قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن طائرات سورية أو روسية ضربت قافلة مساعدات قرب حلب يوم الاثنين وقتلت 12 شخصا بينما أعلن الجيش السوري انتهاء الهدنة التي استمرت سبعة أيام بوساطة الولايات المتحدة وروسيا.
وأكدت الأمم المتحدة إصابة القافلة لكنها لم تقدم تفاصيل بشأن من وراء الهجوم أو عدد القتلى في حين اجتمع قادة العالم في نيويورك لحضور الاجتماعات السنوية للأمم المتحدة في ظل تجدد أعمال العنف في الحرب الأهلية السورية.
وقال المرصد إن الهجمات نفذتها طائرات سورية أو روسية وأضاف أن 35 ضربة جوية نفذت في حلب وحولها منذ انتهاء الهدنة.
وذكرت جماعة إغاثة إنسانية أن عدد القتلى أعلى. وقال الحاج أس سي الأمين العام للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في قمة للأمم المتحدة إن 14 متطوعا في الهلال الأحمر العربي السوري لاقوا حتفهم.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن 18 على الأقل من 31 شاحنة في قافلة مساعدات للأمم المتحدة والهلال الأحمر العربي السوري تعرضت للقصف فضلا عن قصف مستودع تابع للهلال الأحمر العربي السوري. وقال إن القافلة كانت تنقل مساعدات إلى 78 ألف شخص في بلدة أورم الكبرى التي يصعب الوصول إليها في محافظة حلب. وفق ما نشرت وكالة “رويترز”
وقال ستيفن أوبراين وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إن التقارير الأولية تشير إلى أن عددا كبيرا من الناس قتلوا أو أصيبوا بجروح بالغة بينهم متطوعون في الهلال الأحمر العربي السوري. وأضاف أنه إذا ثبت أنه هجوم متعمد فإنه يرقى إلى جريمة حرب.
وأضاف أوبراين في بيان “الإخطار عن القافلة… قدم إلى جميع أطراف الصراع وكانت القافلة تحمل علامات واضحة بأنها مساعدات إنسانية” ودعا إلى إجراء تحقيق فوري ومستقل.
وقال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستافان دي ميستورا في بيان أرسلته المتحدثة باسمه في رسالة بالبريد الإلكتروني “غضبنا من هذا الهجوم كبير… القافلة كانت نتاج عملية طويلة من الموافقات والاستعدادات لمساعدة مدنيين.”
ويبدو أن التطورات تشير إلى أن أحدث محاولة من الولايات المتحدة وروسيا لوقف الحرب الأهلية السورية المستمرة منذ ما يزيد على خمس سنوات على وشك الانهيار.
وفيما يتعلق بجهود الولايات المتحدة وروسيا قال مسؤول كبير في إدارة الرئيس باراك أوباما “لا نعرف ما إذا كان يمكن إنقاذها”.
وأضاف المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه “في هذه المرحلة على الروس إظهار جدية هدفهم سريعا لأنه بخلاف ذلك لن يمدد شيء ولن يتم إنقاذ شيء.”
وقال الجيش السوري إن الهدنة التي دامت سبعة أيام انتهت. واتهم “جماعات إرهابية” وهو مصطلح تستخدمه الحكومة السورية للإشارة إلى المسلحين الذين يقاتلونها باستخدام الهدنة لإعادة تسليح نفسها في حين انتهكتها 300 مرة.
وتعهد الجيش السوري بالاستمرار في محاربة “الإرهاب” من أجل استعادة الأمن والاستقرار.
وقال أحد السكان لرويترز عبر الهاتف إن الشاحنات أصيبت بنحو خمسة صواريخ خلال وقوفها في مركز يخص الهلال الأحمر السوري في أورم الكبرى قرب حلب وإن رئيس المركز وآخرين أصيبوا بجروح بالغة.
وتدعم موسكو الرئيس السوري بشار الأسد بقوتها الجوية. ولم يتسن الاتصال بالجيش السوري لطلب التعقيب على الفور.
* مغامرة كيري
قد تكون المحاولة التي استمرت سبعة أيام لوقف إطلاق النار بتفاوض وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ووزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف آخر محاولة للرئيس الأمريكي باراك أوباما للتفاوض من أجل إنهاء الحرب الأهلية السورية.
ودعا كيري موسكو إلى منع الحكومة السورية من شن الضربات الجوية بما في ذلك على قوافل المساعدات وأشار إلى أن الولايات المتحدة لم تتلق بيانا رسميا من روسيا بشأن انتهاء وقف إطلاق النار.
