لم تكن فرحة ساكنة "انتيكان"، فرحة عادية ـ على غرار كافة سكان اترارزة ـ وهم يحتفون بحدث كبير، سيشكل لا محالة رافعة تنموية للولاية ويجعل من مدينة روصو، قطباً تنموياً يربط ما بين إفريقيا جنوب الصحراء وشمالها، إحياءً لتبادلات اقتصادية وثقافية ضاربة الجذور عبر التاريخ، بل كانت فرحتهم مزدوجة وهذا ما عبًروا عنه قمة وقاعدة.
خلال احتفالية اترارزة بوضع الحجر الأساس لبناء جسر الإخاء الذي أشرف عليه الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، ونظيره السينغالي ماكي صال، كانت مشاركة سكان مقاطعة انتيكان ذات الـ 56 بلدة وأكثر من 40 ألف نسمة ببلديتها انتيكان ولكصيبة2 حاضرة بشكل يوازي وزنها الاقتصادي والبشري على مستوى الولاية من خلال أطرها ووجهائها وعموم الساكنة، وكان حضورهم لافتا شيبا وشبابا.
لقد أظهر سكان "انتيكان" أن الحدث يهمهم بالدرجة الأولى فحشدوا ووفروا كافة الوسائل لتأكيد فرحتهم وغبطتهم بهذا الإنجاز المهم ليس لكونه رافعة اقتصادية ستكون أساسا لإندماج اقتصادي إفريقي ظل حلما طال انتظاره بعد أن كان بذرة وضعها الآباء المؤسسين.
لم تكن التعبئة القوية فرحا بالمنجز بقدر ما هي أمتنان وعرفان بالجميل للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني وهو يحقق لأبناء المقاطعة طموحا طالما روادهم منذ بواكير إعلان الدولة الموريتانية في تحويل (انتيكان) مقاطعة بدل مركز إداري، رغم المطالب التي ظلت معلقة طيلة عقود من الزمن.
وعكست الحشود التي قدمت من بلديات وقرى المقاطعة قبل حفل الاستقبال، حيث نصبت الخيام وتدفقت الحشود التي احييت سهرات فنية عانقت فيها الموسيقى الوطنية مختلف مكونات المجتمع الموريتاني في تناغم قفزَ على اختلاف اللًهجات ليتمايل الجميع طرباً في انسجام على أنغامها التي عبًرت عن التلاحم الاجتماعي الذي غذاه التعاطي الإيجابي بين الأطر والوجهاء من مختلف مكونات الطيف الاجتماعي للمقاطعة، وحجم التكاتف بين أبناء المنطقة رغم التنوع العرقي والاجتماعي وهي الصورة التي نجح أبناء انتيكان على تجسيدها، بل يحرصون كل الحرص على أن تظل أنتيكان "موريتانيا مصغًرة" بتنوعها الثقافي، وهم يرفعون شعار: الوطن يسعُ الجميع.