من إدارة الغياب إلى ثقافة الحضور والمساءلة | صحيفة السفير

من إدارة الغياب إلى ثقافة الحضور والمساءلة

أربعاء, 23/04/2025 - 13:13
ابراهيم سيداتي/ المفتش العام لوزارة الاقتصاد والمالية

في مشهد يعكس تحولًا نوعيًا في طريقة إدارة الشأن العام تشهد بلادنا منذ عدة أشهر حراكا تنمويا لافتا: إصلاحات هيكلية، مشاريع تتوالى، وورشات تُفتح هنا وهناك، تُعبّأ لها الموارد بحكمة، وتُدار بفعالية قلّ نظيرها.
في قلب هذا الحراك، تقف الحكومة واضعة نصب عينيها هدفًا واضحًا: إسعاد المواطن وتحقيق العدالة التنموية بين مختلف ربوع الوطن غير ابهة بمحاولات التشويش والإرباك التي تدار من هنا وهنالك ويعمل عليها مأجورين همهم الوحيد مقاومة الإصلاح.
من شوارع نواكشوط إلى أعماق الولايات الداخلية، التي بدأت تستعيد مكانتها في معادلة التنمية، تتجسد إرادة سياسية لا تعرف التراخي، مدفوعة بحسّ وطني عميق وترتيب محكم للأولويات.
المتابعة اليومية والميدانية التي يُوليها الوزير الأول المختار ولد اجاي، لمختلف المشاريع قيد الإنجاز، ووقوفه الشخصي على مستوى تقدم الأشغال، ومساءلته المباشرة للمسؤولين عن أي تأخير أو قصور هي أمور من بين أخرى تعكس جهدا استثنائيا قلّما وُفّق له العديد من المسؤولين، تطهر بوضوح روح الجدية والانضباط التي أصبحت تميّز أداء الجهاز التنفيذي في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ البلد.
لكن ما يلفت الانتباه أكثر هو التماهي الجميل بين هذا الزخم التنموي الداخلي، وبين ما يجري على مستوى الدبلوماسية الاقتصادية والإصلاحات المالية. فوزير الاقتصاد والمالية، السيد سيد أحمد ولد أبوه، لا يكتفي بإدارة الأرقام والجداول من مكتبه، بل يخوض معركة الإصلاح المالي بشجاعة وإتقان، رافعًا لواء الشفافية وترشيد النفقات وتحسين فعالية الإنفاق العمومي وتحديث الإدارة المالية، وتحسين مناخ الأعمال و...
إنه لا يتحرك فقط داخل الوطن، بل يحمل صوته إلى المنابر الإقليمية والدولية، ليعرض رؤية موريتانيا الاقتصادية بثقة وواقعية. دبلوماسية اقتصادية نشطة، تفتح آفاقًا جديدة للشراكة، وتجلب التمويلات بشروط مواتية، وتُعيد رسم صورة موريتانيا كبلد فرص ومصداقية.
ما يحدث اليوم ليس مجرد تنفيذ مشاريع معزولة، بل هو تحول شامل في فلسفة الدولة، يمزج بين التنمية الميدانية والرؤية الاقتصادية المتبصرة، وبين الجهد الوطني في الداخل والدبلوماسية المالية في الخارج إنه وبكل صراحة تحول حقيقي من إدارة الغياب إلى ثقافة الحضور والمساءلة.