وجه الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، رسالة مفتوحة لرئيس الجمهورية محمد الشيخ الغزواني، انتقد فيها ما قال إنه "الوضع الصعب" الذي يعيشه البلد.
ولد عبد العزير قال إن البنة التحتة منذ رحيله تعرضت لقة الصيانة والإهمال، مشيرا إلى أن البلد "لم يشهد خلال خمس سنوات أي تقدم في أي مجال"، داعيا إلى إنقاذ الوضع قبل فوات الأوان.
فيما يلي نص الرسالة:
السيد الرئيس،
أسمح لنفسي أن أكتب إليكم اليوم وأُشهد شعبنا العزيز، لأن قلقي يتزايد بشأن حالة البلد. يبدو لي أن المسار الذي تسلكه البلاد يقودها نحو الهاوية. هاوية خطيرة لأنها ناجمة عن إدارة كارثية وبدائية للدولة، إدارة تكرس وتدعم القبلية والجهوية والشرائحية، مما يحيي ويذكي بدوره النزعة الطائفية والعصبية الشرائحية. هذا بالإضافة إلى انتشار الفساد وهدر أموال ومقدرات الدولة والتسيب وضعف السلطة الذي يصل إلى حد غياب السيادة، وأيضاً التعدي السافر على السير المنتظم للدولة بالركون إلى «التعليمات والأوامر» بدلا من احترام الدستور والقوانين الجمهورية، والاستخدام المفرط والوقح لوسائل وقوات الدولة للأغراض الحزبية.
السيد الرئيس،
لا يخفى عليكم أن الوضع الذي نعيشه اليوم، أو بالأحرى الذي يعانيه هذا الشعب المنهك، ليس هو الوضع الذي دعوتكم من أجله في أحد أيام 2005. آنذاك، لم يكن الغرض هو الاستحواذ على السلطة، عندما كنتم العقيد محمد ولد محمد أحمد، ولم تكن لكم بعد علاقة بـ «النخبة الوطنية». لقد أشركتكم في مشروع، هو مشروعي، لمصلحة بلدنا، لكي يتحرر الشعب ويستطيع التغلب على أزماته ومشاكله ولكي تتمكن موريتانيا العزيزة أخيرًا من أن تكون من عِداد الدول التي تسود فيها الحرية والعدالة والديمقراطية. الأمر الذي لم يكن سهلاً. لأن جمرات النيران المخمدة للتو سرعان ما أشعلت النيران مرة أخرى، واضطررنا للتدخل مرة ثانية لإعادة الأمور إلى نصابها والحفاظ على مسار لم يكن الكثيرون يرغبون فيه ولا يريدونه للبلد.
إنه مسار الديمقراطية والعدالة والحريات ودولة القانون، والأهم من ذلك كله، احترام الممتلكات العامة واستخدامها بعقلانية وبشكل مقتصد. وهذا ما مكننا خلال العقد 2019-2009 من تحقيق تقدم ملموس في جميع قطاعات الحياة الوطنية. جيش كان شبه متهالك وفي حالة موت سريري تم إحياؤه وتمكن من السيطرة ومن التغلب على حالة انعدام الأمن التي كانت تهدد استمرارية الدولة بجميع أشكالها السياسية والاقتصادية. تم إنشاء نظام صحي متكامل، حيث تم تجهيز عدة مستشفيات وإنشاء مستشفيات متخصصة، مما أحدث ثورة في الرعاية الصحية المقدمة وجعلها أكثر قربًا من المرضى الذين غالبًا ما كانوا عاجزين عن الوصول إليها.
أما نظامنا التعليمي، الذي كان لا يُنتج إلا العاطلين عن العمل لأنه لم يكن يستجيب لاحتياجات سوق العمل، فقد تم تجهيزه ببنية تحتية حديثة وأُعيد تنظيمه لتمكين التنوع وتلبية احتياجات التوظيف. المدن الكبرى في البلاد، بما في ذلك العاصمة نواكشوط والمدن الرئيسية في الجنوب الشرقي التي كانت تعاني من العطش المزمن، تم تزويدها بالبنية التحتية اللازمة. قدرات إنتاج الطاقة تضاعفت بمقدار 12 مرة على الأقل وفي أقل من 10 سنوات، حيث ارتفعت من 42 ميجاوات إلى أكثر من 540 ميجاوات، منها أكثر من 40٪ يتم إنتاجها من الطاقة الشمسية والهوائية والكهرومائية.
