نُخب ليبيا عبر أزمان وعصور أثبتت أنها مصطنعة وغير قادرة على تجاوز محنة التبعية وأزمة الهوية..! المحنة والأزمة اللتان لم تستطع نخب الماضي تجاوزهما عادت نخب "مجاز ا " الحاضر لتلوكهما وتكررهما جهر ا , ورجعت النخب إلي سيرتها الأولى وانغرست في المعقول الذي نقتنيه بداهة وباعتباط, وطفقت تعيد بسذاجة مبهمة ما تصرخ به غرائزنا وشهواتنا وأطماعنا وترفضه ضمائرنا في أزمان صحوها!.. الأزمة الليبية في حاجة إلي فلسفة يتبعها منطق واستراتيجيا وإدارة وأداء, وهذه المتوالية لن يأتي بها المنابريون البؤساء أو البرغماتيون التعساء أو اللامنتمون الجهلاء أو المتثاقفون والدواجن الفكرويون العالقون بالخيلاء, فظاهرة الوجود أو التواجد الشيزوفريني التي يعانيها أغلب النخبويون "مجاز ا " في ليبيا تأخذ الأزمة إلي نقاط فراغية وتؤدي المشروعات الغير ناضجة والمستهلكة والمكررة تحت عناوين وشعارات مهيضة الي نشر القلق وافشاء الافلاس النخبوي وتعميم حالة الدوار ودعم خيارالعودة الي المستقبل..!
ادعاءات الوطنية كثيرة ومقلقة ومربكة, فالوطن المشوش الهوية والفاقد للتعريف والمعطوف على الأشخاص أو القبائل والمعلق الانتماء له باشتراطات وشراكات وأهواء وأمزجة يرزح تحت نير عبث ابنائه اللامنتمين العابثين بقيمته ووجوده, وتعيث فيه نخب افتراضية متوهمة وبراغماتيون عاطلون عن النبل واقطاعيون اعتادوا أن يكونوا هم الوطن وعجزوا عن رؤيته في سواهم أو بدونهم, وآخرون مشوهون إنساني ا يسعون إلي رهنه لمصالحهم وتعليق استقراره بسيادتهم له..!
ما هو الوطن.. أي ما هي ليبيا..!
اعتقد قبل ادعاءات الوطنية وقبل تدارس سيناريوهات الحياد وتقمص دور الحمامة البيضاء في قضية الوطن,علينا أن نشكل للوطن هوية ونجسده فينا فكري ا ووجدانيا ونتفق على حقيقة لا نزاع فيها أو حولها تمثل شخصية ليبيا المستقلة عن العطف على ما دونها!..
إن شخصية ليبيا لازالت مبهمة فكري ا ومجال خلاف واختلاف في مجملها, فالبعض يعتبرها كومة عظيمة من القبائل والآخر يرفض هذه الكومة الافتراضية.. ولكن ..!
الليبيون أغلبهم أمازيغ مستعربون وغير مستعربون وطوارق وتبو يشكلون بمجموعهم السكان الأصليين, يضاف لهم عرب وخليط من الأناضوليين وفئات صغيرة ذات أصول يونانية أو كريتية أو ايطالية أو مالطية, ولعل القبائل بصفتها الحقيقية لا تضم غير الأمازيغ والطوارق والتبو وبعض العرب في ليبيا, وما عداهم تآلفوا واجتمعوا في انماط مرادفة للقبائل لتحقيق منافعهم ووجودهم على صيغة تناسب ليبيا وأسسوا قبائل افتراضية بمرور الزمن, مما يجعل من تشكيل شخصية ليبيا على المنهج القبلي مجازفة رهيبة, فالقبلية تمثل دعوة مفتوحة للبحث عن الأصول والجذور وتحقيق الملكيات وتدريج الأنتماء, ووجوب تأخير الوحدة حتى تحقق توافق القبائل واتحادها بمشروع الحكم وفق محاصصة اجتماعية ورضوخ طوعي لمعادلات القوة والارهاب!..
أجزم بأن .. ازمة ليبيا حالة الهراء المقيتة بالوطنية والانتماء البراغماتية الملوثة بأطماع السلطة التي يمارسها ميكافيلليون اقزام..!
أما الليبيون النخبويون فهم مطالبون بتحرير هوية ليبيا وابراز شخصيتها بمعزل عن الأهواء والولاءات القزمية, ومجبرون على تجاوز انفسهم وذواتهم وسجنونهم الاجتماعية لتحقيق وجود ليبيا وابراز شخصيتها إن استطاعوا..!