عبر زعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي عن ثقته بالنصر في أول رسالة له بعد أن بدأت قوات عراقية تدعمها الولايات المتحدة هجوما لاستعادة الموصل أخر مدينة كبيرة تحت سيطرة جماعته في العراق.
ودعا أيضا مقاتلي الدولة الإسلامية لغزو تركيا.
وقال البغدادي في تسجيل صوتي مدته نحو 32 دقيقة ونشر أنصاره على الإنترنت يوم الخميس 3 نوفمبر 2016 «إن هذه المعركة المستعرة والحرب الشاملة والجهاد الكبير الذي تخوضه دولة الإسلام اليوم ما تزيدنا إن شاء الله إلا إيمانا ثابتا ويقينا راسخا بأن ذلك كله ما هو إلا تقدمة للنصر المكين وإرهاصا للفتح المبين الذي وعد الله عباده."
ولم يتسن التحقق من صحة التسجيل الصوتي الذي تبلغ مدته 31 دقيقة.
وكانت آخر رسالة صوتية للبغدادي في ديسمبر كانون الأول 2015 وطمأن فيها أتباع التنظيم وأنصاره بأن الضربات الجوية التي تنفذها روسيا والتحالف الذي تقوده أمريكا فشلت في إضعاف التنظيم في سوريا.
ودعا البغدادي وهو عراقي واسمه الحقيقي إبراهيم السامرائي أهل الموصل إلى قتال "أعداء الله".
وقال لمن سماهم "قوافل الاستشهاديين "حولوا ليل الكافرين نهارا وخربوا ديارهم دمارا واجعلوا دماءهم أنهارا."
ومعركة استعادة الموصل التي بدأت في 17 أكتوبر تشرين الأول بدعم جوي وبري من التحالف بقيادة أمريكيا تعد الأكبر في العراق منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في 2003.
وما زال 1.5 مليون شخص يعيشون في الموصل وهو عدد أكبر بكثير مما يوجد في أي مدينة أخرى استولى عليها تنظيم الدولة الإسلامية قبل عامين في العراق وسوريا.
وطلب البغدادي من مقاتلي الدولة الإسلامية أن يطلقوا " غضبهم" على القوات التركية التي تقاتلهم في سوريا ونقل المعركة إلى تركيا.
ودعا البغدادي أتباعه إلى شن هجمات في السعودية واستهداف قوات الأمن ومسؤولي الحكومة وأعضاء العائلة الحاكمة ووسائل الإعلام لمشاركتهم "أمم الكفر لحرب الإسلام والسنة في العراق والشام" وقال "أعيدوا عليهم الكرة تلو الكرة."
وقال زعيم تنظيم الدولة الإسلامية إن "الخلافة ما تعثرت" بمقتل بعض كبار قادة الدولة الإسلامية وخص بالذكر أبو محمد العدناني وأبو محمد الفرقان اللذين قتلا في وقت سابق هذا العام في ضربات جوية أمريكية.
وأضاف زعيم التنظيم الجهادي إن "ثمن بقائكم في أرضكم بعزّكم أهون بألف مرة من ثمن انسحابكم عنها بذلّكم".
وفي حزيران/يونيو العام 2014، شهدت الموصل في شمال العراق الظهور العلني الوحيد للبغدادي، والذي أعلن خلاله قيام دولة "الخلافة".
ويتراجع نفوذ تنظيم الدولة الإسلامية بشكل مطرد منذ العام الماضي، مع وصول القوات العراقية الأسبوع الحالي إلى مشارف آخر أهم معاقل الجهاديين في العراق.
وفي 17 تشرين الأول/أكتوبر، بدأت القوات العراقية مدعومة من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، عملية ضخمة لاستعادة السيطرة على الموصل.
ولم تتمكن وكالة فرانس برس من تأكيد صحة التسجيل على الفور، الذي نشر بعنوان "هذا ما وعدنا الله ورسوله"، إلا أن خبراء بالتنظيم الجهادي لم يشككوا به.
مهاجمة السعودية وتركيا
وبعدما دعا إلى مهاجمة السعودية لاتهامها بمحاولة "علمنة" البلاد والمشاركة العسكرية لمحاربة "أهل السنة في العراق والشام"، حض البغدادي الجهاديين على مهاجمة تركيا.
