يعاني العقلاء في هذه البلاد من حيرة شديدة، فهم لا يعرفون كيف يرتبون الأولويات في بلد تعددت فيه المشاكل والتحديات والأزمات، وهم لا يعرفون إن كان الأولى بهم أن يركزوا على هذا المشكل أو ذاك أو على هذه الأزمة أو تلك؟
لقد تعددت في بلادنا الأزمات والمصائب حتى أصبحت النصال تتكسر على النصال وحتى أصبح لا خلاص
لنا من الأزمات التي حلت بنا إلا أن تأتي أزمات أخرى أشد وأخطر تنسينا ما سبقها من أزمات.
لقد أصبح الواحد منا لا يعرف عن أي مشكل يتحدث، ولا عن أي أزمة يكتب. لقد اختلط حابل الأزمات بنابلها ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
لقد أوقعنا ذلك في ارتباك كبير، فنسينا أن نعطي لواحدة من أخطر الظواهر التي تهدد هذه البلاد ما تستحق من اهتمام، فلم يحدث أن سمعنا يوما بمسيرة أو باحتجاج أو حتى بندوة في فندق يتم تخصيصها للتصدي لظاهرة التملق، وذلك على الرغم من أن التملق قد يكون هو السبب الأول في انتشار العديد من المشاكل والتحديات التي تهدد مستقبل هذه البلاد.
المقلق في الأمر أن ظاهرة التملق قد أصبحت أكثر تفشيا لدى الشباب المتعلم، فلم يحدث أن شاهدنا شيخا أميا طاعنا في السن يقبل يد السفير الأمريكي أو يد الرئيس الموريتاني، ولم يحدث أن سمعنا شيخا أميا طاعنا في السن يطالب بمبايعة الرئيس الموريتاني ملكا على هذه البلاد.
إني أقترح أن نخصص جزءا من العمل النضالي والاحتجاجي ضد ظاهرة التملق، ولم لا نخصص يوما وطنيا لمحاربة التملق؟ ولم لا نختار لذلك اليوم يوم 04 أكتوبر الذي سمعنا فيه أول مطالبة لمبايعة الرئيس ملكا.
في يوم الخميس 11 يوليو من العام 2015 نشرتُ مقالا تحت عنوان " تملق ونذر مأمورية ثالثة"، ولقد انتقدتُ في ذلك المقال أربعة رجال تقدم بهم العمر كانوا هم أول من أطلق المبادرات في مشارق هذه الأرض وفي مغاربها للمطالبة بمأمورية ثالثة. ولقد التحق بهؤلاء الأربعة النائب الخليل ولد الطيب والذي طالب يوم أمس بضرورة مناقشة المأمورية الثانية..
لقد كنا نتوقع بأن أعلى مستوى يمكن أن يصل إليه تملق الموالاة هو المطالبة بمأمورية ثالثة، ولكن يبدو أن توقعاتنا لم تكن في محلها، فها هو أحد شباب الموالاة يطالب بمبايعة الرئيس ملكا.
إن على من يطالب بمأمورية ثالثة أن يعلم بأن التملق قد أعماه، وبأن المطالبة بمأمورية ثالثة تعني فيما تعني جر هذه البلاد إلى فتنة لا تبقي ولا تذر.
حفظ الله موريتانيا..