هو زلزال سياسي أميركي بكل ما للكلمة من معنى. دونالد ترامب، الرئيس الـ45 للولايات المتحدة. وهيلاري كلينتون، تنهي مشوارها السياسي، بحلمٍ لم يتحقق مرتين، لتبقى الرئيسة "المعلقة" التي لم تحصل عليها الولايات المتحدة يوماً. اما إرث باراك اوباما، فذهب في مهب العاصفة التي اجتاحت اميركا أمس. وحافظ الجمهوريون، على عكس المتوقع، بالأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب.
ورغم استطلاعات الرأي التي رجحت فوز كلينتون، وحملة التهويل من انتخابات مزورة، وخطابٍ مثير للقلق وغامض لمستقبل أميركا، تمكن "الشعبوي" دونالد ترامب، من الوصول إلى البيت الأبيض، مخترقاً جدار المنظومة السياسية، بسلاح أحلام قاعدة شعبية افتتنت بخطابه الداعي إلى التغيير.
مكامن الخلل، ومدى عمقه، ستكون تحت مجهر تحليل معمق سيدوم طويلاً، وكذلك الشريحة الشعبية التي رجحت فوز رجل الأعمال القادم إلى البيت الأبيض من أوساط المال وتلفزيون الواقع. اما اليوم، فتبقى الحصة الكبرى للصدمة التي أحدثها جنون ملياردير نيويوركي لم يحظ كثيراً بدعمِ حزبه، وتبرأت منه القاعدة السياسية والعسكرية والإعلامية الأميركية. ربما هناك ما يقال في الانتخابات الأميركية الحالية، ان ديموقراطيتها بقيت على حالها. لكن الشعب الأميركي تغير..وكثيراً.
وبدأ فوز ترامب، يلوح في الافق، مع حصوله على أصوات الولايات المتأرجحة، من فلوريدا، واوهايو، ومن ثم كارولينا الشمالية، بعد فوزه المبكر في كنتاكي وانديانا، ومن ثم كارولينا الجنوبية.
وحصد الملياردير الشعبوي دونالد ترامب عدداً من الولايات الاساسية في وقت مبكر، ما عزز آمال الجمهوريين بالعودة إلى البيت الابيض.
وفي المحصلة، فاز ترامب في إيداهو وكارولينا الشمالية ويوتا واوهايو وتكساس وفلوريدا واوكلاهوما ولويزيانا ونيوهامشير والاباما وميسيسيبي وجورجيا وكنساس واركنساس وتينيسي وكارولينا الجنوبية ونبراسكا وميزوري وفيرجينيا الغربية وويومينغ وجورجيا وانديانا وايوا وكنتاكي ومونتانا وداكوتا الجنوبية وبنسيلفانيا.
أما كلينتون ففازت في كولورادو وكونيتيكت وديلاوير وهاواي وإيلينوي وميريلاند وماساتشوستس ونيفادا ونيوجيرزي ونيويورك ونيومكسيكو واوريغون ورود ايلاند وفيرمونت وفرجينيا وواشنطن العاصمة وواشنطن الولاية ومقاطعة كولومبيا.
سوق المال تهتز
وأحدث اقتراب فوز ترامب، هزة في سوق المال المحلية والعالمية، إذ انخفضت الاسواق الاميركية اكثر من خمسة في المئة، فيما سجلت اسواق المال العالمية تراجعا حادا مع اقترابه من جمع الاصوات اللازمة للفوز بالبيت الابيض، اذ خسرت بورصة طوكيو اكثر من 5%، في حين انهار سعر العملة المكسيكية الى مستوى تاريخي امام الدولار الذي تهاوى بدوره امام الين واليورو.
اما العملة المكسيكية فتدهورت الى مستوى تاريخي غير مسبوق امام الدولار ليبلغ سعر الدولار الواحد اكثر من 20 بيزو.
بدوره تهاوى الدولار امام الين واليورو اذ خسرت العملة الخضراء 3,8 في المئة من قيمتها امام العملة اليابانية (101,47 ينا للدولار) بينما تراجعت امام اليورو بنسبة اثنين في المئة.
وكان المستثمرون يعولون على فوز كلينتون التي يرون فيها ضمانة للاستقرار مقابل المخاطر الكبيرة التي يمكن ان تترتب على فوز منافسها الجمهوري الشعبوي دونالد ترامب.