وقال كيري قبل الاجتماع مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف في نيويورك “الروس قاموا بالاتفاق ولذلك نحن بحاجة لأن نرى ما يقوله الروس… الشيء المهم هو أن الروس بحاجة للسيطرة على الأسد الذي يقصف عشوائيا بوضوح بما في ذلك قوافل المساعدات الإنسانية.”
وقالت الأمم المتحدة إن واشنطن وموسكو فقط يمكنهما إعلان انتهاء الهدنة لأنهما من توصلا للاتفاق.
وبدت الضربات الجوية كثيفة لاسيما على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة في غربي حلب قرب معقل المعارضة في محافظة إدلب. وفي شرقي حلب قال أحد السكان لرويترز إن هناك عشرات الانفجارات.
وقال بشر حاوي وهو متحدث سابق باسم مجلس مدينة حلب التابع للمعارضة “بدأت بساعة من القصف العنيف… الآن يمكنني سماع صوت طائرات هليكوبتر في سماء المنطقة.”
وقال أبو البراء الحموي وهو قيادي بالمعارضة إن القصف الأكثر كثافة وقع في مناطق غربي حلب وهي نفس المنطقة التي تعرضت فيها قافلة المساعدات للقصف.
واجتمع مسؤولون روس وأمريكيون في جنيف يوم الاثنين لمحاولة تمديد وقف إطلاق النار ومن المقرر أن تجتمع المجموعة الدولية لدعم سوريا – وهي مجموعة دول تدعم عملية السلام السورية- اليوم الثلاثاء في نيويورك لتقييم الاتفاق.
* عودة لميدان المعركة
لكن مثلما فعل الجيش السوري تحدث مقاتلو المعارضة عن العودة إلى ميدان المعركة.
وقال منسق المعارضة السورية الرئيسية رياض حجاب يوم الاثنين إن وقف إطلاق النار لم يطبق قط ودعا العالم إلى وضع نهاية “لإجرام” الحكومة السورية.
وأضاف حجاب المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات للصحفيين “لم يكن هناك وقف لإطلاق النار من الأساس… كي نتمكن من تقييم فشله أو نجاحه.”
وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن مساعدات نقلت إلى بلدة تلبيسة المحاصرة في محافظة حمص يوم الاثنين وذلك لأول مرة منذ يوليو تموز. وأوضحت اللجنة أن القافلة نقلت أغذية ومياها ومعدات صحية إلى ما يصل إلى 84 ألف شخص.
لكن معظم شحنات المساعدات المدرجة في الهدنة لم تدخل بعد.
وقالت الأمم المتحدة إنها حصلت على موافقة الحكومة للوصول إلى كل المناطق المحاصرة والتي يصعب الوصول إليها لكنها أوضحت أن دخول الكثير من المناطق لا يزال يواجه معوقات بسبب القتال وانعدام الأمن وتأخيرات إدارية.
وتعرض وقف إطلاق النار الذي انتهك على نطاق واسع منذ دخوله حيز التنفيذ قبل أسبوع لضغوط جديدة مطلع الأسبوع عندما قالت روسيا إن طائرات للتحالف بقيادة الولايات المتحدة قتلت أكثر من 60 جنديا سوريا في شرق البلاد.
ووصف الأسد الحادث بأنه اعتداء صارخ. ووصفته واشنطن بأنه خطأ.
ويمثل الاتفاق الأمريكي الروسي ثاني وقف لإطلاق النار تتوسط فيه واشنطن وموسكو منذ تدخلت موسكو في الحرب في سبتمبر أيلول 2015. وفي الوقت الذي أدى فيه الاتفاق إلى تراجع كبير للقتال خلال الأسبوع المنصرم تصاعد العنف في الأيام القليلة الماضية وتأجل مرارا توصيل مساعدات إنسانية.
وألقت خطط لإجلاء المئات من مقاتلي المعارضة من آخر معقل لهم في مدينة حمص بظلالها أيضا على الاتفاق إذ قال المقاتلون إن الأمر قد يعني إعلان الحكومة انتهاء وقف إطلاق النار. وقال محافظ حمص إن الخطة تأجلت من يوم الاثنين إلى يوم الثلاثاء.
وتدعم واشنطن وموسكو أطرافا مختلفة في الصراع بين مقاتلي المعارضة والحكومة السورية لكنهما تعاديان تنظيم الدولة الإسلامية.