يا لوقاحة الغرب ويا لجهله السقيم الغارق في استشراق عميان.
قرأت عن الفايننشال تايمز بالرأي اليوم مقالا بعنوان “التقسيم هو الحل الأمثل في سورية”. حيث يريد كاتب المقال لإحلال السلام في سوريا إعطاء دولة للعلويين في الشمال، ودولة (امارة) للسنيين في مكان ما اخر. في كل الأحوال يقترح كاتب المقال الخروج من مأزق سورية من خلال تقسيمها علي حسب اختلافاتها الاثنية والعرقية.
توقفت امام المقال متسائلة، كيف يقتل الجهل ويهدم. جهل الغرب في قضايانا. في اختلافاتنا وتشابهنا. في أثنيتنا حتى واعراقنا. ليس مصادفة ان أحد المرشحين في الجولات السابقة للرئاسة الامريكية لم يعرف ما هي حلب عند سؤاله من قبل مقدم برامج.
إذا ما راجعنا ازمة سورية منذ اندلاعها حتى اللحظة. نجد بأننا لسنا بصدد حرب أهلية لا من قريب او بعيد. في كل مرة تتم محاولة اثارة الاختلافات الاثنية تجد الناس غير مكترثين حتى. تكاد لا تميز المسلم السني من العلوي والشيعي والإسماعيلي او الدرزي، من المسيحي وحتى الكردي عندما تتحدث عن سورية.
من يحارب ضد سورية في داخل سورية ليسوا سوريين. باستثناء الجيش النظامي السوري. كل من يعيث في سورية خرابا هم مرتزقة تم استئجارهم من قبل دول كأمريكا والسعودية وغيرها تحت أسماء فرق وشيع تحث على الفرقة والحروب الاثنية. حتى هذه اللحظة من حرب الإبادة على سورية لم نسمع عن سوري يقتل سوري بسبب دينه او اثنيته او عرقه. قد يكون السوريون المعارضون للنظام وقعوا في فخاخ نصبتها لهم الدول المتصارعة على إبادة دولتهم. الا ان الكلمة الفصل في صراع السوريين كانت ولا تزال بين المعارضة والنظام. ومن يتقاتل على الأرض تحت اسم المعارضة ليسوا الا زمر داعش واخوانها من مرتزقة أوروبا وامريكا وإسرائيل والسعودية سوريا التي تتدمر وتحرق ولقد تشرد شعبها في ارجاء المعمورة هي خطيئة العالم الكولونيالي الحديث ممثلا بأمريكا التي اعجبتها تجربة القاعدة وتناسخت في داعش والنصرة وغيرها. لعبة مكشوفة، المأساة فيها خنوعنا واستسلامنا وتسليمنا بها كأمة عربية لا تستخلص العبر حتى من الماضي القريب ولا تكترث للحاضر المأساوي الذي ينهال عليها من كل اتجاه. لم يبق في هذه الامة ما نسميه امة. صار يوحد العرب ما يفرقهم بين اثنيات وفرق وأحزاب. أصبح ما يريده العربي وطنا هو قبيلته وفرقته ولا يأبه برمي كل من يأتي وراءه الى الطوفان.
يريدون تقسيم سورية لحقن دم لا يمت للسني ولا العلوي ولا الشيعي ولا المسيحي ولا الأرمني ولا الكردي …… بصلة. يريدون توزيعنا على امارات مفتعلة همجية على حسب اهوائهم ويقرون بإرجاعنا الى قرون الى الوراء حولوها بسبب تفاهاتنا ورجعيتنا الى ازمان سلبتنا حتى ارواحنا القاطنة بذلك الزمن البعيد.
سوريا، التي تنزف الآن ويتقادم الضباع في حراك متزاحم لافتراسها هي نفسها التي أخرجت للكون حضارات وثقافات لا يزال العقل الحديث يكتشفها ويتغنى بها. سورية التي عاش بها الفلسطيني اللاجئ كسوري في الحياة العامة وبين اقرانه، في وقت لا يزال اللاجئ الفلسطيني يعيش كانسان في درجة تالية في معظم الدول العربية الأخرى.
بينما تحترق حلب وتشتعل بنيران الامبريالية والاستعمار والخيانة شوارعها ومبانيها، لم نسمع ان سوريا مسلما سنيا او علويا، لم نر كرديا ولا مسيحيا يقاتل سوريا من اجل اثنيته او دينه. فكيف يكون الحل الأمريكي السحري بتقسيم سورية الى امارات؟ يريدون سودانا جديدة وليبيا وعراق تتابع فيها سورية بداخل الخارطة الجديدة لما كان وطنا عربيا. الا يكفيهم الدمار والشتات والتشرد الذي أصاب السوريون عنوة بلا ذنب لهم …كما العراقيون ….انهم أبناء حضارات لم يهزمها التاريخ , فأتى عليها يوم جاءت هزيمتهم من قلب الجهل المتفشي بين العربان والغربان . حلم بخلافات وامارات، وبيع لأوهام ونشوات كاذبة لاستعادة تاريخ كان العار به، هو وجود أمثال أولئك الذين يجروننا الى الوراء ويسحقون بنا شعوبا وافرادا الى هاويات التاريخ.
نقع في شراك الغرب ونتلهث نحو حلولهم , ونشتري اوهامهم , ونستنشق فيما بيننا سمومهم , نتجرعها ,ثم نتساءل لم نتهالك ومم نتألم. ثم نسب عليهم ونقول يا ويلنا ………
يا ويلنا ويا ويلهم ………
خطيئتنا في أفغانستان والعراق وليبيا ,اغرقتنا في وحل عارنا سورية اكثر.
كما الخطيئة السابقة اللاحقة المستمرة في فلسطين.
يا ويلنا ……….فلقد استفحلت فينا الخطيئة ولم نعد نميز عارنا من خطاياهم بنا ..
نادية عصام حرحش