وقرابة الساعة 22،30 بتوقيت نيويورك، تراجعت العقود الآجلة على مؤشر داو جونز حوالى 757 نقطة قبل ان تتقلص الخسائر بعض الشيء.
اما مؤشر ستاندرد اند بورز 500 فكانت خسائره اكبر وبلغت 4,5 في المئة (96,75 نقطة).
وارتفع الذهب أكثر من خمسة في المئة الى 1،337 دولارا للأونصة مع تزايد احتمالات فوز دونالد ترامب.
وتراجعت أسعار النفط بشكل حاد صباح اليوم في آسيا نتيجة لرد فعل المستثمرين ازاء النتائج الأولى للانتخابات الرئاسية الاميركية التي اشارت الى احتمال فوز ترامب على منافسته.
وعند نحو الساعة 02،30 ت غ، تراجع سعر برميل النفط الخام الخفيف تسليم كانون الاول بمقدار 1،67 دولار إلى 43،31 دولارا في التعاملات الالكترونية في آسيا.
اما خام برنت المرجعي تسليم كانون الثاني ، فتراجع 1،46 دولار إلى 44،58 دولار.
مجلس الشيوخ ومجلس النواب
ولم تقتصر الانتخابات الأميركية على اختيار خلفٍ للرئيس باراك أوباما، بل شملت أيضاً تجديد الكونغرس واختيار حكام للولايات وعشرات آلاف المسؤولين المحليين.
ووفق النتائج، حافظ نواب الحزب الجمهوري، على الأغلبية في مقاعد مجلس النواب، البالغ عددها 435 مقعداً، في الانتخابات التي أجريت بالتوازي مع انتخابات الرئاسة الأميركية، وتقدموا في انتخابات التجديد في مجلس الشيوخ، بحسب ما أفادت وسائل إعلام أميركية.
وحصل الجمهوريون على 48 مقعداً في مجلس الشيوخ، فيما حصل الديموقراطيون على 47.
بالنسبة إلى عدد النواب، فأحرز الجمهوريون أيضاً تقدماً على الديموقراطيين، حيث فاز 223 نائب جمهوري مقابل 160 ديموقراطي.
أما من حيث عدد حكام الولايات، ففاز الجمهوريون بفارق كبير، 32 حاكم، مقابل 14 حاكم للديموقراطيين.
وفي السياق، أعيد انتخاب المرشح السابق للانتخابات التمهيدية لدى الجمهوريين إلى البيت الأبيض، ماركو روبيو، نائباً عن ولاية فلوريدا، بحسب ما أعلنته وسائل إعلام أميركية.
كذلك، أعيد انتخاب السياسي الجمهوري بول رايان من قبل ناخبي ولاية ويسكونسن، ليصبح بذلك في موقف يؤهله للبقاء رئيساً لمجلس النواب.
ولم تكن الانتخابات هادئة، إذ وصفت بالأسوأ في تاريخ الانتخابات الرئاسية الأميركية، إذ سادتها بعض العقبات أبرزها إغلاق مركز للاقتراع في جنوب كاليفورنيا بعد مقتل شخصين وإصابة ثلاثة بالرصاص، عقب إطلاق نار بالقرب من مركز انتخابي في الولاية.
وهيمن تعطل آلات التصويت على شكاوى الناخبين في بنسلفانيا وأريزونا ونيويورك ونورث كارولاينا وفرجينيا.
إلى ذلك، رفض القضاء الفيدرالي طلب الديموقراطيين تمديد فترة التصويت في ولاية كولورادو، وأعلن المجلس الانتخابي لولاية كارولينا الشمالية تمديد فترة التصويت في ثمان دوائر انتخابية بمقاطعة دورهام إثر أعطال أصابت أجهزة الاقتراع.
وتحدّث ناخبون وجماعات للحقوق المدنية عن طوابير طويلة وحالات فردية لتعطّل معدات وبعض المضايقات في مراكز الاقتراع، لكن المخاوف من أعمال عنف على نطاق واسع لم تجد ما يعززها.
ورصدت جماعات للحقوق المدنية مستويات غير معتادة من شكاوى ترويع الناخبين، إذ تلقّت نحو 35 ألف اتصال عبر خط ساخن للشكوى على مستوى الولايات المتحدة.