تطورت البنية التحتية للطرق والموانئ والمطارات بطريقة غير مسبوقة؛ تم إنشاء أكثر من 3400 كيلومتر من الطرق المعبدة التي تربط الآن جميع الولايات ومعظم المقاطعات والتجمعات السكنية الكبيرة. تم بناء موانئ استراتيجية جديدة مجهزة بجميع المكونات الخدماتية والمتطلبات الضرورية لتطوير صناعات الصيد والتبادل التجاري وللمساهمة في تأمين واجهتنا البحرية. بناء مطار أم التونسي الدولي في نواكشوط وكذلك ترميم وتجهيز المطارات الداخلية بالتزامن مع إنشاء شركة الطيران الوطنية ساهم في فك العزلة عن البلاد وتعزيز سيادتنا الجوية من خلال إدارة مجالنا الجوي الذي طالما أُدير من الخارج. كما تم تحسين النقل الحضري بين المدن بشكل ملحوظ بفضل التسهيلات المقدمة لمطوري هذا القطاع.
الأهداف الطموحة في مجال الزراعة وتربية المواشي سمحت بإعادة تفعيل هذين القطاعين الحيويين بسبب مساهمتهما في تحقيق الاستقلال الغذائي للبلاد. بالنسبة للمادة الغذائية الرئيسية، مادة الأرز، تمكنا من إنتاجها وطنيا ومن تغطية 85٪ من احتياجاتنا، وتحسن إنتاج الألبان بشكل ملحوظ بفضل تحسين سلالات الأبقار من خلال التلقيح الصناعي وكذلك الحالة الصحية للماشية. تمت مراجعة معظم الترسانة القانونية لحماية مواردنا البحرية والثروات المعدنية في البر والبحر، مما أدى إلى تحسين إيرادات الدولة مع التركيز على احترام البيئة.
السجل المدني الذي كان مُهملاً لفترة طويلة وكان مصدرًا لكل المشاكل والمطالبات وموضوعًا للتلاعب، تم إصلاحه وتطهيره وذلك من خلال الانتقال إلى النظام البيومتري الآمن الذي يستجيب للمعايير الدولية المطلوبة. في مجال حرية التعبير وحقوق الإنسان، تم تحقيق تقدم كبير من خلال فتح عدة قنوات تلفزيونية خاصة حرة، ورفع الرقابة عن الصحف وعدم مصادرتها، وإلغاء تجريم المخالفات الصحفية. الأحزاب السياسية تزايدت حتى بلغ عددها المئات، ولم يُسجل أي اعتقال لأسباب سياسية بحتة. تم إطلاق حوارين سياسيين مفتوحين امام الجميع مكنا من تعزيز نظامنا الديمقراطي من خلال تعديلات دستورية احترمت مصلحة البلاد وإرادة الشعب.
السيد الرئيس،
هذا هو، وبإيجاز شديد، ما تم تحقيقه خلال العقد الماضي على الرغم من الإرث الثقيل الذي تركته الإدارات السابقة للدولة، على الرغم من شح وقلة الإمكانيات وعلى الرغم من الصعوبات التي لا يمكنكم تتجاهلها.
اليوم، وبعد انقضاء مأموريتك، فماذا فعل أعوانك من الوزراء الذين كانوا يتشدقون علينا ويزعمون بأنهم كانوا يعملون مع رئيس ودود وطيب وجامع ؟ ماذا فعلوا بخمسيتكم؟ ماذا قدموا للبلد؟ ماذا فعلوا ببنيته التحتية التي كانت على قدر من الجاهزية؟ هل قاموا بتحسينها؟ هل قاموا بالمحافظة عليها؟ على الأقل، هل قاموا بالحفاظ عليها في ظل عدم القدرة على تنفيذ مشاريع جديدة وهامة للبلاد في الوقت الذي كانوا فيه يتباهون بأنهم لم يشعروا أبدًا بأنهم وزراء قبل وصولكم للسلطة وفي الوقت الذي تضاعفت فيه ميزانياهم.
