عقب قيام الولايات المتحدة بعدد من العمليات الفاشلة التي سعت من خلالها إلي إسقاط النظام الكوبي وعلي رأسها عمليتا غزو خليج الخنزيرة والنمس, شرعت حكومتا كوبا والاتحاد السوفيتي المتحالفة آنذاك في بناء قواعد سرية لعدد من الصواريخ النووية متوسطة المدي بها, والتي تتيح للاتحاد السوفيتي ضرب أراضي الولايات المتحدة بشكل أسهل، وقد بدأ التحالف السوفيتي في أغسطس1962 بعد نشر الولايات المتحدة صواريخ من نوع ثور في بريطانيا سنة1958 ونشر صواريخ من نوع جوبيتر في إيطاليا وتركيا سنة1961، والمخاوف التي اجتاحت قلب خروتشوف جعلته دائم القلق من أي هجوم أمريكي مما جعله يقرر في مايو1962 بإرسال أكثر من40 ألف جندي والعشرات من الصواريخ المزودة برؤوس نووية إلي كوبا.
جن جنون الرئيس الأمريكي والمسؤولين الأمريكان حيث أعلنت الولايات المتحدة أنها لن تسمح بتسليم أسلحة لكوبا, وطالبت الاتحاد السوفيتي بتفكيك أي قواعد صواريخ مبنية أو تحت الإنشاء لها بها وإزالة جميع الأسلحة الهجومية.
وقد رضخ السوفييت عقب مباحثات قام بها أمين عام الأمم المتحدة آنذاك مع جون كينيدي ينص بموجبه إزالة قواعد الصواريخ الكوبية مقابل أن تتعهد الولايات المتحدة بعدم غزو كوبا إلي جانب تخلصها بشكل سري من الصواريخ التي توجد بكل من تركيا وإيطاليا.
حيث سحب السوفييت صواريخهم وبعدها رفع الأمريكيون الحصار عن كوبا وانتهت الأزمة التي كادت دودي بأرواح ملايين البشر.
بعد تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991 وانهيار حلف وارشو، أصبحت روسيا هي وريث هذه الامبراطورية، حاولت أمريكا محاصرة روسيا من خلال دعم الدول التي استقلت عن الاتحاد السوفيتي، مما جعل الرئيس بوتين يصف تفكك الاتحاد السوفيتي بأنه كارثة سلبت روسيا مكانتها التي تستحقها بين القوى العظمى في العالم ووضعتها تحت رحمة الغرب، وأمضى بوتين 22 عاما في السلطة لإعادة بناء الجيش الروسي وإعادة تأكيد نفوذه الجيوسياسي.
وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، توسع الناتو باتجاه الشرق، وضم في عضويته في النهاية معظم الدول الأوروبية التي كانت في المجال الشيوعي مثل جمهوريات البلطيق كليتوانيا، ولاتفيا، وإستونيا وغيرها من دول أوروبا الشرقية التي ضمها الناتو.
في المقابل، يصف الرئيس الروسي توسع الناتو بأنه تهديد، وأن احتمال انضمام أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي يمثل تهديداً وجودياً لبلاده.
السؤال المهم بعد التدخل العسكري الروسي في اوكرانيا، هل تقوم أمريكا وحلف الناتو بحماية اوكرانيا والوقوف بوجه الترسانة العسكرية الروسية؟.
نعم تعتبر امريكا نفسها حامية الشرعية الدولية، وهي التي قادت التحالف الدولي لإخراج العراق من الكويت بعد غزوها عام 1990، فهل تقوم بنفس الدور وتقود تحالف دولي لإخراج الروس من اوكرانيا؟، الحقيقة لا يمكن لأمريكا وحلفائها أن تواجه ترسانة عسكرية هائلة إلا إذا كانت مستعدة لحرب نووية غير معروفة النتيجة وهذا مستبعد بشكل كبير.
والسؤال الآخر ما هو تأثير هذه الأزمة على العراق؟، العراق بعيد عن منطقة الصراع ول يمكن أن يكون طرفاً في الصراع، وكل ما يمكن أن يتأثر به العراق هو تأثير ايجابي من خلال ارتفاع اسعار النفط بالأسواق العالمية، رغم أن كل زيادة بأسعار النفط لن ينعم بها المواطن العراقي، عكس انخفاض سعر النفط الذي يكون المواطن أول المتأثرين سلباً بذلك.
وكشعب عراقي انكوى بنار الاحتلال الأمريكي، وشعوب عربية تأثرت سلباً بنظام العالمي ذات القطب الواحد، نتمنى أن يعود نظام القطبين، للتخلص من الهيمنة الأمريكية التي لن تكون إلا لصالح اسرائيل.
د. صلاح الصافي