خلال الثلاث سنوات الماضية «أتحفنا» لا بل «أدهشنا» الرئيس السيسي بكثير من الأفعال والأقوال الغريبة والعجيبة! إلى أن «احترنا واحتار دليلنا» هل هذه «التصريحات والإيـماءات.. والعبارات والمبالغات.. والشطحات والتأملات» التي يطلق عليها الكثيرون وصف «كاريزما!» إن جاز التعبير وأظنه لا يجوز!
هي «هبة ربانية» خصه بها الله؟ حتى لا نعترض على خلق الله، أم هي «إبداعات فردية» وقدرات شخصية؟ حتى ننصحه «لوجه لله» بتحسين أدائه التمثيلي في الأيام المقبلة، عل مؤشر مصداقيته يرتفع قليلا بدلا من انحداره الشديد هذا نحو طبقة الأرض السابعة.
وفي جولة سريعة (ومن الضروري أن تكون سريعة لأن كثيرها يؤدي حتما إلى مغص كلوي مزمن) لوصف «كاريزما» السيسي في الإعلام المصري «على ذمته!»، فقد أكد خبراء لغة الجسد أن السيسي «يتمتع بثبات انفعالي وثقة عالية في النفس وكاريزما منقطعة النظير تجمع بين البساطة والتلقائية والعفوية من جهة، والقوة والحزم من جهة أخرى والتي أودعت في رصيده حبا شعبيا جارفا» وحبذا لو أجري فعلا استطلاع في الشارع المصري لمعرفة مقدار هذا الحب! شريطة أن لا تكون نهايته شبيهة بنهاية الاستطلاع الذي أجراه المذيع أحمد موسى عن رغبة الشعب المصري في بقاء السيسي لفترة رئاسية جديدة؟ والذي انتهى بإغلاق المذيع لحسابه لوأد الفضيحة !
«رجل المرحلة القوي» بالتأكيد فليس من منكر بأن هذه المرحلة المأساوية في تاريخ مصر لم تكن لتحدث لولا قيادة السيسي القوية! « شبيه الراحل «جمال عبد الناصر» رغم اختلاف الزمان وتفاصيل المكان «فيه حاجة من ريحته»» الحمدلله أن «جمال عبدالناصر» لاقى وجه ربه قبل أن يسمع بهذه «النكتة» المبكية!
«عندما يتحدث يصمت الجميع» وكان الأحرى بهم أن يقولوا «عندما يتحدث يضحك الجميع!»، «نبرات صوته واختياره لمفرداته وطريقة نطقها تقطع بأنه شخصية عاطفية تراهن كثيرا على الوصول إلى قلوب الناس ربما بقدر أكبر من الوصول إلى عقولهم» اذن فالسبب في تأتأة السيسي هي البحث عن طريق للوصول إلى قلوب المصريين والذي على ما يبدو بأنه طريق طويل جدا وهذا ما يفـسر شـرود ذهـنه في كثـير من خطــاباته!
«شخصية قيادية تمتلك القدرة على التخطيط والترتيب كما أنه صارم وحاد ومتحد يجيد المراوغة والكتمان» ، «شخصية عسكرية مخابراتية يحسب خطواته وفقا لمواقيت ومعايير محدده موضوعه سلفا، وعلى استعداد دائما لإتخاذ قرارات مصيرية وهو ما تؤكده «لازمة» وضع قبضة يده على الأخرى والتي تتكرر غالبا في حواراته ولقاءاته» تفسير منطقي جدا للتمويه عن حركات يديه التي لا تدل أبدا عن شخصية مهـزوزة!
كان ذلك «غيضا من فيض» عن «الكاريزما السيساوية» منقطعة النظير أما عن قدراتها «الخارقة» الشبيهة بقدرات «سوبرمان» و«باتمان» والتي تمكنت من تحقيق معجزات لا وجود لها سوى على ألسنة «المطبلاتية»، فقد صرح «مصطفى بكري» ويا ليتك تعلم من هو «مصطفى بكري»! خلال استضافته في برنامج « مصر في ساعة» منذ سنة تقريبا «بأن كاريزما وشخصية عبد الفتاح السيسي كانت العامل المهم والرئيسي لنجاح المؤتمر الاقتصادي»، وعلى الرغم من إجماع خبراء الاقتصاد على فشل المؤتمر فشلا ذريعا! إلا انه يتوجب علينا تصديق «مصطفى بكري» وتكذيب سواه!
كما صرح الدكتور «محمد شاكر» وزير الكهرباء والطاقة : «إن الرئيس أبلى بلاء حسنا خلال زيارته إلى اليابان وكوريا الجنوبية حيث قدم فكرة جيدة عن الاستثمار في مصر بما لديه من «كاريزما» أدىتإلى توقيع 9 مذكرات تفاهم مع الجانب الياباني فيما يتعلق بالمحطات التـي تعمل بالفحم وما يتعلق بتقوية شبكة نقل الكهرباء وشبكات التوزيع»، والـحقيقة تـقال بـأن الـيابان كانت في حاجة ماسة فـعلا لأفـكار السـيسي النـيرة! وتصديقا لقوله لا يزال الشعب المصري حتى الآن يعاني من انقطاع التيار الكهربائي، ولا تزال المشكلة تضرب أطناب الجمهورية من شرقها إلى غربها!
وأما عن الدور الجبار الذي لعبته «الكاريزما السيساوية» في حل أزمة الجنيه الذي أودى به السيسي إلى غرفة الإنعاش أو بمعنى آخر «جابله الجلطه» ومن المحتمل أن لا تقوم له قائمة بعد اليوم، فقد صرح المذيع المصري «إلى ما بيكدبش أبدا!» تامر أمين قائلا :»السيسي ما دخلش بتؤله، الي حصل ده خيال، كل اللي عمله أنه قعد من ساعتين مع رئيس البنك المركزي « وحمر لهم عينه بس» وقالهم « ها وبعدين؟ « فالدولار نزل 2.5 جنيه، ولو واجه أزمة الدولار بنفسه احتمال الجنيه يبقى بـ 10 دولارات»! يا سلام، والسؤال هنا «طيب السيسي ما دخلش بتقله لحل أزمة الدولار حتى الآن ليه؟»، ربما ينتظر أن يحرق باقي الشعب المصري أنفسهم كما سكب مؤخرا أحد المواطنين البنزين على جسده وأضرم النار في نفسه أمام أحد النوادي التابعة للجيش،احتجاجا على غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار، ليتهمه الإعلام المصري فيما بعد بأنه مدمن ويتعاطى البانغو! كل هذا وذاك ليس من الأمر بأهمية، المهم في الأمر أن الشعب المصري علم أخيرا لماذا تدهور الاقتصاد إلى هذا الحد، ولماذا انخفض الجنيه المصري إلى هذا الحد ؟ وإذا عرف السبب بطل العجب والسبب هو «لسه ما دخلش بتؤله!».
لكل حاكم بوق وبوق السيسي ليس كمثله بوق! هذا ما عكسته شاشات الإعلام المصري التي ما فتئت تصفق وتتزلف لكل سقطات السيسي وتلبسها ثوب الإنجازات والنجاحات زورا وبهتانا! غير مكترثة بحال الشعب المصري البسيط الذي يدهسه قطار الفقر والفساد والبطالة وغلاء الأسعار كل يوم وساعة! ولا يجد أمامه سوى الأكاذيب والوعود الزائفة « مصر بخير» و«مصر أد الدنيا» بينما يبحث المصريون عن كيلو السكر فلا يجدونه!
كاتبة فلسطينية
سامية أنور دنون