“شد شد قربت الرملة على اللد” هذا مثل فلسطيني يقال حين تتباعد الشقة ويتسع الخلاف بين طرفين لا مجال للجمع بينهما واستحالة توافقهم، وللمفارقة ان كلا البلدين انجبت خير القادة الفلسطينيين، فاللد انجبت حكيم الثورة جورج حبش، والثانية الرملة انجبت القائد خليل الوزير ابو جهاد، الراعي الاول للمقاومة واستشهد في سبيله.
اكتب ونحن نرى موجات الخماسين الحارة من بعض الفتحاوية تجتاح فلسطين والمنطقة ممن اعتقدوا ان الاقدار والظروف اعطتهم حق وراثة الشعب الفلسطيني وثورته فيا لمهازل الاقدار فمن يسعوا الى القيادة الان ايديهم نظيفة بالمفهوم الاسرائيلي، ولكن المؤهلات اصبحت المال والتحكم في رغيف الخبز والراتب وغيره من امور الحياة، ولكن القادة المتصارعين في مأمن من ذلك كله فالابناء قد امن مستقبلهم لعشرة اجيال على الاقل والصراع على الشرعية، كما يقال، اصبحت لغة ممجة وسمجة كالحديث عن غشاء البكارة في المفهوم الشرقي، وعذراً للتعبير.
البداية بالتأكيد كانت بفتح بكوكبة من شهدائها واسراها وجرحاها وحملت لواء القضية ردحاً من الزمن، وكان ذلك بفضل عبقرية قادتها الاوائل وفي اعتناقها نهج اتساع فتح لكل الاطياف دون انتماء للتنظيم ودعمها لكل عمل وطني بغض النظر عن صاحب العمل هذا الانفتاح الفتحاوي على الكل وحامل فكرته الشهيد ياسر عرفات اعطى فتح ديمومة متفاعلة مع الشعب، واذكر حين تشكل وفد المفاوضة الى مدريد بقيادة الدكتور حيدر عبدالشافي اعترض بعض الفتحاوية وارادوا ان يكون رئيس الوفد فتحاوياً، الا ان ياسر عرفات قال اعطوني اسم اكبر نضالياً من الدكتور حيدر عبدالشافي وهنا سكت الجميع.
وحين ظهرت حماس كان ياسر عرفات معني بها بالمشاركة في القيادة ومنظمة التحرير الفلسطينية، ويذكر الجميع في اول كلمة القاها ياسر عرفات بعد وصوله الى غزة انه بدأ كلمته بارسال التحية للشيخ الشهيد احمد ياسين، وكان وقتها اسيراً قبل ان يذكر شهداء فتح وغيرهم وليس سراً انه نسق في الانتفاضة الثانية مع حماس وتلك قصة اخرى.
اسرد ما سبق واعني ان لا احتكار للعمل الوطني ولا لشرعيته الا اذا توافقت مع ارادة الشعب في المقاومة والحفاظ على الثوابت والحقوق الغير قابلة للتصرف فهل هذا نهج المتصارعين؟!.
نعود الى عواصف الحديث بمناسبة المؤتمر السابع لفتح اذا قيض له ان ينعقد!؟ ونرى كيف كل منهم يريد ان يبرز على الساحة بتحالفات فتحاوية وغير فتحاوية عابرة للحدود، فكيف لفتح ان تأمن انها على الطريق السليم للحفاظ على روح فتح بما يجري.
فاذا كانت فتح لا تستطيع بذاتها ولذاتها التوحد، فكيف بالله ستتم مصالحة فتح وحماس بمعنى اعادة اللحمة والوحدة للضفة والقطاع فهي مسيرة وسيرة اخذت سنوات طويلة من الحديث حولها، وتولتها مصر في البداية بجهد هائل لم يثمر لسوء النوايا من القائمين على الحوار ثم كانت جولة للسعودية، وجولات لقطر والنتيجة محلك سر.
وهنا اريد ان اصل الى محاور التحرك في فتح حيث تخلق وتبرز محاور عدة لهذا الامر جانباً منها حريصاً على القضية، واخر يتصيد في الماء العكر، وبصراحة مصر والاردن جزء من الامن الفلسطيني، والامن الفلسطيني جزء من امن مصر والاردن، وهناك من يبتز حصار غزة لاغراض ليست خافية، واعني تركيا وقطر، فالخط الفاصل واضح، ولكن ارجو ان تكون بوصلة من يريدون مصلحة فلسطين واضحة، بحيث لا تنصرف الى تأييد ذوي الياقات البيضاء والبدل والربطات الانيقة الغالية، بعيداً عن الشعب الذي ينتظر نقطة ماء او رغيف خبز، او عبوراً امن، او قبراً في الوطن.
و الله من وراء القصد
فريح ابو مدين/ محامي ووزير عدل سابق