وقال "أيها الموحدون لقد دخلت تركيا اليوم في دائرة عملكم ومشروع جهادكم فاستعينوا بالله واغزوها واجعلوا أمنها فزعا ورخاءها هلعا، ثم أدرجوها في مناطق صراعكم الملتهبة"، معتبرا أن تركيا تسعى إلى "تحقيق مصالحها وأطماعها في شمال العراق وأطراف الشام".
وترغب تركيا في إشراكها بالهجوم ضد مدينة الموصل، ويتمركز مئات من الجنود الأتراك في قاعدة بعشيقة في منطقة الموصل رغم معارضة بغداد التي تعتبرهم "قوة احتلال".
وأعلن مسؤولون عسكريون أتراك الأربعاء 2 نوفمبر 2016 أن قافلة عسكرية تركية تضم حوالى ثلاثين آلية تنقل خصوصا دبابات وقطع مدفعية كانت الثلاثاء في طريقها الى منطقة قريبة من الحدود العراقية.
وكانت قوات مكافحة الارهاب تعمل الاربعاء على تنظيف بلدة قوقجلي المتاخمة للموصل بعد انسحاب الجهاديين منها، وتقوم بعمليات تفتيش داخل المنازل وبين المدنيين، تحسبا لاحتمال اختباء عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية.
وعلى الجبهات الأخرى لأكبر عملية عسكرية يشهدها العراق منذ سنوات، تقدمت قوات الجيش أيضا من المحور الشمالي لتصبح على بعد كيلومترين من الموصل، فيما لا تزال المسافة طويلة أمام قوات الرد السريع والشرطة الاتحادية الآتية من الجنوب.
وتلقى القوات العراقية دعما من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ومن مستشارين إيرانيين. وتعتبر الموصل آخر أكبر معاقل الجهاديين في العراق، بعد أن خسر تنظيم الدولة الاسلامية مساحات واسعة من الاراضي التي سيطر عليها في حزيران/يونيو 2014.
ويقدر عدد عناصر التنظيم بين أربعة وسبعة آلاف يقاتلون في الموصل ومحيطها، بينما تتألف القوات الاتحادية والكردية والفصائل المنضوية تحت قيادة الحكومة من عشرات آلاف العناصر.
ودفع التفوق العددي للقوات الحكومية تنظيم الدولة الإسلامية الى التركيز في مواجهاته على الانتحاريين وقذائف الهاون والأسلحة الخفيفة.
قلق على المدنيين
وتثير المعارك الجارية في الموصل قلق المنظمات الإنسانية على مصير أكثر من مليون مدني داخل المدينة.
والاربعاء اعتبر "المجلس النروجي للاجئين"، وهو منظمة غير حكومية، أن العراق يعيش اوقاتا صعبة مع تقدم القوات في الموصل واقتحام معقل الجهاديين المكتظ بالسكان.
وندد مجلس الامن الدولي الاربعاء باستخدام الجهاديين في الموصل المدنيين دروعا بشرية. وبعد مشاورات استمرت ثماني ساعات قال اعضاء المجلس ال 15 انهم "يدينون استخدام دروع بشرية" ويطلبون من الاطراف المتحاربة "اتخاذ كافة الاجراءات الممكنة للحفاظ على المدنيين".
وتدعو المنظمات الانسانية إلى فتح ممرات آمنة تتيح لآلاف المدنيين العالقين في الموصل الوصول إلى بر الأمان، في ظل توقعات بنزوح عشرات الآلاف مع احتدام المعارك المرتقب داخل المدينة.
وفر أكثر من عشرين ألف شخص من منازلهم تجاه المناطق التي تسيطر عليها الحكومة منذ بدء العمليات العسكرية في اتجاه الموصل في 17 تشرين الاول/اكتوبر، بحسب آخر إحصاء للمنظمة الدولية للهجرة.
لكن لا يزال هناك 1،5 مليون شخص عالقين في المنطقة بينهم أكثر من 600 ألف طفل، بحسب منظمة "سايف ذا تشيلدرن" (أنقذوا الاطفال).