السيد الرئيس،
ربما سأفاجئكم، وربما لا، عندما أقول لكم أنه لم يتم إنجاز أي شيء خلال الخمس سنوات الماضية سوى جسرين لتبادل الطرق، أحدهما تم الانتهاء منه والآخر لا يزال في مرحلة التنفيذ. هذا الأخير، لعلمكم تم التخطيط له أثناء فترتي وأجلت تمويله الذي تم الحصول عليه من جمهورية الصين الشعبية لأنني كنت أريده أن يكون أكبر ولأنه يقع في ’مفترق طرق مدريد’ الذي يعتبر مركز ازدحام السير في العاصمة.
غير ذلك، لا يبدو لي أنه تم تحقيق أي شيء ملموس حقًا. بلدنا الذي بفضل دبلوماسيته اللامعة، حصل على مكانة مرموقة في محافل الأمم وكان يشارك بنشاط في حل الأزمات الدولية، أصبح اليوم محصورًا في دور التابع للاتحاد الأوروبي في مضايقاته ضد إخوتنا الأفارقة المهاجرين. متخليًا بذلك عن دوره كفاعل مقابل دور ثانوي وشكلي لأداء المهام الصغيرة التي لا تجلب السعادة ولا الشرف للوطن والتي لا تؤدي إلا إلى طمس صوته في المحافل الدولية.
تعرضت معظم البنى التحتية المتبقية منذ رحيلي لقلة الصيانة والإهمال. لم تسلم حتى المستشفيات من هذا الإهمال، حيث تم إغلاق إحدى أهم المستشفيات ببساطة مما عرض حياة المرضى للخطر وجميع التجهيزات المتطورة للتلف قبل أن يتم فتحه مرة أخرى سنتين بعد ذلك. يواجه مستشفى الأونكولوجيا أيضًا صعوبات جمة حيث يكاد يحفاظ على تجهيزاته، التي تضم المسرعات المتطورة تكنولوجيًا، في حالة تشغيل مستمرة.
كان من المفترض ألا تكون الكهرباء مشكلة بالنسبة للمواطن و لا بالنسبة للصناعة في المدن الرئيسية للبلاد، لكن اللامبالاة والفساد سادا وانتشرا في إدارة المرافق، مما أعادنا إلى سنوات الظلام.
كيف يمكن أن تتجاهل سيادة الرئيس، أن مواطنينا يعانون من نقص الكهرباء في الآونة الأخيرة ؟ كيف يمكن لمعاونينك المسؤولين عن الطاقة تبرير ذلك ؟ للتذكير، فإن مدينة نواذيبو تم تزويدها في بداية مأموريتي الأولى بـ 22 ميجاوات، مما رفع إنتاجها إلى حوالي 30 ميجاوات. إضافة إلى ذلك، فهي تقع على بعد حوالي 60 كيلومترًا من محطة بولنوار للطاقة الهوائية بقدرة 100 ميجاوات، وأيضًا متصلة بنواكشوط، مما يوفر العديد من الإمكانيات. بناءً على ذلك، لا يجب أن تعاني مدينة نواكشوط ولا مدينة نواذيبو من نقص في الكهرباء.
إن مدينة نواكشوط التي لم تتجاوز احتياجاتها 110 ميجاوات في 2019 لا يمكنها استهلاك كل إنتاجها الذي يصل إلى: (180 ميجاوات + 36 ميجاوات + 42 ميجاوات من محطة الطاقة الحرارية القديمة + [ 55 ميجاوات + 15 ميجاوات] من محطات الطاقة الشمسية، بالإضافة إلى ما لا يقل عن 30 ميجاوات من الطاقة الكهرومائية من منظمة استثمار نهر السنغال).
العطش الذي يعاني منه سكان مدينة نواذيبو يعود أيضًا إلى جمود حكومتكم وخمولها، حيث كانت هذه المنطقة في عام 2019 تستقبل من المياه الجوفية في بولنوار 18000 متر مكعب، وتم البدء في تحلية المياه مع إنشاء مصنعين للتحلية، كل منهما بطاقة 5000 متر مكعب لزيادتها لاحقًا إلى 4 مصانع. بعد خمس سنوات، لم يُبذل أي جهد لحل هذه المشكلة التي ازدادت سوءًا وتفاقمت؛ باستثناء هذا الاعتراف المتأخر بعدم الكفاءة والاستسلام غير المناسب من جانبكم.
