقين بأن هذه النظرية نفسها هي التي مكنتنا نحن معشر الجيوفيزيائين من الوصول إلى مختلف المسوحات الجيوفيزيائية التي نستخدمها في رسم الخرائط والاستشعار عن بعد والمسوحات البحرية.. فتبارك الله أحسن الخالقين.
هذا كان من جهة، ومن جهة أخرى فقد بدأ العالم يستشعر خطورة انبعاث الكربون على الأرض ويخطط للانتقال إلى طاقة منخفضة الكربون بهدف حصر ارتفاع درجات الحرارة العالمية بأقل من 1.5 درجة مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية، رغم صعوبة هذه المهمة التي ستلقي بظلالها على مؤتمر كوب 26 بمدينة غلاسكو البريطانية، يوم 31 أكتوبر القادم، من أجل الحسم في ظاهرة الاحتباس الحراري.. إلا أن موريتانيا الجديدة أطلقت العنان عن مبادرات نوعية للمحافظة على البيئة ومكافحة التغير المناخي من خلال مشاريع عدة، تمهد للانتقال الطاقي والتنمية المستدامة عبر مشروعات الطاقة الخضراء، والتي من شأنها المضي قدماً لاستجلاب مستلزمات المواطن من الطاقة النظيفة وبثمن زهيد لتكون في متناول الجميع، مع ملائمة هذه الحاجيات وفق متطلبات بيئة سليمة بما سيسهم في بناء موريتانيا.. بلاد الأنوار.
إنني أحدثكم عن مشروع ضخم لإنتاج الطاقة الخضراء، إنه مشروع “نور” الذي سيضيء موريتانيا قاطبة، والذي يبلغ من ناحية التكلفة نحو 3.5 مليار دولار، كما يمكن إدراجه ضمن مخطط استراتيجية موريتانيا الدولة التي تعول على جميع مواردها لتحقيق أمن الطاقة.
وهكذا تستلهم موريتانيا الدولة هذا التوجه الجديد الاستراتيجي بقوة من مشروع فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني “تعهداتي” الذي يعد بحق أن الاستقلال الحقيقي لبلادنا يكمن في مدى قدرتنا على حسن تسيير ثرواتنا والاستفادة القصوى من مقدراتنا، وتنمية مواردنا وتنويعها، وعلى تلبية الحاجات الأساسية لمواطنينا وبلوغأ على درجات الاكتفاء الذاتي، والتوازن والأمن، باعتبار أن ذلك هو الضمانة الوحيدة الحقيقية لاستقلالية بلادنا وسيادتها.
وأخيراً أدعوكم في خضم هذا الجو المفعم بالتشاور السياسي، لنجعل عام 2024 يكتسي شعار “موريتانيا الدولة.. بلاد الأنوار”، احتفاءً بالعهدة الرئاسية الأولى، وليرفرف تنزيلاً للعهدة الثانية.