أصبحت بلادنا حليفا مهما للغرب في هذا الجزء من دول الجنوب.
1995 - عضويتنا في الحوار المتوسطي لحلف "الناتو" جعلتنا شريكًا يوثق به لدى هذه المنظمة، خاصة وأن الثقة المتبادلة تعززت، و اتسعت الشراكة معها على مر السنين.
2013 - انضمت موريتانيا إلى برنامج يهدف إلى "تحسين التدريب الدفاعي لحلف الناتو"، والذي يوفر للدول المشارِكة دعما عمليا مخصصا لتطوير وإصلاح مؤسسات التعليم العسكري العالي.
2022 - تأكد الاعتراف بوضعنا كشريك متميز في قمة مدريد، التي شارك فيها وزيرنا للشؤون الخارجية. وفي نهاية القمة، وافق رؤساء دول وحكومات الحلف على حزمة من الإجراءات لتعزيز قدراتنا الدفاعية والأمنية.
2023 - تضاعف عدد اللقاءات وتبادُل الزيارات على مستوى رفيع بيننا وبين "الناتو"، وتسارعت الحركة في الآونة الأخيرة. وهذا دليل على اهتمام متزايد ورغبة واضحة في تعزيز التعاون بين الطرفين.
هل للأمر علاقة بتغيير التوازن داخل "ج 5" ومنطقة "السهل" ( معالي الوزير Mohamed Moine) وهل له علاقة بالتهديد الروسي من خلال "فاغنر"؟
مهما يكن، فإن اهتمام "الناتو" بالاستمرار في تعميق الشراكة مع موريتانيا في السنوات القادمة، عبر توسيع دائرة الحوار السياسي وتعزيز التعاون على الأرض، هو دليل قاطع على نوايا الدول الغربية في الاستعاضه عن "باماكو" و"نيامي" بنواكشوط من منظور استراتيجي. ويتجلى ذلك في مغازلة بلادنا سياسيا وإعلاميا، وبشتى الوسائل الممكنة. ما من دولة في "الناتو"، ولا صحيفة، ولا قناة إذاعية أو تلفزيونية إلا وتتغنى بمشاعر الود والاعجاب والتقدير لموريتانيا، رئيسا وحكومة وشعبا. الكل يتنافس في الثناء والاطراء. حتى الرئيس الأوكراني و وزير خارجيته اقتطعا من وقتهما "المشحون" دقائق للتعبير عن آيات الحب والتقدير لموريتانيا الصديقة.
و الحالة هذه، تبقى بلادنا أمام معادلة صعبة، حيث لا ينبغي لها "الولاء".. ولا ينبغي لها "الجفاء"! لا ينبغي لها أن تساير "الناتو" في أهدافه الحربية، و لا ينبغي لها أن تبتعد عنه، وتخيب آماله.. القرب من "الناتو" يعرض للانتقام من روسيا وأدواتها في المنطقة، والابتعاد عنه - مثل الابتعاد عن أي صديق - قد يؤدي إلى خيبة، وردود فعل مضرة.
نحن نوجد في قلب منطقة مضطربة، وسط مصالح متناقضة، وفي مرمى جميع الأطراف المتحاربة. ومهما بذلنا من جهد لإرضاء الجميع، فإننا سنكون دائما محل اتهام وظنون وشكوك من قبل الأصدقاء، والأعداء، والخصوم، والحساد، إلخ.. وسنتعرض لإغراءات وضغوط قوية، ولكن الأمر - بين ذاك وذاك - يحتاج فقط دبلوماسية واضحة، و مرنة، ومتوازنة، ويقظة. والله المستعان.
من صفحة وزير الخارجية والسفير الأسبق/ محمد فال ولد بلال