قال العاهل المغربي الملك محمد السادس، اليوم الأحد، إن أنبوب الغاز نيجيريا – المغرب يعد مشروعا من أجل السلام، والاندماج الاقتصادي الإفريقي، والتنمية المشتركة، وكذا من أجل الحاضر، والأجيال القادمة.
جاء ذلك في خطاب ألقاه العاهل المغربي بمناسبة الذكرى السابعة والأربعين للمسيرة الخضراء، ركز فيه على مقاربة المغرب التنموية في الأقاليم الجنوبية.
وفي سياق حديثه عن مشروع أنبوب الغاز الذي سيربط المغرب ونيجيريا، عبر المحيط الأطلسي، قال العاهل المغربي: “بالنظر للبعد القاري لأنبوب الغاز نيجيريا – المغرب، فإننا نعتبره أيضا مشروعا مهيكلا، يربط بين إفريقيا وأوروبا”.
وأضاف في السياق ذاته أنه “اعتبارا لما نوليه من أهمية خاصة، للشراكة مع دول غرب القارة، فإننا نعتبر أنبوب الغاز نيجيريا – المغرب، أكثر من مشروع ثنائي، بين بلدين شقيقين”، قبل أن يشير إلى أن رغبة المغرب تتمثل في أن يكون “مشروعا استراتيجيا، لفائدة منطقة غرب إفريقيا كلها، التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 440 مليون نسمة”.
وأوضح العاهل المغربي أن المشروع يوفر فرصا وضمانات، في مجال الأمن الطاقي، والتنمية الاقتصادية والصناعية والاجتماعية، بالنسبة للدول الخمسة عشر، للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، إضافة إلى موريتانيا والمغرب.
وذكر بأن مذكرة التفاهم الموقعة مؤخرا في الرباط، مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، وفي نواكشوط مع موريتانيا والسنغال، تشكل لبنة أساسية في مسار إنجاز المشروع، وهو ما اعتبر أنه يعكسُ التزام البلدان المعنية، بالمساهمة في إنجاز هذا المشروع الاستراتيجي، وإرادتها السياسية لإنجاحه.
وأشاد الملك محمد السادس، في هذا السياق، بدعم المؤسسات المالية، الإقليمية والدولية، التي عبرت عن رغبتها في المساهمة الفعلية، في إنجازه، مؤكدا “حرص المغرب على مواصلة العمل، بشكل وثيق مع أشقائنا في نيجيريا، ومع جميع الشركاء، بكل شفافية ومسؤولية، من أجل تنزيله، في أقرب الآجال”.
وخلص إلى القول: “نجدد انفتاحنا على جميع أشكال الشراكة المفيدة، من أجل إنجاز هذا المشروع الإفريقي الكبير”.
وفي خطابه تحدث العاهل المغربي عن المسيرة الخضراء وقال إنها “إذا كانت هذه الملحمة الخالدة، قد مكنت من تحرير الأرض، فإن المسيرات المتواصلة التي نقودها، تهدف إلى تكريم المواطن المغربي، خاصة في هذه المناطق العزيزة علينا. ومن هنا فإن توجهنا في الدفاع عن مغربية الصحراء، يرتكز على منظور متكامل، يجمع بين العمل السياسي والدبلوماسي، والنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية للمنطقة”.
وأضاف أن البرنامج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية الذي وقع تحت رئاسته في لعيون 2015 وفي الداخلة 2016 هو “برنامج تنموي مندمج، بغلاف مالي يتجاوز 77 مليار درهم، ويهدف إلى إطلاق دينامية اقتصادية واجتماعية حقيقية، وخلق فرص الشغل والاستثمار، وتمكين المنطقة من البنيات التحتية والمرافق الضرورية”.
ووصف الملك محمد السادس البرنامج التنموي بأنه “طموح يستجيب لانشغالات وتطلعات سكان الأقاليم الجنوبية؛ وتتحمل السلطات المحلية والمنتخبة مسؤولية الإشراف على تنزيل مشاريعه”.
وأكد أنه بعد مرور سبع سنوات على إطلاق البرنامج “نثمن النتائج الإيجابية التي تم تحقيقها، حيث بلغت نسبة الالتزام حوالي 80 في المائة، من مجموع الغلاف المالي المخصص له. فقد تم إنجاز الطريق السريع تيزنيت-الداخلة، الذي بلغ مراحله الأخيرة، وربط المنطقة بالشبكة الكهربائية الوطنية، إضافة إلى تقوية وتوسيع شبكات الاتصال.كما تم الانتهاء من إنجاز محطات الطاقة الشمسية والريحية المبرمجة. وسيتم الشروع، قريبا، في أشغال بناء الميناء الكبير الداخلة-الأطلسي، بعد الانتهاء من مختلف الدراسات والمساطر الإدارية”.
وعلى الصعيد الاقتصادي قال الملك محمد السادس إنه تم إنجاز مشاريع في مجال تثمين وتحويل منتوجات الصيد البحري، الذي يوفر آلاف مناصب الشغل لأبناء المنطقة، وأضاف أنه “في المجال الفلاحي، تم توفير وتطوير أزيد من ستة آلاف هكتار، بالداخلة وبوجدور، ووضعها رهن إشارة الفلاحين الشباب، من أبناء المنطقة. وتعرف معظم المشاريع المبرمجة، في قطاعات الفوسفاط والماء والتطهير، نسبة إنجاز متقدمة”.
وفي الأخير قال إن “المجال الاجتماعي والثقافي شهد عدة إنجازات في مجالات الصحة والتعليم والتكوين، ودعم مبادرات التشغيل الذاتي، والنهوض باللغة والثقافة الحسانية باعتبارها مكونا رئيسيا للهوية الوطنية الموحدة”.
ودعا القطاع الخاص إلى “مواصلة النهوض بالاستثمار المنتج بهذه الأقاليم، لاسيما في المشاريع ذات الطابع الاجتماعي. كما ندعو لفتح آفاق جديدة أمام الدينامية التنموية التي تعرفها أقاليمنا الجنوبية، لا سيما في القطاعات الواعدة، والاقتصاد الأزرق، والطاقات المتجددة”.