قد نكون من بين المحظوظين من الأجيال التي عرفتها البلاد منذ نشأة الدولة، ذلك أننا أمام فرصة تاريخية ستمكننا إن آثرنا المصلحة العليا من رسم معالم مجتمع متماسك وقوي مع المحافظة على خصوصيتنا كأمة لا تقبل محاكاة الغير ولا ترضى بالسير خلف الآخر.
إن سانحة الحوار الوطني الشامل، إن استغلت لما يخدم الصالح العام، فإننا دون شك سنخرج بنتائج إيجابية تؤسس لموريتانيا الجديدة، موريتانيا التي تعتمد على مقوماتها الخاصة وسواعد أبناءها البررة.
لقد دفعت بعض الأمم أثمانا باهظة في سبيل بناء أوطأنها، دون أن تتاح لهم فرص المشاركة في وضع التصورات وطرح الأفكار ومناقشة القضايا المصيرية لبلدانهم ، لكننا وبفضل الله عز وجل أولاً وبحكمة عقلائنا استطعنا أن نجنب وطننا تلك المطبات، وجلسنا على طاولة واجدة بمختلف مشاربنا السياسية وتوجهاتنا الاديولوجية وقد دخلنا على شكل أغلبية ومعارضة ، وصرنا متحاورين من أجل هدف واحد هو المصلحة العامة لبلدنا ، وكلنا أمل في الوصول الى النتائج المرجوة ، فحيثما تزاحمت العقول خرج الصواب.. ونحن إذ نتوق الى مستقبل زاهر لبلد لا بديل لنا عنه، فإننا مطالبين جميعاً بتقبل أي فكرة أو طرح ذا فائدة صادر عن أي كان ، فكيف لمن يؤمن بلغة الحوار أن يعترض على مقترح يخدم المصلحة العليا وإن كان صادرا عن من يخالفونه في التوجه والميول ، وما العيب في أن نتبنى كأغلبية أفكاراً بناءة تقدم بها من هم في صف المعارضة ، وهل من الصواب أن تعمينا معارضة نظام بعينه عن القبول بطرح قدمته الأغلبية يحمل مسوغات منطقية لمرحلة جديدة ؟ علينا أن نكون جادين فيما نحن فيه ونفكر في ما هو قادم ونحاول قدر الامكان أن نرسم معالم طريق سالكة للأجيال القادمة ، كي لا يكتووا بنار الخلافات التي عصفت بمستقبل من سبقوهم، ونجتهد في وضع قوانين وترتيبات من إنتاجنا وعلى مقاسنا، قوانين موريتانية وديمقراطية موريتانية فريدة من نوعها، تصون المكتسبات وتحمي الانجازات وتساهم في مواصلة المسيرة.
نحن كنا هنا أيام الاستفتاء على الدستور الحالي والبعض منا شهد إنشاء الدستور السابق وما شاب المرحلتين من نسخ ولصق وتغيير للعناوين من لدن ......؟. والوسائل المتاحة آن ذاك للتصويت ونعرف الطرق التي كان يتم بها فالمجتمع تغير والعالم كذلك تغير محليا وإقليميا ودوليا كما تغييرت العقليات ووسائل الإتصال .
ففي تلك الأيام لم تكن هناك طوائف ولاأثنيات في موريتانيا .
فالبون شاسع بيننا اليوم ومن وضعوا تلك الدساتير والقوانين التي لم تفصل أصلا على مقاساتنا كموريتانيين ، ما بالك بالأجيال القادمة والتي ستلعننا لا قدر الله إن ورثناها ما نحن فيه من خلافات ومشاكل على جميع الأصعدة ولو كان جل تلك المشاكل من صنع أيدينا وفرصة حله الآن متاحة خلال هذا الحوار الوطني الشامل الذي دعت له قيادة البلد بدون محظورات ولا تحفظ .
ــ مثلا الإنجازات العملاقة التي تم إنجازها في البلد والتي شملت جميع المجالات لابد لها من قوانين محلية على مقاسها لتحميها فالمثل الحساني يقول "أخيركوام من جياب".
فالمسؤولية الأخلاقية توجب علينا التفكير بمن سيأتون بعدنا والبحث لهم عن حلول دائمة تجنبهم المشاكل والويلات فالتاريخ لا يرحم ، وأعمار الدول لاتقاس بالمأموريات والمصالح العامة لا تجوز شخصتنها .
يقول الإمام الشافعي رحمه الله / رأيي -صواب-يحتمل-الخطأ-ورأي-غيري-خطأ-يحتمل-الصواب .
(ربنا ءاتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا)
أحمد مختيري