حركة (فارك FARC) الكولومبية أنهت إثنتين و خمسين سنة من الصراع مع الحكومة الكولومبية يوم أمس. مجيء رئيس واعٍ بمصلحة بلاده قبل مصالح الدول الكبرى و على رأسها (أمريكا) و هو الرئيس (سانتوس) أسهم بشكل مباشر في حل كارثة الصراع مع حركة (فارك.) وضع الرئيس الوطني (سانتوس) شعبه أمام خيارين؛ إما السلام مع حركة (فارك) و إما الإستمرار في الصراع الذي يكلف (كولومبيا) سنوياً أكثر من نصف مليار دولار. أمريكا تعيش على مثل هذه الصراعات في العالم و تتغذى عليها كالبعوض.
في (الفلبين) وضع الرئيس الوطني الواعي (رودريغو ديوتيرتي) هو الآخر حداًّ لأصابع (أمريكا) في بلاده و بقايا إحتلالها لها بشن حملة ممنهجة للقضاء على الفساد و المافيا و المجرمين و تجار المخدرات. حاربته (أمريكا) منذ اليوم الأول لأنها تعتبر نفسها وصية على (الفلبين) و غيرها. كانت ردة فعل الرئيس (ديوتيرتي) أنْ شتم رئيس الدولة العظمى و طلب منها الإهتمام بشؤونها و أنْ لا تتدخل في شؤون بلاده. بل إنه فعل أكثر من ذلك أعلن الثورة على الزواج السياسي الكاثوليكي مع (أمريكا) لمدة مائة و عشرين سنة و طلقها بالثلاث و يمم وجهه شطر الصين و الهند و اليابان و قال لأمريكا “موتر بغيظكم.”
الإتفاق الكولومبي أيضاً لا يروق لأمريكا لأنها مستفيدة من إستمراره. على الأقل من حيث بيع السلاح للحكومة و ابتزازها و استنزاف ثرواتها. ألم يئن للعرب أن يفعلوا ما فعلوه الكولومبيون و ينهوا الإقتتال الطائفي الذي لا تستفيد منه سوى (أمريكا) و “إسرائيل؟” أو أنْ يفعلوا ما فعله (ديوتيرتي) و ييمموا شطر الصين و الهند و اليابان و يقولو لأمريكا “موتوا بغيظكم.”
أ.د. علي الهيل
أستاذ جامعي و كاتب قطري