على الرغم من الخطة الإستراتيجية التي انتهجتها إيران للتمدد في إفريقيا بقصد تصدير الثورة وولاية الفقيه ؛ وما صاحب ذلك من بعث الوفود والمرجعيات الشيعية التي جابت كثيرا من دول القارة خدمة لتلك المُخططات إلا أن بلاد شنقيط ظلت عصية على الإختراق الصفوي متمسكة بسنيتها ومذهبها المالكي!! إلا أنه في الآوانة الأخيرة ظهرت أنشطة للرافضة في هذه البلاد تمثلت في تصريحات من أبناء بعض الجلدة يتبجحون بانضمامهم للمذهب الجعفري ؛ إلى جانب تقارير أثبتت أن هنالك صلات وثيقة بينهم وبين الحوزات في النجف وقم ؛ وأنهم صاروا عددا معتبرا و..و..هذه التقارير والأنشطة قوبلت من بعض قومنا بتهوين معتبرة تلك الأرقام والإحصاءات لا تعدو أن تكون نُفخت للحصول على عطايا سخية من القائمين على تصدير الثورة ؛ فيما رأى آخرون أن النشاط الرافضي دخل فعلا وإن كان محدودا لكنه يتطلب هبة من جميع أبناء الوطن للتصدي له في بدايته قبل أن يستفحل وينتشر .
حين نتحدث عن بداية التشيع الذي ظهر في بعض دول إفريقيا نجد أنه كان يبدأ من خلف الأخبية والأروقة وفي المجالس المغلقة ؛ تغذيه سفارة إيران وتنفق عليه وتحتضنه وتشرف على تنفيذه من خلال طبع وتوزيع الكتب والمنشورات واستقطاب خبرات أهل البلد وربما تعيينهم مستشارين في تلك السفارة ؛ ثم بعث من عرفوا بالولاء للمشروع الصفوي إلى الحوزات ليدرسوا أصول وفروع المذهب الجعفري ؛ ثم تقام الحسينيات والمعاهد والجامعات والمدارس والمستوصفات !! وتبدأ زيارات مكثفة من المُعممين يشدون الأزر وبساهمون في نشر التشيع!!
فمثلا في جارتنا السنغال كان اللبنانيون بمنأى عن الإحتكاك بالشعب يُمارسون شعائرهم في أماكن مغلقة ؛ إلى أن ظهر الإمام موسى الصدر الذي جال وصال في إفريقيا سنة١٩٦٤ وما بعدها حاملا معه المشروع الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان ؛ فزار كل بلد إفريقي فيه وجود لبناني فجمع الجالية ونصَّب لهم إماما ومرشدا دينيا براتب يتحمله المجلس ؛ فنصّب للجالية اللبنانية في السنغال (عبد المنعم الزين) وبنى له بعض اللبنانيين مركزا فخما في داكار هو (المركز الاجتماعي الإسلامي) سنة١٤/٥/م١٩٨١ ؛ واحتوى على أربعة طوابق :الطابق الأرضي نادي الرسول ؛ الطابق الأول مسجد الإمام علي المستوصف الإسلامي؛ الطابق الثاني: جمعية الهدى الخيرية ؛ الطابق الثالث: الإدارة العامة.
وتوجد في الطابق مدرسة الزهراء وفيها يدرِّس شيخهم بعض الأفارقة ، فإذا وثق بهم يرسلهم إلى لبنان أو إيران ليواصلوا دراستهم! ونصَّب لهم إماما سنغاليا تخرج على يدي عبد المنعم فكان هذا الإمام يصلي الجمع والجماعة تقية كصلاة أهل السنة مع إدخال بعض الشعائر الشيعية التي لا ينتبه لها إلا فطن لقن.
أثمرت دعوة عبد المنعم في السنغال فأنشئت حوزات وحسينيات وصار للرافضة هناك نشاط مشهود. أما في بلاد شنقيط فإنها طيلة تلك الأحداث والوقائع التي عرفتها الجارة زرعا للتشيع ظلت بمنأى عن ظهور أي شيعي مع ما تربطنا بها من صلات وروابط فقد كانت ولا تزال الحركة على الحدود دائبة ودائمة ويرجع ذلك لجملة من العوامل : منها الفطر السليمة التي طبع عليها الشناقيط ، وغيرتهم الشديدة على ثوابت الأمة ، فهي عند صغيرهم قبل كبيرهم خطوط حمراء لا يُسمح لأحد بالقفز عليها .
ودخلت سنة٢٠٠٦ م فرفع بكار عقيرته متبجحا أنه انضم للمذهب الجعفري لطائفة السيستاني وليُلفتَ الإنتباه أعلن ذلك على الملأ واتخذ بكار من وسائل الإعلام مطية فأجرى مقابلات وطيَّر أخبارا عن إحصاءات ونشاطات لوّث بها ثرى البلاد إن كانت وقعت ؛ ثم شارك القصعة أقوام من بني الأرض دفعتهم المخمصة إليها طوعا أو كرها فأحصيت أسماء انتقلت من السنة إلى الرافضة أضرب صفحا عن ذكرها وهي معروفة لكل ذي عينين ؛ لكن شركاء القصعة لم يكونوا على قلب رجل واحد فوقع بيهم خصام ونقد حتى كاد يُجهز على أحلام الرافضة في وجود حاضنة في أرض المنارة والرباط!!
