كتابة التاريخ هي صناعة الحدث، وأن ترى الذين يصبغون رؤوسهم بالسواد، ويشدون تجاعيدهم بالمساحيق، ويرمشون أعينهم بالإكحلال كخضراء الدمن ، ويلوكون شعارات جوفاء، وتذرف ألسنتهم الكذب الهزال، قد أصابهم الدوار..
ألم تشهد بركات الصدق الماحقة لنفاق من تسمر منهم علي الأريكة تراهم كالسامري اخرج خواره، لأن عجله، الذي صنعه من حلي وهم_أنا الخليفة المنتظر- ، ذاب بلا نار تحرقه، ورحل بلا زاد يسعفه.، و بقوا بلا شيعة ولا عترة، إلا شيبا بلا وقار، وتجاعيد بلا حياء، وألسنة لم تنبس قط بكلمة صدق ووفاء ،
ألم ترهم رأي العين- أحزابا يتنادون-أو أفرادا يتمارون ، كل في سربه يسارعون إلى ردات الفعل.. يمشون مشي القهقرة إلى الوراء، يتلكؤون في بياناتهم، يقولون نعم ونعما في محل أدوات النفي، وليا بألسنتهم يصرخون ب:لا ويا ليتنا ...في منزلة بلى..
شهد التاريخ أن السماء ما بكت على هؤلاء، وما كانوا من المنظرين؟
*****
لقد كان مساء20 أكتوبر2016 لحظة فارقة، بينت من يصنع الأحداث الحقيقية في الجمهورية الإسلامية الموريتانية
لقد قالها الرئيس المنتخب ، الأعز، الأغر محمد ولد عبد العزيز بجرأة الفاعل، وبصدق المجرب.. باستطاعتي أن أغير الدستور لصالح ثلاثين ألفا ممن تجاوزت أعمار هم عتبة السبعين، مقابل شعب ناهز الأربعة ملايين ، وباستطاعتي وقد فعلت حين اقتنعت، أن أعبر بشعبي إلى التغيير دون نظر في مغريات وتهديدات الخوارج، وبني الأصفر،وساسة المفسدين
لكنني اليوم بجرأة السابق ، وصدق العارف بدروس التاريخ، أرى أن الأولوية ليست: أنا، بل نحن ، وأن المصلحة الشخصية يجب أن تعلو فوقها مصلحة الشعب ، ومصالح البلد العليا.
وهذه المصلحة متمحضة يقول الرئيس :في أن نجدد الطبقة السياسية في الغرف التشريعية والمجالس الجهوية المنتخبة، وأن نحترم المواد الدستورية الجامدة26 و28، وأن يتاح للموريتانيين المشاركة الواسعة في استفتاء شعبي عام، وانتخابات جديدة هدفها المصلحة العامة ، تعيد صياغة الدستور، وميزات النظامين الرئاسي والبرلماني، وتمنح حرية الاختيار، وتضمن المحافظة على المكتسبات ، وتمنع الوالغين في الفساد والمراهنين علي استيراد الأجندة الأجنبية، من أن يلحقوا بلدنا بقائمة الدول الفاشلة ، وغير المستقرة.
***
قراءة الحدث
وعندما نحاول قراءة هذا الحدث بتمعن، نجد أنه ليس وليد الصدفة، ولم يكن من قبيل الاستعراض،
فالرجل الذي عمل بأناة وذكاء وصبر ،وواجه بقوة ولسنوات محيطا من المفسدين والمرائين ، حتى أنجز التغيير المزدوج :في نظام الحكم لصالح ملايين الفقراء حيث أدال بكاريزميته سلطان حلف رجال الأعمال وجماعة الكادحين ، وفي العلاقات الدولية حين أخرج شياطنة مخفر العملاء الإسرائيليين ، وفي منطقة الساحل والصحراء حين أزاح فكر وسطوة الإرهابيين ،
يدرك هذا الرئيس المنتخب بفعل الماضي، وفعل الأمر، وفعل المضارع، أن هذا البناء الذي شاده لابد لميراثه من فتية مؤمنين ، ولرايته من صديق حكيم، لا تلتبس عليه الألسنة، ولا تخدعه مساحيق العصر، ويعلم مكر أهل دار الندوة ، وله علم بالكتاب يمنعه من أن يخلط عرش بلقيس، بعرش سليمان.
