يؤدي رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز زيارة تفقد واطلاع لولايتي "تكانت" و"أدرار" في شهر نوفمبر الجاري، استكمالا لجولته التفقدية في ربوع الوطن، التحاما بالمواطنين، واطلاعا على أحوالهم، مباشرة دون وسيط أو وسائط.. لم يكن اختيار شهر نوفمبر لزيارة ولايتين من أكثر الولايات حضورا في السجل الذهبي من تاريخ البلاد، والذاكرة الجمعية للشعب الموريتاني، مصادفة أو اعتباطيا، بقدر تم عن دراية وسبق "إصرار" إن جاز التعبير..
سيسير الموكب الرئاسي على خطى حوافر خيول المجاهدين التي مايزال صدى حمحمتها يتردد بين أسوار قلعة تجكجة التي لم تصمد طويلا أمام ضربات رفاق ولد مولاي الزين، مرورا بالرشيد حيث اضطر الاستعمار لاستخدام المدافع الثقيلة لأول مرة في موريتانيا، ومنها إلى انيملان مربط جواد المجاهد ولد الحامد، وصولا إلى المجرية و"اكليب سيدي أحمد" الذي ما يزال شاهدا على فظاعة الاحتلال وسنوات الجمر التي عاشتها المدينة وساكنتها..
في تكانت كما في آدرار لكل حبة رمل حكاية خاصة، ولكل واحة نخيل قصة مع الشموخ والكبرياء، ولكل جبل رواية نقشتها السنون على صخوره الصلدة، التي تعلم منها الساكنة صلابة في العود، وقوة في الإرادة، وعزيمة لا تلين.
هنا يقف رئيس الجمهورية على أضرحة المجاهدين والأولياء وعامة الناس ممن أورثونا هذه الأرض، وأمجادهم التليدة، يحيي ذكراهم التي طواها النسيان أو كاد بسبب سياسات الإهمال التي أدمنتها الأنظمة المتعاقبة على أرض روتها دماء الشهداء من أقصاها إلى أقصاها..
ينفض الرئيس الموريتاني الغبار عن جزء من تاريخ وطن ما كان له أن يكون لولا تضحيات الرعيل الأول من المقاومين بشقيهم المسلح والثقافي، يتتبع خطاهم بين كدى تجكجة وجبال أطار، يبعث أمجادهم التليدة، ويحفظ لهم مكانتهم السامقة في النفوس والقلوب..
تأتي زيارة تكانت اليوم التي ستشفع بزيارة لولاية آدرار نهاية الشهر الجاري لتندرج في هذا الإطار، إحياء لسنة درج عليها الرئيس محمد ولد عبد العزيز منذ استلامه مقاليد السلطة قبل 8 سنوات فيها أغيث الناس وفيها يعصرون..
سنة إحياء أمجاد أمة وتاريخ وطن، يراد له أن لايكون..
من ولاية تكانت التي شهدت أروع الملاحم البطولية في تاريخ المقاومة، وعلى أديمها الطاهر يرقد أبو بكر ابن عامر، يدشن ولد عبد العزيز حقبة جديدة من مسيرة هذا البلد، على خطى المجاهدين، والعلماء، والفاتحين في شهر نوفمبر شهر الخير والحرث والنماء والاستقلال.. ثأرا للشهداء، وانتصارا للكرامة، وذودا عن حياض أمة...
سيدي محمد ولد ابه