لكن لا شيء يمكنه الوقوف في وجه الإهمال واللامبالاة ومقاومتهما. العاصمة التي كانت تضمن إنتاج 240000 متر مكعب من مياه آفطوط الساحلي، بالإضافة إلى 60000 متر مكعب من بحيرة إديني، والتي لم تتجاوز احتياجاتها 140000 متر مكعب في فترات الحرارة، غرقت في أزمة العطش التي أعادتنا عشرين عامًا إلى الوراء.
كل هذا التراجع في الأداء وتدني مستوى الخدمات الذي لم يستثنِ أي قطاع هو مجرد انعكاس لعدم كفاءة السلطة التنفيذية مدعومة في ذلك بالسلطة التشريعية، وبسبب جشعهم تحالفوا جميعا ضد هذا الشعب المسالم، مما خلق فقاعة حولك هي التي منعتك من رؤية الواقع المعيش في البلد. من خلال إلقاء نظرة سريعة على تسيير المال العام وعلى ونفقات الدولة، ندرك بسرعة أنهم يمنحون أنفسهم جميع الامتيازات المالية والمادية والتعويضات وزيادات الرواتب ويمنحون لانفسهم القطع الأراضية مع نمط حياة مفرط، إلخ. تحت مسؤوليتك وسلطتك، يتم فعل كل شيء لتقسيم البلد إلى مجموعتين: مجموعة تدير البلاد متحالفة مع بعض رجال الأعمال والجشعين الذين يستحوذون الآن على جميع موارد البلاد، ومجموعة ثانية تمثل بقية الشعب، البهيمة المحملة بالأثقال، التي تتعرض لجميع المصاعب بشكل مباشر، من غلاء الحياة وقسوتها ومن البطالة والمضايقات الإدارية، والآن القيود على الحريات التي فرضتها ما يسمى بقانون الرموز لخنقهم أكثر ولتركيعهم.
السيد الرئيس،
يبدو أن حصيلتكم كانت العدم والفاشل، حيث لم يشهد البلد خلال خمس سنوات أي تقدم في أي مجال. ومع ذلك، تصرون أو يتم دفعكم للترشح لمأمورية ثانية من طرف نفس الأشخاص الذين وضعوا البلد في هذا الوضع المأساوي. إن هذا الترشح، على الرغم من كونه دستوريًا، يأتي في سياق مشبوه. الشباب الذين ترشحتم من أجلهم لم يعودوا هنا، فقد هاجرت اغلبيتهم لكي لا يستسلموا للمجاعة أو يقضوا أيامهم في سجون وزارتكم للظلم.
السيد الرئيس،
كان من الأفضل ألا تخاطروا بذلك، لا من أجلكم ولا من أجل البلد. كان عليكم أن تستلهموا من الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، الذي بعد أن قام بتقييم حصيلة خمسيته، انسحب بخطوات هادئة ولكن بكرامة. ولكن “الشياطين”، شياطين البلد، نفس الأشخاص الذين يدورون ويستمرون في الدوران كـ “الإكترونات الضارة” حول جميع الأحكام، قرروا خلاف ذلك. هم أنفسهم الذين في عام 2019 أرادوا من خلالي الحصول على مأمورية ثالثة لمصلحتهم. واليوم وتلبية لرغبتهم المستميتة لإبقائكم في خدمتهم، لم يترددوا في استخدام كل الحيل والأساليب الدنيئة لاختيار منافسين لكم يناسبونهم.
بهذه المناسبة ولهذا الغرض، تم الدوس على مؤسسات الجمهورية وقوانينها، وأصبح للبلد وزارات مختصة بمراقبة المواطنين تقيد حرياتهم وتعمل بأقصى طاقتها من اجل ذلك، ما جلب الحزن والمرارة والإشمئزاز للمواطنين الضحايا والمستسلمين. تم توجيه جميع مدخرات الدولة، إن وجدت، لمنح رواتب ضخمة للعمد ومخصصات كبيرة إضافة إلى التعويضات الهامة التي كانت تُمنح بالفعل للولاة والحكام، لتحفيزهم وجعلهم أكثر استجابة لخدمة الأهداف الدنيئة لكارتلنا “الشيطاني” الوطني وجعلهم خاضعين. وستمنح لهم مكافأة أخرى قريباً، وهي تمكينهم من البطش في ما تبقى من الأراضي وتمزيقها من خلال تقسيم الأراضي وتوزيعها. كل هذا الازدراء والاحتقار وكل هذه الغطرسة يقودها قريبك ووزيرك باسم ولاء أعمى وضغينة حاقدة حتى فقدان الكياسة والعقل.
