أكد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، أن موريتانيا ليست من أسوإ البلدان ظروفا في هده المرحلة، كوأن جميع المؤن متوفرة وظلت كذلك رغم تأثيرات جائحة كورونافي حين توجد ببلدان قوية وكبيرة طوابير على مادة معينة من احتياجات المواطن، "تارة من السكر وتارة من الزيت وتارة من الطحين".
وأضاف في خطاب أفتتح به الزراعية اليوم من "سد لكراير" التابع لمقاطعة تامشكط: كان لدينا مستوى من الصمود أمام هذه الأزمات، لا يقل شأنا عن مستواه في بلدان أخرى، بل إذا أردنا أن نقارن أنفسنا بالبلدان التي بحجمنا فسنقول بأننا من أفضلهم ولذلك ليس هناك ما يجعلنا نعتبر أننا في وضعية صعبة."
وفيما يلي نص خطاب الرئيس:
أود أولا أن أتوجه بجزيل الشكر للمنتخبين والوجهاء والأطر ومناضلي ومناضلات حزب الإنصاف وقاطني مقاطعة تامشكط وعموم سكان ولاية الحوض الغربي وسائر الوافدين من الولايات الأخرى، لحرصهم على استقبالنا ومشاركتهم لنا فعاليات إطلاق الحملة الزراعية لسنة 2022-2023 رغم انشغالاتهم الجمة.
قررنا هذه السنة إطلاق الحملة الزراعية من هذه المقاطعة العريقة، للتأكيد على أهمية الزراعة المطرية التي تراجع الاهتمام بها منذ فترة ومنذ سنوات كثيرة بالرغم من كون هذه الزراعة الموسمية شكلت تاريخيا دعامة الأمن الغذائي في بلدنا. ونحن حريصون على أن تستعيد الزراعة المطرية دورها المحوري التقليدي في خلق فرص العمل وتوفير المواد الغذائية وتوفير مواد العلف وتثبيت السكان في مناطقهم.
ويتعين علينا استغلال كافة المساحات المتاحة للزراعة المطرية في السدود وفي الوديان وفي الواحات و(التيمرن) أكثر من أي وقت مضى وينبغي حسم النزاعات العقارية التي تحول أو تكون عائقا في وجه ذلك وإرساء قواعد انسجام وتكامل دائمين بين المزارعين والمنمين.
إن تحقيق الأمن الغذائي على المستوى الوطني، مرهون بقدراتنا على تطوير زراعتنا بشقيها المروي والمطري، والحكومة تبذل جهودا كبيرة لجذب الاستثمارات للقطاع وتوسيع المساحات المستصلحة وتوفير المدخلات الزراعية وتنفيذ العديد من البرامج و المشاريع المرتبطة بترقية الزراعة كفك العزلة عن مناطق الانتاج مثلا وكهربة مناطق الانتاج.
إن مسألة الاكتفاء في المجال الغذائي، لا يجب أن تكون مجرد خيار استراتيجي بعد الآن، بل أصبحت أكثر الحاحا من ذلك بل يمكن أن نعتبرها ضرورة لازمة لكونها في الحقيقة مسألة سيادة ومسألة أمن وهي أساس القدرة على الصمود في وجه مختلف الأزمات .
لقد ظهر بعد أن اجتاحت العالم جائحة كورونا وتلتها بعد ذلك الأزمة الأوكرانية التي أضافت نتائج كارثية لأزمة كورونا وخلقت تحديات أخرى جديدة على جميع المستويات حتى ارتبكت وأصيبت بالخلل سلاسل التمويل والامداد وتضاعفت أسعار الطاقة ومختلف المواد الاستهلاكية وارتفعت نسبة التضخم وضعفت وتآكلت القدرة الشرائية للمواطنين في سائر بلدان العالم، لقد ظهر أن الدول الأكثر قدرة على الصمود في وجه هذه الأزمات والأقل تضررا هي الدول التي تعتمد على نفسها في الأمن الغذائي.
ولهذا كله كانت جل جهود الحكومة في بلدنا منصبة على دعم القدرة الشرائية للمواطنين وتخفيف أثر هذه الأزمات التي ذكرنا على حياتهم اليومية بدعم المواد الغذائية وبدعم المحروقات وبالتحويلات النقدية وتوفير التأمين الصحي والعديد من البرامج والمشاريع التي تسير في نفس المنحى وزادت تكلفتها على 200 مليار اوقية قديمة منها 138 مليارا مازالت تدعم المحروقات والوقود والغاز المنزلي، ورغم نقص الدعم في الأيام الماضية والذي بدأ سريان مفعوله منذ أيام قليلة، فإن هذا المبلغ ما زال مخصصا لدعم هذه المواد، وما يقارب 100 مليار منها لدعم الجوانب المعيشية الأخرى للمواطن.
