أود في البداية أن أشكركم على حضوركم في هذا المكان، وأشكر جميع المشاركين في هذا الحوار الوطني وكذا اللجان المكلفة بتنظيمه وجميع المواطنين الذين ساندوه من قريب أو بعيد.
إن الهدف الأساسي لهذا الحوار هو ترسيخ الديمقراطية وتقوية الوحدة الوطنية، ولا يفوتني هنا إلا أن أعود قليلا إلى الخطاب الافتتاحي لهذا الحوار قبل ثلاثة أسابيع حين قلت لكم وقتها أن الهدف الأساسي من الحوار هو حماية مصالح الشعب الموريتاني والدولة الموريتانية، إذ لا مجال لطرح أمور شخصية لا تمت بصلة إلى الشأن العام، ولا مجال لطرح أمر يخص شخصا بعينه، وأعود اليوم للتأكيد عليه، فهناك من دأبوا على محاولة التشكيك وإثارة الفتن والمشاكل لهذا البلد الغالي، حاولوا ذلك من خلال ركوب موجة الثورات التي كانت نتيجتها هدامة للأسف على بعض البلدان التي اجتاحتها ، ويحاولون اليوم الترويج الأكاذيب وادعاءات لا أساس لها ولم يسبق لأحد أن تبناها، ولا وجود لها إلا في خيال أولئك، لا لشيء إلا لخلق مشاكل للبلد وربط مصيره بدول غير مستقرة لا أريد تسميتها.
إن الهدف الأساسي لهذا الحوار هو ترسيخ الديمقراطية لمصلحة من شارك فيه ومن غاب عنه تماما ومن علق مشاركته فيه في آخر المطاف.
فمخرجات هذا الحوار واضحة لا غبار عليها ولا لبس فيها، وسيتم تطبيقها لكونها لا تصب في مصلحة شخصية وإنما تروم مصلحة الشعب الموريتاني برمته ومصلحة أجياله القادمة.
فتقوية الوحدة الوطنية مهمة لتماسك الشعب الموريتاني الذي عانى في الماضي من مشاكل جمة استهدفت كيانه ووحدته، ويوجد بعض المسؤولين عن تلك المشاكل للأسف الشديد ضمن مقاطعي هذا الحوار ومن تقاعسوا عنه لعدم أهمية الشعب الموريتاني ومصلحته العليا وتقدمه وازدهاره في اعتباراتهم الشخصية .
فعندما أدرك هؤلاء أن الباب مسدود أمام تحقيق مآربهم الشخصية انبروا للترويج للأكاذيب، وما جرى الحديث عنه بشأن المادة 26 من الدستور و المادة 28 المرتبطتين في الفحوى مرده، إلى مطالبة البعض بتغيير سن الترشح للرئاسة لمصلحة أكثر من ثلاثين ألف شخص فقط في موريتانيا حسب الإحصائيات البيومترية .
واعتراض البعض على تعديل هذه الحيثيات بدافع الحرص على تجديد الطبقة السياسية أمر وارد اذ لا ينبغي تعديل الدستور لمصلحة شخص أو فئة بعينها لوجود ثوابت في الدستور لا يمكن تجاوزها ترسيخا للديمقراطية كأساس للتقدم والتنمية .
وبخصوص المادة 28 من الدستور فان تعديلها يصب في مصلحة شخص واحد هو رئيس الجمهورية، ورغم أن الكثير من المشاركين طالبوا بتعديلها لكنني أنا لم يسبق لي أن طالبت بذلك تعديلا أو تغييرا تحت أي ظرف كان، ولم يسبق لي كذلك أن تحدثت عن رغبتي في مأمورية ثالثة، وبالتالي فان دستور الجمهورية لا ينبغي أن يكون موضوعا لتلاعب البعض من خلال التعديل لمصلحة شخص أو فئة وإنما يجب أن يتم ذلك على أساس المصلحة العامة ، سبيلا لترسيخ الديمقراطية وهذا ما ينبغي أن نسعى إليه ونهدف له.
وأود هنا التأكيد لكم كذلك أنني لا أجد حرجا في المطالبة بتعديل الدستور لصالحي ولا أخاف من ذلك بدليل أنني قمت في السابق بإلغاء الدستور لكنني اعتبر أن ذلك لا يخدم مصلحة الشعب الموريتاني، وانا مقتنع بالمحافظة على الدستور خصوصا المواد المتعلقة بمصلحة أشخاص بعينهم، هذه قناعتي التامة وهذه القضية ينبغي أن تكون محسومة ومتجاوزة ولا يمكن استخدامها لزعزعة أمن البلد واستقراره .
يجب أن نكون واضحين في هذا الشأن ليس خوفا ولا طمعا وإنما حرصا على المصلحة العليا للبلد التي ينبغي أن نضعها نصب أعيننا، وكل من تسول له نفسه زعزعة البلد بهذه الذريعة ستتصدى له الدولة وسيتم اتخاذ الإجراءات المناسبة لتوقيفه عند حده.
وبخصوص المحاور التي تناولها الحوار فقد نص الاتفاق السياسي على حل مجلس الشيوخ ، وهو أمر موضوعي قد لا يكون البعض موافقا عليه ولكن الشعب الموريتاني لا يمكن إن تفرض عليه مجموعة بعينها رأيها ولا حزب ولا رئيس، وسينظم استفتاء في هذا الشأن لا يستطيع أحد منعه ولا الوقوف في وجهه وسيكون الشعب الموريتاني هو الحكم في هذا الشأن باعتبار الدستور مرجعية للاستفتاء .
وقد اقترحنا بديلا عن مجلس الشيوخ إنشاء مجالس جهوية منتخبة لتعزيز الديمقراطية وتوسيع فرص التنمية وتقريبها من المواطنين وتساوي الفرص بين الولايات في تدخلات الدولة ، والحد من الفوارق وسد النواقص في مجال التعليم والصحة والاقتصاد وتعزيز اللامركزية.
ونص الاتفاق السياسي كذلك على تغيير رموز وشعارات الدولة وتحسين العلم الوطني الذي نعتز به لكن لا ضير في إدخال تعديلات عليه بعد استفتاء الشعب الموريتاني على ذلك وهو أمر بسيط ولم يسبق للشعب الموريتاني أن استفتي على العلم الحالي، ووضع تضحيات الشعب الموريتاني في الاعتبار خصوصا أن ذلك العلم تم اختياره على أساس اعتبارات لا تخلو من ارتجالية ولا يعرف أحد سبب اختيار ألوانه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته"