الشتات سيد الموقف وروحه الاصيلة ..!
يبدو أننا بحاجة إلي مستعمر يطأ رقابنا ويدوس كبرياؤنا ويطمس عنطزتنا ويوحدنا في الذل والفقر والجراح، ويرسم لنا خطوط الحياة التي نستحقها منطقيا، ويفرض علينا الركون لطقوسها والتسليم لتغيراتها، ويقهر شراسة الضباع فينا ويحولنا إلي أرانب لنحيا في سياج واحد بسلام..!
لماذا .. حدث ما حدث ويحدث ..!
ستقولون .. ثورة فاشلة، وأعداء لا أخلاقيون، وخونة مستأجرون، وسلطويون عملاء فاسدون، وفي الحد الأدنى ستمارسون الهتاف بشعارات سطرها غيركم وحفظتموها ولم تحيوها، وترفعون أصواتكم بنشازات الوطنية الموهومة وتدعون الملائكية وأنتم ضالعون في الرغالية " نسبة إلي أبي رغال / تعرفونه جيداً " ومتلبسون بها، ومسربلون بالشيطنة ومجبلون على السلبية والتقهقر ومتورطون في الكراهية ومتخمون بها حد الثمالة..!
نعم ليبيا .. أرض وشعب هويته الشتات، ومصيره الفناء لأنه لا يستحق سواه، وأعجز من إرتياد الطهر واعتناق الحرية وتحمل مسئولياتها كما ينبغي..!
أثبت اللليبيون " بدون استثناء" فشلهم في اقتناء الوطن واعتناق الوطنية..!
لم يفق الليبيون بعد من سكرتهم الطويلة, ولم يتعلم سلطويو ما بعد فبراير الدرس التاريخي الذي تلقاه من قضوا عليه, وأوردوه التهلكة بعدما خط طريقها ورسم تفاصيلها بنفسه خلال سنوات طويلة امتدت من سنة 2006 م حتى نهايته في 2011 م, حينما استبسل في توطين الضغائن واقام للفساد اباطرة وحجب عنهم العقاب والذم واللوم والنقد، وجعلهم علية على الشعب اذلة في حضوره وعلى مائدته ومد الجسور في الظلام مع أوروبا وشخصن الوطن واحتكره..!
وها هو ميراث عقود عجاف نلوكه وتخزنا أشواكه وتنالنا شظاياه، فالازمة الليبية ليست ازمة سياسية بقدر ما هي ازمة أخلاقية- اجتماعية وكارثة مدنية نشترك جميعاً في ايقاعها بنا وبمن يرثنا على المدى القريب, فالليبيون اعتادوا على السلطة الريعية وادمنوا المؤسسات النجوعية, وأضحوا لا يملكون صبراً على تقديس الذوات والهتاف لأوهام أرادوها واقتنعوا بها واسلموا انفسهم لها دون قيد أو شرط, وأضحت لغة احتكارالوطن هي التخوين والإقصاء، وأضحى سلطويو الوطن تجار شنطة ومقاولون ومدراء مشاريع وقراصنة متخصصون بالنهب، وخُـسف بكل معاني الوطن في حضيض السياسة الملوثة بقناعات زيرية " نسبة إلي الزير", واعتاد الوطن كما اعتاد أهله المشتتون على بكاء جزء وزغاريد آخر, ومعاناة طرف لصالح كسب ورخاء الطرف الآخر..!
إننا ضحايا أنفسنا، ولولا جاهليتنا المقيتة وتعالينا الهش وعنطزتنا المريبة، ولولا كبرياؤنا المصطنع على الطاولة وتحت الأضواء وزحفنا المذل تحت الطاولة وفي الكواليس، ولولا أكاذيبنا وادعاءاتنا وهرطقاتنا وتقولاتنا لأستطنعا أن نرمم الوطن ونعود إلي أسس متينة وضعت لتشيد عليها دولة تحترم الإنسان وتدفع به إلي المدنية والتحضر بدل أن نرهنه لماض انتهى تملؤه الأوهام ويزينه السراب..!
يجب أن نتغير ونرتقي على المآسي ونستلهم الحلول، وينبغي أن نؤمن بحقيقة تساوينا وشراكتنا في الوطن ونقلع عن المفاضلة وإدعاء حيازة الوطن والحق والمسئولية، وأن يعرف من امتلكوا السلطة لعقود وتحولوا إلي سدنة للوطن أنهم سواء كغيرهم وليس لهم حق صناعة المستقبل أو صياغته وفق أهوائهم, بل يجب أن يتفهموا حقيقة التغيير الذي طالهم وطال سواهم، ويؤمنوا أن الوطن أكبر من الأشخاص وأطهر وأننا ملوثون بالضغائن..!
بقلم / عبدالواحد حركات