غير أن هذه الإجراءات وهذا الدعم والذي بطبيعة الحال مهم جدا ويجب أن يستمر وسيستمر إن شاء الله إلا أنه ينبغي أن نعترف بأن تلك الإجراءات وذلك الدعم ليسا حلا حقيقيا مستداما لمشاكلنا، لكونها كلما تم الفصل فيها وكثرت ستؤثر تكلفتها في النهاية حتما على قدرة الميزانيات على تحملها، وهو ما يهدد التوازنات الاقتصادية الكبرى .
وإضافة إلى ذلك، ينبغي التأكيد بأن بلدنا ليس من أسوإ البلدان ظروفا، كما أن ثمة بلدانا أحسن منا وسائل لكن ظروفنا أفضل منها بحمد الله، فالمؤن هنا متوفرة وظلت كذلك رغم جائحة كورونا، في حين أن بعض البلدان القوية والكبيرة توجد فيها طوابير على مادة معينة من احتياجات المواطن، تارة من السكر وتارة من الزيت وتارة من الطحين.
وبصراحة كان لدينا مستوى من الصمود أمام هذه الأزمات، لا يقل شأنا عن مستواه في بلدان أخرى، بل إذا أردنا أن نقارن أنفسنا بالبلدان التي بحجمنا فسنقول بأننا من أفضلهم ولذلك ليس هناك ما يجعلنا نعتبر أننا في وضعية صعبة .
لقد اكتسبنا تجارب كبيرة من هذه الأزمات لله الحمد، إلا أنه علينا كذلك أن ندرك، أن لدينا الكثير من المقدرات وكل المؤشرات تبشر بمستقبل واعد بل وتحسن على المديين القريب والمتوسط، وكل هذا يتطلب منا أن ننبذ الكسل والاتكالية ونستغل مقدراتنا الطبيعية الهائلة بالعمل ثم العمل ثم العمل.
إن مناطقنا الريفية فيها الكثير من المقدرات من ضمنها الزراعة بطبيعة الحال وهي في مقدمتها لكن هناك أيضا مقدرات أخرى ينبغي استغلالها كالصيد القاري أو صيد الأسماك الغير موجودة في المحيطات والبحار وموجودة في أماكن أخرى. ولدينا منها إمكانيات لابأس بها وغير مستغلة وفي نفس الوقت يمكن أن نلعب دورا هاما في الاكتفاء الذاتي وهي مناطق بها فرص هائلة للتشغيل ولتحسين ظروف الأسر والأشخاص العاملين بها، منها مثلا بحيرة كنكوصة ومحمودة وسد فم لكليته وبحيرة آلاك ومناطق أخرى تناهز 12 مكانا.
لقد قررنا وأعطينا أمس التعليمات للحكومة بإنشاء وكالة خاصة للصيد القاري تعمل على استغلال وتطوير هذا النوع من الصيد والسيطرة عليه بطريقة جيدة بما في ذلك تربية الأسماك والبحث عن التجارب التي يمكن أن تعطينا التقدم في هذا المجال.
إننا مصرون على دعم قدرتنا على الصمود بتطوير قطاعاتنا الإنتاجية وتحقيق الإكتفاء الذاتي وتطوير قطاع الزراعة بشقيه المروي والمطري.
إنني أدعوكم جميعا من هنا، كما أدعو من خلالكم جميع مواطنينا، إلى الاقبال على الزراعة بشقيها المروي والمطري، كما أجدد دعمي لرجال أعمالنا في القطاع الخاص وكافة الفاعلين الاقتصاديين وأدعوهم إلى الاستثمار في هذا القطاع، لتحقيق الإكتفاء الذاتي في مجال الغذاء والتأسيس لتنمية شاملة ومستدامة .
وتشجيعا للمواطنين على المشاركة في هذه الحملة الزراعية، فقد أعطينا تعليماتنا للحكومة، بتحمل تكاليف سفرهم من انواكشوط إلى أي مكان من الوطن يفضلون مزاولة الزراعة فيه.
أشكركم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".