السيد الرئيس،
يجب عليكم أن تستيقظوا من هذا السبات الذي أنتم فيه والذي يلحق الضرر بهذا الشعب، من السبات الذي أغرقتكم فيه هذه العصابة التي لا تعرف قانونًا ولا تؤمن بمبدأ والتي تقود البلاد بلا شك نحو الفوضى والتفكك. هذه الانتخابات التي خططوا لتنظيمها والتي أعدوا لها جميع أشكال التزوير، القبلي منه والبعدي، لن تزيد إلا من الانقسامات ولن تمنحكم أي شرعية. انتخابات يتم فيها منع المرشحين الذين يحملون مشاريع ملموسة ويتصدرون جميع الاستطلاعات لن تكون لها أي قيمة لا داخليًا ولا خارجيًا. أسلوب منع المرشحين من الترشح للانتخابات طُلب مني بإصرار مرتين بواسطتك من قبل هذه العصابة نفسها إبان الانتخابات الرئاسية لعام 2019. حينذاك كان الأمر يتعلق بمنع ترشيح السيد كان رحمه الله والسيد بيرام؛ وهو نهج رفضته لأنني وجدته ضارًا بالبلاد ومخالفًا لمبادئي. واليوم أنتم في السلطة تحملون وسمها ومعه تحملون إسم صاحب الفخامة محمد ولد الشيخ الغزواني، تسمحون بتطبيق مبادئ هذه “العصابة” لتحطيم قليل المصداقية التي يمكن أن تدّعيها ديمقراطيتنا الجريحة.
السيد الرئيس،
أعلموا أن الحكم المنبوذ لا يمكن أن يتستمر، وأن الدعم الظرفي سواء كان داخليًا أو خارجيًا ليس ضمانًا لاستقرار البلاد أو ضمانًا لبقاء الإستبداد والطغيان والظلم. تذكروا مصير بعض رؤساء الدول الذين حظوا بدعم كبير من القوى العظمى وانتهت حياتهم في التشرد دون أن يمكن دفنهم في أرضهم، مثل موبوتو من جمهورية الكونغو ورضا بهلوي شاه إيران… وهناك أمثلة قريبة وحديثة.
أنتم ولوحدكم من يجب أن يتحرر من هذه العصابة التي تقودكم إلى حافة الهاوية وتدفع البلاد نحو الانهيار؛ من خلال متابعة الأمور عن كثب وفتح الانتخابات أمام جميع المرشحين الموثوق بهم واحترام فصل السلطات، الذي يعتبر مصدر كل المشاكل. أنتم الضامن للدستور بصفتكم رئيس الجمهورية. لم يفت الأوان بعد لإنقاذ الوضع وجعل بلدنا بلدًا يتمتع بعملية ديمقراطية دائمة ويقوي مؤسساته من خلال انتخابات حرة وشفافة ومطمئنة. خطوة واحدة، بل إجراء واحد منكم يغسلكم من كل التهم وينقذ البلاد؛ إعادة فتح ترشيحات الانتخابات، وقبول مناظرة تلفزيونية حيث سيتنافس جميع المرشحين لاحترام الشعب ولتقديم برامجهم. ستخرج من ذلك مكرمًا، مُبَرَّءًا من كل اتهام وغير ملام. يمكن أن يكون لدى الموريتانيين ذاكرة قصيرة وقد ينسون بعض الأمور أحيانًا إذا تطلب الأمر ذلك خصوصًا عندما يتعلق الأمر بالتخلي عن حقوقهم والعفو لإنقاذ البلاد والحفاظ على الوحدة الوطنية.
كانت أمامكم ثلاث خيارات، الأول ضاع بترشحكم، الخيار الثاني يمكن تداركه، وهو السماح لجميع المرشحين بالترشح وترك الشعب يختار بحرية رئيسه كما فعل جيراننا في الجنوب، إخوتنا السنغاليين، الذين أصبحوا قدوة لنا في الديمقراطية، أما الخيار الثالث فهو غير مرغوب فيه، وهو السماح للأمور بأن تستمر في الانفلات منكم وتعريض البلاد لكل أنواع الانحرافات، وفي هذا المجال لا يفتقر مواطنوك إلى الإبداع.
محمد ولد عبد العزيز
مرشح في الانتخابات الرئاسية
المقررة في 29 يونيو 2024.