جاء في بعض وسائل الأنباء ان ما بسمى بالمجلس الرئاسي قرر الانتقال من ميناء الشعاب شرق طرابلس عروس البحر الأبيض المتوسط الى مدينة غدامس عروس الصحراء و ذلك للبحث في التشكيلة الحكومية الجديدة و تقديمه المجلس النواب.
المجلس الرئاسي اسمه الرسمي حسب ماسمي باتفاق الصخيرات هو “المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني “. وهي اول حكومة في التاريخ يرأسها مجلس وليس رئيس حكومة وهو اي المجلس الرئاسي يتكون من تسعة أعضاء احدهم هو رئيس المجلس. اي انها حكومة بتسعة رؤوس. !! والعياذ بالله من التسعة المفسدين. !!
حكومة الوفاق الوطني لم تشكل بعد و لكن رؤوسها التسعة يجتمعون بمن حضر ويتصرفون كما لو انهم هم مجلس الوزراء اي الحكومة. !! إصدار قرارات. زيارات رسمية للخارج. مقابلات مع شخصيات سياسية عربية و دولية. زيارة المستشفيات. مصافحة الناس في الشوارع. حضور الملتقيات الخامسة او السادسة لمن يقولون انهم من ضباط الجيش الليبي. ( ما يذكر الناس بملتقيات اللجان الثورية الاولى و الثانية و الثالثة و السادسة الخ الخ !! في العهد الاسود).
لا احد يعرف من اخترع هذا المجلس الرئاسي ولكن الجميع يعرفون انه مجلس ” لزوم ما لا يلزم ” عَلى راي السيدابي العلاء المعري رحمه الله. اي انه مجلس لا لزوم له. !! و مع ذلك يتردد اسمه في الاعلام الليبي و في بعض البيانات الرسمية العربية والافريقية والدولية كما لو انه جزء من المنظومة السياسية الليبية التي لا وجود لها!!
لقد عاش الليبيون و الليبيات ثمانية عشر عاما في عهد الملك الصالح محمد ادريس المهدي السنوسي طيب الله ثراهوهم لا يعرفون سوى مجلس النواب و مجلس الشيوخ و المجالس التنفيذية والتشريعية ايام الولايات ولا يعرفون سوىحكومة واحدة لكل منها رئيس وزراء واحد . وكان متوسط عمر كل منها لا يزيد عن ثمانية عشر شهرا. ثم جاءانقلاب ” الفاتح ” الذي “فتح ” الأبواب المشرعة للفساد و الظلم و الفوضى و الدكتاتورية .!! واصبح بعض الليبيين مع الاسف هم الأبناء غير الشرعيين لنظام أيلول الاسود وأصبحوا هم في الواقع ورثة الطاغية في ممارسة الطغيان واصبح الكثير منهم هم الذين يهيمنون اليوم على المشهد الليبي كله.!! ان صح التعبير. ولا حول ولا قوة الا بالله.
فكيف تسير الأمور في الوطن الجريح وسط كل هذه الفوضى غير الخلاقة. !!؟
منذ اسابيع قليلة استيقظ الليبيون على بيان يعلن عودة حكومة الفجر و احتلالها لقصور الضيافة وعدم الاعتراف لا بالمجلس الرئاسي ولا بحكومته التي لم تلد ولم تولد ولم يكن لها مثيل في كل حكومات العالم قديما وحديثا. ثم بدا التنابزبالالقاب بين الطرفين و كل طرف يتوعد باعتقال الطرف الاخر و رميه في غياهب السجون. والليبيون والليبياتومعهم الأطرش في الزفّة الهر كوبلر ممثل الامين العام للأمم المتحدة في ليبيا يتفرجون على هذه المهزلة السخيفة. !! وانتظر الناس ليروا اي الحزبين سيفي بوعده في اعتقال الاخر. و حتى كتابة هذه السطور لا يزال جماعة الفجريحتلون قصور الضيافة ولايزال رئيس ومن معه من اعضاء ما يسمى بالمجلس الرئاسي يحتلون القاعدة البحرية فيميناء الشعاب شرق العاصمة. غير ان بيانا صدر بالامس جاء فيه ان المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني سوف ينتقل الى غدامس للبحث في تشكيل الحكومة المنتظرة و تقديمها لمجلس النواب في طبرق لمنحها او عدم منحها الثقة.
ومن هنا اثير هذا السؤال و توابعه : لماذا يهرب رئيس و بعض اعضاء ما يسمى بالمجلس الرئاسي الى غدامس. !؟وما الذي يمنع هذا المجلس من البحث في التشكيلة الحكومية المنتظرة من مكانه الحالي في القاعدة البحرية. !؟ وماهي الضمانات التي ستوفرها مدينة مفتوحة مثل غدامس للسيد رئيس و من تبقى من اعضاء المجلس ولا تتوفر فيحصن عسكري داخل أسوار العاصمة مثل قاعدة ميناء الشعاب. !؟ و يبقى السؤال الاهم وهو الى متى سيستمر هذا الحال !؟ حال انعدام الوزن و انعدام الحكومة و انعدام الامن و انعدام الدولة و انعدام السيولة في المصارف. !؟ و مافائدة هذه الأسماء الكبيرة التي لا معنى لها مثل المجلس الاعلى للدولة و المؤتمر الوطني العام و مجلس النوابوالمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الى جانب العديد من المجالس المحلية و الثورية ومجالس الشورى وهيكلها عالة على المال العام و على مدخرات الشعب الليبي الذي ينوء تحت وطأة الجوع والمرض والافلاس والخوف والفزع. !!؟؟
مثل هذه الأسئلة التي تدور في الاذهان في كل مدينة و قرية في ليبيا هل يتوقع احد من الليبيين و الليبيات ان تأتي الاجابات عنها من غدامس. !؟
كلا. !! و الدليل ” قالولو”. الم تعقد أولى مفاوضات الوفاق الوطني في غدامس. !؟ و بدلا من ان تستمرهناك حتى يتمهذا التوافق انتقلت المفاوضات الى خارج الوطن. الى جنيف و الصخيرات وتونس ومصر والجزائر و تمخض جبل تلك المفاوضات فولدا فارا مبتور الذيل اسمه اتفاقية الصخيرات !! ذلك المولود المشوه الذي لم يجد له لا اما ولا أبا ولكنه لا يزال يعبث وحده بمصير الليبيين والليبيات تحت إشراف الامم المتحدة. !!
و ما لم تتحرك الجماهير الليبية الغاضبة لكرامتها و تضع حدا لهذا الشذوذ الثوري وهذا الشذوذ السياسي فان الله وحدهيعلم الى اي منقلب ستنقلب ليبيا العزيزة.
اشتدي أزمة تنفرج … قد اذن ليلك بالبلج.
يارب بهم و بالهم … عجل بالنصر وبالفرج.
اللهم احفظ ليبيا و اهلها مما يدبر لها في الخفاء.
ابراهيم محمد الهنقاري
كاتب ليبي