في ٦ فبراير ٢٠١٥ زار البلاد معمم شيعي لبناني واسمه محمد قانصو وأجرى سلسلة لقاءات واتصالات بوجوه إجتماعية
يتولى محمد قانصو نيابة رئيس مؤسسة عبد المنعم الزين الاجتماعية وهي مؤسسة شيعية تنشط منذ عقود في السنغال وتسعى لمد التأثير الشيعي نحو موريتانيا مستغلة محبة آل البيت المنغرسة منذ القدم في المجتمع السني الموريتاني.
ومع أنه صرّح أن الجولة لم تأتي بحسب ترتيب مسبق وأنها ليست إلا إجابة دعوة من صديق، بيد أن الظاهر أن لجولته مطامع في بث التشيع وتقوية الصلات بينه وبين العاملين لزرع بذور التشيع في البلاد،بل وكان لها دور في رأب الصدع بينهم كما تشير بعض المعلومات.
قانصو امتطى صهوة وسيلة إعلامية فتكلم ساعتين أو أكثر متحدثا عن الشيعة فخلع عليهم من المساحيق اللفظية ما يُظهرهم للعوام مبرَّئين من العيوب!! ولم يكتفي بذلك بل دنّس رمز هذه البلاد(المحظرة) فأظهرته بعض الصور جالسا مع ناشئتنا في محظرة قيل إنه افتتحها باسم سلفه عبد المنعم الزين.هذه الزيارة دق من خلا
لها الغيورون ناقوس الخطر واعتبروها كافية لإقناع المُهونين لكن الدقّ سُميّ تهويلا وأنه لا شيعة بالبلاد، وأن قانصو زار وطار ويكفي طمر زيارته في المُهملات!!
ومرت الأيام فوقعت واقعة حسينية مقاطعة دار النعيم ولك أن تعجب أن اسمها مدرسة وجامع علي بن أبي طالب، تذكر جيدا أنها بعد زيارة قانصو وأنه رئيس مؤسسة عبد المنعم الزين وأن أول إنجازاته في السنغال مسجد الإمام علي، ثم تذكر أن خطيب مسجد السنغال سنغالي من تلامذة الزين أما خطيب حسينية دار النعيم فموريتاني متشبع بالمذهب الجعفري، إذا خطب أغرق مستمعيه بالاستدلال من الكافي للكليني وبحار الأنوار وغيرها من أمهات مراجعهم!!! إذن كشف الرافضة عن ساقهم ولم يعودوا مختفين خلف جدر، ولم يعد ثمّ مكان للتهوين!!! خصوصا أن بكار زعيم الطائفة توج مؤخرا زعيما لشيعة إفريقيا والحسينية قائمة فلم تبق إلا الحوزة وأخواتها ولعل القابلات تكشف عن شيء من ذلك! إذا لم نخمد نار هذه الفتنة الحارقة الخارقة.
بعد هذا السرد للوقائع وتطور الأحداث بشكل متسارع خمدت أصوات المُهونين اللهم إلا أصوات نشاز لايُعوّل عليها لاتريد لباب الفتنة أن يسد ولا للوافد الخبيث أن يُجتث، وقد وظفوا الدعوات إلی التصدي للمد الرافضي في أغراض دنيئة وحكموا عليها من منظار أعمش لا يری إلا الأبيض والأسود، ومثلها لا يعتد بها ولا يلتفت إليها والأحداث كفيلة بالرد عليها وتعريتها !!
لقد أصبح الوافد ظاهرا لكنه ليس بذلك الحجم الذي يسوق له الرافضة في منتدياتهم ويضخمونه في تقاريرهم وإحصاءاتهم المرفوعة إلی أسيادهم في الحوزات ، إنهم في أرضنا لا يتجاوزون العشرات لكننا مطالبون باجتثاهم عن بكرة بكار وأن نقف سدا منيعا قبل أن ينتشر ورهم الخبيث في ربوع وطننا الغالي، ولنا عبرة بالجزائر حيث انتظموا بشكل سري وظلت كل الدعوات ضدهم تقابل بالتهوين حتى قويت شوكتهم وشوهد العلم الجزائري يرفع في النجف!!!ولنا العبرة بغيرها من الدول التي تعاملت مع استزراع التشيع على أنه ليس ذا بال ففتحت عيونها علی المليشيات المدججة بأنواع الأسحلة تفرض الرفض!!
وهذه الجهود ينبغي أن يشترك فيها جميع أبناء الوطن علماء ودعاة ومفكرين وأدباء وقد بلغ الشيخ الإمام أحمدو ولد حبيب الرحمن فأحسن البلاغ وينبغي للجميع أن يحذو حذوه فالظرف لا يقبل لأحد من أبناء الوطن أن يتخلف.
أحمدباب بن عبد العزيز