الفساد آفة خطيرة استشرى لهيبها، وانتشر داؤها في بلدنا منذ اكثر من 30 سنة أو أكثر انتشار النار في الهشيم، وتفشَّى سرطانها في أعصاب الحياة المجتمعية؛ فَشَلَّ وخرَّب أركان النهوض والتنمية، مما ساهم في تراجع بلدنا وتقهقره في سلم مؤشر التنمية البشرية.
و إذا كان الفَسَاد يعرف علي انه سوء استغلال السلطة من أجل تحقيق المكاسب والمنافع الخاصة فإننا يمكن ان نسرد هنا أبرز مظاهره المنتشرة في بلدنا للأسف رغم أنها متشابهة ومتداخلة الي حد ما و هي:
• الرشوة
• المحسوبية
• المحاباة
• الواسطة
• نهب المال العام
• الإبتزازيظل الفساد بشتى أطيافه أحد معاول الهدم التي تواجه عمليات التنمية الاقتصادية والسياسية و الاجتماعية؛ ولهذا فأحسن وسيلة لمحاربته هو أن تكون هنالك خطة إستراتيجية شاملة لإعادة العدل بمختلف صوره في المجتمع من القمة إلى القاعدة، ومن القاعدة إلى القمة، وإنهاء الظلم وأشكال الاستغلال في كل المجتمعات من خلال ربط المسؤولية بالمحاسبة، و لا يسعنا هنا إلا أن نشيد بالدور الذي لعبته الدولة من أجل الحد من هذه الظاهرة و القضاء عليها نهائيا و يتجلي ذلك من خلال عدة مسائل نذكر منها علي سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
- تعزيز دور المؤسسات الرقابية ( محكمة الحسابات و المتفشية العامة للدولة و الرقابة المالية ...)
- محاسبة المتورطين في نهب المال العام من خلال تغريمهم و تجريدهم من مناصبهم
- عمليات تفتيش دورية لجميع الدوائر و المؤسسات الحكومية.
- سن مسطرة قوانين رادعة.
مما لا شك أن رئيس الجمهورية يضع محاربة الفساد في أولويات اهتماماته، و لقد أتت الحملة التي اعلنها فخامته علي الفساد منذ توليه زمام الأمور في سنة 2008 أكلها، رغم المدة الزمنية القصيرة و حجم تفاحل الظاهرة و انتشارها و يتجلي ذلك في بعض الأرقام التالية:
- في سنة 2008 كانت ميزانية الدولة 240 مليار أوقية، لا يتجاوز الاستثمار فيها اكثر من 32 مليار أوقية.
- أما في سنة 2016 وصلت ميزانية الدولة 460 مليار أوقية، يمثل الاستثمار منها اكثر من 132 مليار أوقية.
- في سنة 2008 كان الناتج المحلي الخام يقدر ب 700 مليار أوقية.
- في سنة 2016 وصل الناتج المحلي الخام إلي 1600 مليار أوقية أي بأكثر من الضعف.
- تم استرجاع أكثر من 5 مليارات أوقية كانت قد نهبت من ميزانيات الدولة في السنوات الماضية نتيجة عمليات التفتيش المتواصلة و حملة مكافحة الفساد.
- نتيجة عمليات التدقيق و التحقيق في الموظفين التي قامت بها الحكومة في بداية السنة الجارية، تم ترشيد ما يزيد علي 2.700.000.000 أوقية علي الرغم من تشغيل أزيد من 1000 شخص.
- تم ترشيد النفقات إلي الحد الأدني و ذلك من اجل توجيه هذه الأموال الي الاستثمارات بغية الولوج الي الخدمات الضرورية من صحة و تعليم و أمن و بني تحتية. فالنحارب جميعا هذا الفيروس كل من موقعه، فالقضاء عليه يتطلب منا تضافر جميع الجهود للتصدي له و محاربته و ليلعب كل موظف دوره في هذه الحملة و ليكن كل واحد منا مفتشا.يقول جل و تعالي : ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ﴾ صدق الله العظيم