لقاء السلام والوئام.. | صحيفة السفير

لقاء السلام والوئام..

أحد, 22/12/2024 - 11:28

التقى الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، الأمين العام للرابطة ، رئيس هيئة علماء المسلمين، أمس الجمعة في مقر الفاتيكان ، البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثولوكية . وقبل ذلك كان الشيخ العيسى حظي باستقبال رئيس وزراء الفاتيكان ,أمين السر الكاردينال بترو بارولين. ومما لاشك فيه أن هذا اللقاء هو من أجل نشر السلام وتعزيز الوئام ، بل هو لقاء الحكماء في زمن يواجه العالم مخاطر الحروب، وانتشار الكراهية والإساءة للأديان ، وتأثيرات التغيرات المناخية ، وتفشي الانحلال الخلقي وانهيار القيم. وذكر بلاغ لرابطة العالم الإسلامي أنه هذا اللقاء بحث الجانبان عددًا من القضايا ذات الاهتمام المشترك، ولعل من بينها سبل تعزيز بناء الجسور بين الأمم والشعوب، وتفعيل التعاون والتواصل بين القيادات الدينية العالمية من أجل مواجهة الصِّدام الحضاري وترسيخ قيم التسامح والعيش المشترك.
ويكتسي هذا اللقاء أهمية بالغة بالنظر إلى كونه يجسد استمرارية في التواصل الفعال للأمين العام لرابطة العالم الإسلامي مع مسؤولي مؤسسة الفاتيكان بما تمثله من رمزية دينية عالمية، وذلك من أجل تعزيز التعاون والفهم والتفاهم والتسامح من أجل رفاهية البشرية وإسعاد المجتمعات الإنسانية ونشر قيم السلم والأمن والعيش المشترك ومواجهة التطرف والغلو والعنف والكراهية . لقد أكدت "وثيقة مكة المكرمة" أن " التنوع الديني والثقافي في المجتمعات الإنسانية لا يبرر لصراع والصدام ، بل يستدعي إقامة شراكة حضارية ايجابية وتواصلا فعالا يجعل التنوع جسرا للحوار والتفاهم والتعاون لمصلحة الجميع" . كما أوضحت هذه الوثيقة أن " أصل الأديان السماوية واحد وهو الإيمان بالله سبحانه إيمانا يوحده جل وعلا لا شريك له ، وشرائعها ومناهجها متعددة ولا يجوز الربط بين الدين والممارسات السياسية الخاطئة لأي من المنتسبين إليه" . وفي السياق نفسه تبين الوثيقة أن " براءة الأديان من مجازفة معتنقيها ومدعيها فهي لا تعبر إلا عن أصحابها ، فالشرائع المتعددة تدعو في أصولها إلى عبادة الخالق وحده ، والتقرب إليه بنفع مخلوقاته ، والحفاظ على كرامتهم ، وتعزيز قيمهم ، والحفاظ على علاقاتهم الأسرية والمجتمعية الايجابية " . كما أكدت الوثيقة على أن " تحقيق معادلة العيش المشترك الآمن بين جميع المكونات الدينية والإثنية والثقافية على اتساع الدائرة الإنسانية يستدعي تعاون القيادات العالمية والمؤسسات الدولية كافة ، وعدم التفريق بين الناس على أساس ديني أو عرقي أو غيره".
ومما يجب التنويه إليه هو أن زيارة الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي ل لللفاتيكان تندرج في إطار مسار ديبلوماسي يروم مواصلة التشاورالبناء لتعزيز علاقات التعاون من أجل تحقيق الأهداف المشتركة في مقدمتها خدمة الإنسانية . وهو مسار يحرص الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي على رعايته والإشراف عليه من خلال تطبيق رؤية جديدة للرابطة تهدف إلى توجيه الوعي الإنساني نحو المزيد من التفاهم، وبناء مجتمعات بشرية متعايشة، تربطها قيم التعاون والتسامح، وتجمعها روابط التواصل الحضاري، التي من خلالها تتمكن الأسرة الإنسانية الواحدة من تجاوز عقبات أعداء التعايش والتواصل بين أتباع الحضارات والثقافات والأديان، عبر تعزيز ثقافة التواصل والسلام.
لقد أولت رابطة العالم الإسلامي عناية فائقة واهتماما بالغا لبرامج ومبادرات تعزيز الحوار والتفاهم بين أتباع الأديان ، وحرصت على عقد اللقاءات بين القيادات الدينية وتفعيل دورها في التعريف بالمفاهيم الحضارية والإنسانية ، ونشر قيم المحبة والسلام ، وتربية الأجيال على الحوار الفعال. وفي هذا السياق نذكرالاجتماع العالمي للقمة الدينية باليابان عام 2017 ، والمؤتمر الدولي حول دور أتباع الأديان في تعزيز السلام بجنيف عام 2017 ، وملتقى القيم المشتركة بين الأديان بالرياض عام 2022 ، والمؤتمر الدولي للقادة الدينيين في كوالالمبور شهر مايو من عام 2024 ، وأخيرا المؤتمر الدولي " الإيمان في عالم متغير " في أكتوبر الماضي بمدينة الرباط الذي أكد في توصياته على أهمية الإيمان بمركزية الدين في قيام الحضارات وازدهارها وقدرته على مواجهة المشكلات ومعالجتها، وحذر من تهميش دور الدين في الاهتداء الروحي والإرشاد العقلي المؤدي إلى الفوضى الأخلاقية والسلوكيات المنحرفة والإباحية المهينة.
تجذر الإشارة إلى أن الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي سبق له أن قام بزيارة رسمية لدولة الفاتيكان عام 2017 التقى خلالها بابا الفاتيكان في روما ، وعقد اجتماعاً مع رئيس المجلس البابوي بالفاتيكان الكردينال جان لوري توران. وفي عام 2018 التقى رئيس الوزراء أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين،

__________
بقلم : المحجوب بنشيد/
الشبكة الدولية للصحافيين العرب والأفارقة