ولمن يجيد فن تأويل العبارات على غير محملها ، فعرش بلقيس نعني به بوضوح : نماذج PRDS وعرش سليمان نعني به.. الديمقراطية التشاركية مع الجميع(سفينة نوح) في هذا البحر اللجي، وفي مناخ عالمي غارق في طوفان العنف.
قديس لا يأبه بالظالمين.، ولا يصدق الواشين.،
أسد في عرينه جرب بالوفاء عندما نكص على أعقابهم أولائك الناكصون،
حكيم في شمائله لا شبه يجمعه مع الثرثارين، المتشدقين، الحالمين بقليس من أصناف رؤساء الأحزاب المتكبرين.، و السجانين، والمهربين، والذين يستحلون فدية الأبرياء المخطوفين، وأكل أعراض المسلمين.
نتائج الحدث
لقد كان التوقيع علي الاتفاق السياسي بإشراف فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز ، وأمام الرأي العام الوطني، وبشهود الموريتانيين أنفسهم ، وعبر الشاشة المرئية، وفحوى ومكونات الخطاب الصريح لرئيس منتخب، لم يكمل منتصف مأموريته، لا يخاف إلا الله والذئب على الغنم،من فصالة إلى بير ام اكرين
كان لهذا التوقيع والمشهد السياسي نتائج بارزة ومقدرة من أهمها:
1-الاتفاق علي مناخ سياسي عام أبان بوضوح الرؤية للجميع ,وأكد أن الأولوية هي مصلحة البلد ، و صيانة ما أنجز من ديمقراطية، وتنمية واستقرار.، وأن الرئيس يرى أن موريتانيا هي الثابت وأن مصلحة الموريتانيين هي المرجعية ، والكل جنود أوفياء لهذا الثابت وهذه المرجعية .
وكل متحول آخر يجب أن يذعن لهذا المسار، طوعا بالاقتناع،أوكرها بالاقتراع.
ومدار الإجماع على أن القلوب ملوك لا تقبل الراشي و الرشوة والرائش، وأن النأي عن التجاذبات هو الأسلم، وأنه حان للموريتانيين الأخذ بتصدر المجالس، لأن الموريتانيين تعبوا من الترحال بين المذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.
2- أهمية تعزيز نظامنا الديمقراطي ،واستقرارنا السياسي، بتجذير التوازن بين من يحكم ،ومن يشرع، وتوجيه الثروة الوطنية إلى الولايات الداخلية، بدل التركيز منذ57 سنة علي تنمية مدينتي نواكشوط ونواذيبو، ونخبهم الآفلة.، والتي مردت على الصراع العبثي علي احتكار السلطة والثروة .
3-إنهاء دور جماعات الضغط ، ولوبيات المصالح الشخصية التي تسترت ظلما وبهتانا خلف المأمورية الثالثة، والعبور إلى الجمهورية الثالثة ، واجترأت إقامة حكومة ظل ثالثة عملت على توجيه أو خلق مواجهة بين المشرعين و الحكومة ،.. وأدارت بخفاء حملات وصنعت ملفات مربكة ومنسقة مع الأذرع الدعائية للمغرضين في الداخل والخارج، وشجعت التعاون مع مشاريع التقسيم الخارجية ، ومولت أشكال العنف اللفظي والمادي والمعنوي، من أجل تدمير ممنهج للجبهة الداخلية للنظام ، واستهداف خيرة أبناء البلد ووطنييه الذين لم يشربوا من كأس الوله بألاعيب ومغريات خلط الأوراق عند هذا الطابور الخامس ، الأله بجمع المال ،وشؤون الأعمال، و الذي أوجد بتفرغ زينة ، ناديا سمي الخلافة (الداعشية).. كان أكبر مؤزم للمناخ الوطني العام.
