انقِلاب مالي مايو 2021, انقِلاب غينيا سبتمبر 2021 انقِلابي بوركينا فاسو يناير وسبتمبر 2022 وها هوَ انقِلاب النيَجر الشهَر الماضي..
سلسَلة انقِلابات عَسكَرية مُتتالية في ظَرف ثَلاثة أعوام فقَط في الغَرب الإفريقي ومازالَّ القوَس مَفتوحاً لمَزيد مِنْ الانقِلابات في مَنطقَة لاّ يخلو فيها عقد مِنْ الزَمان مِنْ انقِلاب أو أكثَر!
أسباب كَثيرة لِهَذهِ الصِراعات والانقِلابات في مُقدَمتها صِراع النُفوذ بَينّ الغَرب "في الواجهة له فرنسا " وبَينّ روسيا التي شرَعَت مؤخراً في التغَلغُل وجودياً داخِل القارة السمراء مُستَغِلة مَشاعِر كراهية وشعور باِستغلال الثروات مِنْ قِبَلْ الشُعوب الإفريقية تِجاه فرنسا والغَرب.
هَذهِ الجيوش الهزيلة التي تتَذيل قوائم جيوش العالَم الضَعيفة العدة القَليلة العَدَد "جَيش النيجر عَلىَ سَبيل المِثال لاّ يتعدىَ خمسة وعشرون ألف عسكَري ووفِق لمُحللين آخرين تِعدادهُ عشرة ألاف فقَط" لَمْ تَكُنْ أبداً لتَستَطيع السَيطرة عَلىَ بلاد مُترامية الأطراف إلاّ بِدَعَم خارجي.
في النيجر أعلَنَّ قائِد الحَرس الجمهوري الجِنرال عبدالرحمن تشياني عَزل الرئيس الشرَعي المُنتَخَب محمد بازوم وأغلقّ الحِدود وفرَض حَظر تِجوال في جَميع أنحاء البِلاد بحجة التدَهور الأمني بالبِلاد في حينْ أنَّ هُناكّ معلومات تُفيد بأنَّ الرئيس بازوم كانَّ يَنوي الإطاحة بالجنرال تشياني وَثيق الصِلة بالرئيس السابق محمد يوسفو الذي يترَدد انهُ يرغَب في حُكم البِلاد مِنْ خَلف السِتار عَلىَ غِرار مُتلازمة "بوتين-ميدفيدف" وهوَ عَلىَ ماّ يبدو لَمْ يَسمح بهِ بازوم.
فرنسا التي تعتَمد بشكل كَبير عَلىَ يورانيوم النيجر اللازم للطاقة النووية التي تعتَمد عَليها 70% مِنْ الكهرباء المولدة في البِلاد لَنْ تتخَلى بِهذهِ السُهولة عَنْ حَليفها محمد بازوم خاصةً بعد القرارات المُتسرَعة التي أتخذها المجلِس العَسكري الجَديد بالنيجر بإلغاء الاتفاقيات العَسكَرية مَعّ فرنسا ووقَف تصدير اليورانيوم إليها.
ومِنْ ناحية أخرى تتَرصَد المَجموعة الاقتصادية لغَرب إفريقيا"ايكواس" الأوضاع في النيجر عَنْ كِثِب وأعطَت الانقلابيين فُرصة أسبوع لإنهاء الانقِلاب والإفراج عَنْ الرئيس بازوم وهدَدَت بالتدخَل العَسكَري ولَكِنْ انقَضَت مُهلَة الأسبوع ولاّ جَديد في المشهَد!
رُبماّ أوقفَ التدخَل العَسكَري مجلس الشيوخ النيجيري الذي رفضَّ طَلب الرئيس النيجيري أحمد تينوبو بإرسال قوات إلىَ النيجر بالإضافة إلىَ انشغال السنغال بتوتراتها السياسية خاصةً بعدّ اعتقال زَعيم المُعارضة بالبِلاد عثمان سونكو.
تُعَد نيجيريا والسنغال أهم دول هَذهِ المجموعة"ايكواس" وتبحثان عَنْ نُفوذ في منطقَة الساحِل في حينْ يرغَب بَقية دول المَجموعة العشر" بعدّ استبعاد دول مالي وغينيا وبوركينا فاسو الداعِمة للانقلاب والمُحذرة مِنْ التدخَل العسكري" مِنْ خِلال التدخل العَسكَري في النيجر إنْ حَدث في توجيه رِسالة قَوية إلىَ جيوشهم مفادها عَدم التفكير مُستقبلاً في القيام بأي انقلابات عَسكَرية أو تمرد.
الجزائر وثيقَة الصِلة بالدُب الروسي والمُتحَفزة دوماً ضِد فرنسا وتدخلاتها في المَنطقة رَفضت أي تلويح بالخيار العَسكَري وهيَ تَخشىَ عَلىَ نفسها مِنْ انعدام الأمن في منطقَة الساحل وتمركز الجماعات الجهادية بهِ.
وفي الأخير النيجر الدولة الشاسعة المِساحة وأكبَر دول منطقَة غَرب إفريقيا مِساحة 1267000كم2 لَنْ تكُونْ أبداً مُعضلة ردع بضعَة ألاف مِنْ العَسكَريين بِها وإعادتهم إلىَ ثُكناتهم أو اعتقالهم ولَكِنْ المُعضِلة الكُبرىَ هي صراعات القوى الكُبرى والتداخلات الإقليمية وفي داخِل الدولة نفسها القبلية والجهل التي عادة ماّ تُصاحبا مِثل هَذهِ الأحداث في هَذهِ القارة المأزومة!