لقد استمعت الى خطاب رئيس الجمهورية فى وادان بمناسبة مهرجان المدن القديمة يوم عشرة دجمبر ٢٠٢١ وجدته خطابا أعطى صورة متكاملة قوية حقا فى المضمون واحتاطت بتشخيص الواقع وانصبت الكلمات و العبارات كلها فى صميم جوهر ما يعانيه مجتمعنا اليوم.
ما تمت اثارته فى الخطاب هو ركام موروث ثقافى سيء ، اصبح يشكل خطرا و تهديدا حقيقيا على العيش المشترك والتعايش السلمي بين مكونات مجتمعنا كما اصبح مهددا لكينونة الدولة و المجتمع فى وقت نحتاج فيه الى التفاهم و تعزيز لحمة المجتمع و الوئام الوطنى من اجل مواجهة معا تحديات العصر و البناء فى ظل دولة المواطنة تلك التى تتسع للجميع وتحرص على حقوق الكل و ينعم فيها الفرد بالرفاه و الاعتبار و احترام الكرامة .
اليوم رئيس الجمهورية محمد الشيخ الغزوانى رفع الستار و وضع الأصبع على الجرح و وعد بالعمل لإزاحة كل هذه الاوساخ الراسخة فى موروثنا الثقافي المناهضة لدولة المواطنة و للمدنية كما أيضا مناهضة للمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان .
نرجو ان يكون التعهد الجديد أقوى من سابقيه و ان يكون ورائه قناعة جدية لتلافى الوضع المتدهور والسائر فى اتجاه الانفجار الحتمى .
كنا و مازلنا ندق ناقوس الخطرحول هذه المخاطر و نلفت اليها الانتباه، كنا نرى ما استنتجه و استخلصه اليوم رئيس الجمهورية بإسهاب . لكن ما تم وصفه ليس الا نتيجة لنظام سياسي تم إرساؤه منذ ميلاد الدولة الموريتانية و تواصلت تلك السياسات الحاضنة لثقافة الطبقية و الاستعباد و التهكم و تنامت هذه الثقافة بشكل خطير فى ظل الحكم العسكري و خاصة حقبتي عزيز و محمد الشيخ الغزوانى و بلغ انحطاط الدولة ذروته مما خلق مناخا ملائما لتمتين البنية القبلية و الشرائحية والجهوية اضافة الى ذلك أن الحكومات عمدت على زرع الكراهية و العنصرية والإقصاء و تشجيع ممارسات العبودية و استغلال الانسان لاخيه الإنسان و التعالي عليه فى ابشع صوره.
وظلت الدولة غائبة ،ضعيفة و عاجزة عن القيام بوظائفها الاساسية من بينها ضمان العدالة و المساواة والعيش الكريم وصيانة وحدة كيان المجتمع و الدولة الأم .
هذا الخطاب الذى استمعنا اليه ندعم كل ما ورد فيه من مضامين و محتوى و جرد للواقع و عزيمة للعمل على تغيير تلك الصورة النمطية القاتمة التى تعهد فخامة الرئيس بمعالجتها الا ان الرهان يبقى مطروحا بما يخص التطبيق الفعلي و احترام التعهدات .
و املنا هو ان تكون تعهداته هذه المرة مدعومة بقناعة و إرادة حقيقية لخلق القطيعة الكلية مع أساليب التعهدات البائدة و خاصة مع النهج و سياسة الكراهية و التمييز و الإقصاء و الحرمان وخلخلة ركائز أسس الدولة لصالح تمتين البنية القبلية و الجهوية وهى السياسات التى ميزت سلوك النظام و التى تشكل فى حد ذاتها خطرا على الوحدة الوطنية وكيان الدولة الوطنية وهى أيضًا التى خلقت المناخ الملائم لتعزيز البنية القبلية و تفشى الطبقية و العبودية فى نسيج المجتمع .
اخيرا فاننا نثمن ما جاء فى الخطاب، آملين ان تتبعه سياسة جديدة تصب فى اتجاه مسار التغير و التصحيح و التصالح مع الذات و تنقية موروثنا الثقافى من كل تلك الرواسب و المعيوبات ، راجيًن من الله ان يسدد خطانا إلى الطريق السداد و الرشاد و ان ينعم علينا بنعمه و يفكنا من كل مكروه .
------------
السامورى ولد بي