4- دعوة الشباب الموريتاني في بلد فتي إلى انتزاع مكانته في تسيير الشأن العام،عن طريق الانتخابات الوطنية، والانتخابات الجهوية والمحلية، والدفع بالشباب المتحرر من الولاءات الفئوية والشخصية ، إلى ترأس الأحزاب السياسية الحاكمة والمعارضة والمستقلة ، والي ولوج الحكومات ومراكز القرار، وهو ما يتطلب تعبئة ومشاركة عامة لجميع أطياف الشباب الموريتاني ،تنهي الاحتكار في قنوات التأثير والتوجيه ، وتضمن التداول السلمي بين الأجيال والمقاربات.
5 – إن رموز الدولة يجب أن تجسد ، نضالات أمجاد مقاومتنا الوطنية ، فهذا الجبل الصردح، والهواء الصحصح، والريف الأفيح، والرمل الأصبح ،أديم وحميم حماهم لعشرة قرون خلت ...توأم مداد العلماء ودماء الشهداء.. ولم تحمهم تشنجات السكارى ، ولا أشتات من لا يحسنون العدو على الخيل دون ركاب، ولا يسلون السيوف أيام الوغي عند الضراب..
ومع ذلك . فأنا كاتب هذا المقال– حتى تعلم أطراف الحوار وبثينة الخبر– من أشد المدافعين عن نشيد وطني للإله ناصرا، وللمنكر ناكرا، وعلى سبيل المصطفي سائرا.. وأرى أن الجهاد والاستشهاد، والحماس كله ورد في هذا النشيد. وأنه صدر من عالم صادق مخلص. ولم تكتبه أياد مرتعشة أو مرائية .. وأن الله سيكتب له الخلود إن عرضناه على الشعب، وأبعدناه عن أن يشير به المتحزبون ويقترحونه من مقررات ومراسيم.
6- لقد أظهر نداء20 أكتوبر2016 الذي وجهه هذا الرئيس الأحمد العزيز، إلى الجميع معارضة وأغلبية، وفضحه بجرأة لمحاولات اليائسين العبث باستقرار البلاد، أن المرحلة الآن حاسمة في الاختيار بين :
مستقبل، أمن بلدنا من كل الثورات الفاشلة القانية بدماء الأبرياء، وحقق الاستقرار، والتنمية، والسلم الأهلي.، ورسم إطارا تعدديا وتوافقيا.، وهو سبيل مستقبل مشرق و مغدق للجميع.
ب- وحال الاستمرار في ألاعيب الخداع.. التي لم تعد تنطلي على أحد.. والتي لا تجيد إلا شعارات البيانات الندية الجوفاء ، والتظاهر في الساحات، والمقاطعة للانتخابات.، وهو سبيل من ذهب في الغابرين.
7- الجمهورية الإسلامية الموريتانية متصالحة مع ذاتها، معترفة بكفاءات أبنائها:
لقد أرم الوشاة... وانتصف للشاة الجلحاء من الشاة القرناء.. وجاء الخريف مزدانا بالشتاء ومدت بقرة (بنت ام اجناح) ضروعها، وجاءت نخل باسقات من جبال موريتانيد ، وانبجست من ذرة (المصلحة العامة )سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة
من الأخوة والمحبة والسلام والعافية.، لأن بلالا أذن، وأحمد العزيز أم، وأبا بكر الصديق آخذ بلجام القصواء، (ثاني اثنين إذ هما في الغار، إذ يقول لصاحبه: لا تحزن إن الله معنا) صدق الله العلي الكبير...
يدرك الغلاة والوشاة أن أهل الردة سيدفعون الزكاة، وأن نبوءة مسيلمة وسجاح كاذبة وأن حفظة القرءان وأصحاب بيعة الرضوان هم شهداء في الوغى أو أئمة في المحراب.
عاشت موريتانيا فوق الجميع وللجميع.
محمد عبد الرحمن ولد محمد الشيخ